جاءت دعوة "برلمان طبرق" الجيش المصري إلى التدخل في ليبيا، ضد قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بحسب بيان صدر فجر الثلاثاء، لتسكب البنزين على نار الحرب المشتعلة في الجارة الغربية لمصر.
ودعا برلمان طبرق رئيس الانقلاب
المصري عبدالفتاح السيسي إلى "تظافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر، بما
يضمن دحر المحتل الغازي، ويحفظ أمننا القومي المشترك، ويحقق الأمن والاستقرار في
بلادنا"، وفق تعبيره.
وأكد البيان أن "للقوات المسلحة
المصرية حق التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، إذا رأت أن هناك خطرا داهما
وشيكا يطال أمن بلدينا".
ذلك البيان يأتي في ظل تغير المشهد
الليبي على الأرض، حيث توالت مؤخرا خسائر جبهة خليفة حفتر المدعومة من مصر
والإمارات والسعودية وفرنسا وروسيا، فيما حققت حكومة الوفاق الشرعية بقيادة فائز
السراج وبدعم تركي انتصارات متتالية.
وفي 20 حزيران/ يونيو الماضي، وإثر خسائر
حفتر، لوح السيسي، باستخدام الجيش المصري في ليبيا للدفاع عن أمن مصر القومي،
وألمح إلى إمكانية تسليح القبائل في شرق ليبيا لمواجهة قوات الوفاق، فيما أطلق قبل
أيام مناورات عسكرية برية وبحرية وجوية قرب الحدود الليبية.
"سابق لأوانه"
وزير الدولة لشؤون الإعلام النائب
السابق بمجلس النواب الحالي، أسامة هيكل، أكد لـ"عربي21"، أن الحديث عن
تلبية مصر دعوة برلمان طبرق أمر يخص وزارة الخارجية أكثر من غيرها، مضيفا أن "تأكيد
دور البرلمان في الموافقة على هذا القرار أمر سابق لأوانه".
من جانبه، قال الخبير المصري اللواء
محمد صادق، إن "تدخل مصر عسكريا في الملف الليبي يتوافق مع الأعراف والقوانين
الدولية التي تبيح لها الدفاع عن أمنها القومي وحدودها السياسية والذي قد يمتد
أيضا خارج تلك الحدود".
اقرأ أيضا: برلمان طبرق يعلن تأييده تدخل الجيش المصري في ليبيا
وأشار صادق في حديثه
لـ"عربي21"، إلى أن "برلمان طبرق هو صاحب الشرعية الممثل للشعب
الليبي ويملك حق القرار؛ وهو من منح الجيش المصري هذا التفويض"، معتقدا أن
"حكومة فائز السراج فقدت شرعيتها واتفاق الصخيرات نفسه قد انتهى"، وفق
قوله.
وأضاف أن "ما نستغربه في مصر هو
صمت المجتمع الدولي عن التواجد التركي بأرض ليبيا إلا بعض التحركات الفرنسية التي
لم ترق لمستوى القرار بفرض عقوبات"، لافتا إلى أن "التواجد التركي هدفه
الأول الجيش المصري الوحيد المتماسك بالمنطقة، بعد انهيار جيوش العراق
وسوريا".
وتابع: "بناء على شرعية دولية
تسمح لمصر بدخول ليبيا عسكريا، وبناء على طلب رسمي من برلمان طبرق؛ فإن لمصر حق
التدخل"، مشيرا إلى أن "المخاوف من هذا التدخل على الجيش المصري موجودة
ومحمودة، وأن الأمر ليس سهلا".
وأوضح أن "السيسي نفسه حريص على
ذلك، وقدم مبادرة سلام، وتحذيرات شفهية، وأطلق مناورات عسكرية قرب الحدود الليبية؛
وجميعها بهدف تقليل احتمالات الصدام المسلح مع تركيا بليبيا، ولعل المجتمع الدولي
يتحرك ويوقف تلك المهزلة"، وفق قوله.
وحول فرص تفوق الجيش المصري على
التركي في أي مواجهات محتملة، أكد أن "جيش مصر الأول عربيا وأفريقيا وترتيبه
العاشر عالميا، وأن موازين القوى وعامل الأرض ومعاونة القبائل الليبية جميعها تلعب
لصالح مصر".
