ملفات وتقارير

هل تنتهي خلافات مصر وإثيوبيا حول المياه بحل سياسي؟

فشلت مفاوضات سد النهضة خلال الأيام الماضية- جيتي

فشلت المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان برئاسة وزراء الري بالبلدان الثلاثة، في الوصول لحلول مرضية وعادلة حول القضايا الخلافية بشأن سد النهضة، حسب بيانين لوزارتي الري السودانية والمصرية، الأربعاء.

وتمثلت نقاط الخلافات حول الجوانب القانونية بشأن مدى إلزامية الاتفاق، وآلية حل النزاعات، وعدم ربط الاتفاق بأي اتفاقيات أخرى، باعتبار أن الاتفاق الحالي يفترض أن يتعلق بملء وتشغيل السد، وليس تقاسم حصص المياه بين الدول الثلاث، حسب البيان السوداني.

ووفق هذا الموقف، طلب الوفد السوداني إحالة الملفات الخلافية لرؤساء وزراء الدول الثلاثة للوصول لتوافق سياسي بشأنها، بما يوفر الإرادة السياسية التي تسمح باستئناف المفاوضات سريعا، فيما أكد بيان وزارة الري المصرية، أن مفاوضات الفترة الماضية لم تحقق تقدما يذكر، بسبب المواقف الإثيوبية المتعنتة على الجانبين الفني والقانوني، موجها الشكر للموقف السوداني.

وأضافت أن إثيوبيا رفضت إبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل لقواعد إرشادية يمكن لها تعديلها بشكل منفرد، وسعت للحصول على حق مطلق بإقامة مشروعات بأعالي النيل الأزرق، ورفض تضمين الاتفاق آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات، أو إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف.


"رفض إثيوبي ثم تراجع"

وفي تعليقه على القضية، أكد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،  هاني رسلان، أنه حتى هذه النقطة رفضها الجانب الإثيوبي، موضحا أن مصر أعلنت رفض أديس أبابا رفع الملف لرؤساء الحكومات.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار رسلان إلى تراجع إثيوبي، مؤكدا أنها "عادت مساء الأربعاء، وأصدرت بيانا تركت فيه الباب مواربا للعودة إلى التفاوض، مع تمسكها بما تقول إنه مبدأ السيادة".

وفي إجابته عن سؤال حول ما إن كانت القضية أخذت منحى السياسة أكثر من النواحي القانونية والفنية، قال رسلان، إن "الخلافات القانونية تتلخص في أن إثيوبيا ترفض إضفاء الطابع القانوني على أي اتفاق، ولا يمكن تجاوز ذلك إلا عبر القيادة السياسية؛ بحجة أن الوفد المفاوض له صلاحيات معينة لا يمكن تجاوزها".

وعن مناشدة ترامب لأطراف الملف، الأربعاء، وهل يمكن أن تقود إثيوبيا للتوقيع على "وثيقة واشنطن"، أكد الخبير المصري أن "الأمريكيين طالبوا أديس أبابا بتوقيع اتفاق عادل قبل التوجه إلى الملء، ولم يأتوا على ذكر وثيقة واشنطن".

وكان رسلان وصف بيان وزارة المياه الإثيوبية، الأربعاء، بأنه "يترك الباب مواربا أمام استمرار التفاوض، وأشار إلى أن وفد الخرطوم سوف يلتمس التوجيه من رئيس وزراء السودان".

وأكد عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "هذا يختلف عما جاء بالبيان المصري من أن إثيوبيا رفضت رفع