"نهاية المتآمرين"
وعلى الجانب الآخر، يعتقد السياسي
المصري الدكتور جمال حشمت، أن "هناك مخططا وسيناريو موضوعا كله مخالف للأوضاع
الرسمية -المعترف بها دوليا- في ليبيا؛ ما يؤكد أن هناك تخطيطا بالانقلاب على
حكومة شرعية".
البرلماني المصري السابق، أكد
لـ"عربي21"، أن واضعي هذا المخطط والسيناريو، من الدول الإقليمية
"يستخدمون أقذر من فيهم، ومن تسمح سمعته وتاريخه له بلعب هذا الدور؛ وهو قائد
الانقلاب العسكري في مصر".
وأضاف أن من يخططون لمشهد الانقلاب
في ليبيا "خالفوا قرارات دولية بتصدير السلاح إلى منقلبين لا يعترف بهم
المجتمع الدولي، ولم يمنع فرنسا أو روسيا أو الإمارات ومن خلفها السعودية من
الاستمرار بخططها".
اقرأ أيضا: صحيفة: مركز عمليات فرنسي قبالة سرت لدعم حفتر عسكريا
وقال حشمت: "ولعل في تصريح
برلمان حفتر –واستدعائه السيسي- كلمة السر"، متوقعا من جانبه لأي خطوة عسكرية
في ليبيا "فشلا وفضيحة كبيرة لن تحقق لهم هدفهم"، مؤكدا أن "الخاسر
هو شعب ليبيا وثرواته وسيادته على أرضه".
وأضاف: "وقد فعلها من قبل
السيسي، عندما انقلب على الرئيس محمد مرسي منتصف العام 2013، ولم يقف بجواره أحد
من أسباب الدنيا وأراد الله ذلك كي نستفيق وينفضح هؤلاء المدعون وسطنا"،
مؤكدا أن "نزهة ليبيا ستكون نهاية المتآمرين الانقلابيين".
"توريط مصر لصالح إسرائيل"
محللون ومتابعون عبر مواقع التواصل
الاجتماعي، رأوا أن دعوة نواب طبرق الداعم لحفتر الجيش المصري للتدخل في ليبيا
سبقه دعوة وزير الخارجية التركي لقوات حفتر بتسليم سرت والجفرة والتهديد بمعركة
قريبة، متوقعين أن تكون المواجهة "المصرية-التركية" قريبة.
ورأى البعض أن تلك الخطوة لا تعني
سوى توريط الجيشين المصري والتركي لكسر شوكتهما باعتبارهما أقوى جيوش المنطقة،
مشيرين إلى أن توريط الجيش المصري لا يخدم سوى إسرائيل الخائفة من سقوط السيسي
وتولي آخر معاديا لها.
وعلى الجانب الآخر، وعبر موقع
"تويتر"، قال الصحفي المقرب من الجيش مصطفى بكري، إن "القاهرة سعت
إلي الحل السياسي بإعلان القاهرة إلا أن تركيا تصر على غزو سرت والجفرة والمليشيات
تهدد بالوصول إلى سيدي براني".
وأكد أنه "أمر يلزم مصر بحماية
أمنها القومي، كما قال السيسي: تركيا تلعب بالنار وأردوغان يصر على العدوان، وإذا
ما قرر المضي في هذا الطريق فمصر ستلقنه درسا لن ينسى".
"عربي21"، توجهت لعدد من البرلمانيين المصريين بالتساؤل: "هل تكفي دعوة برلمان طبرق للجيش المصري وتفويض السيسي للتدخل بشكل رسمي عسكريا في ليبيا؟"، وأيضا: "هل يحتاج أي تحرك في هذا الإطار إلى تصديق من البرلمان؟"، إلا أن المتحدث باسم البرلمان النائب صلاح حسب الله، ورئيس اللجنة التشريعية بهاء أبوشقة، واللواء النائب سعد الجمال، والنائب تيسر مطر، جميعهم رفضوا الحديث عن الأمر، دون إبداء أسباب.
وفد من قبائل شرق ليبيا لمصر قريبا.. هل يطلب تدخلا عسكريا؟
السيسي يلوح بتدخل عسكري بليبيا.. ما احتمالات التنفيذ؟
مصدر بالوفاق لـ عربي21: نرفض دعوة مصر عقد اجتماع حول ليبيا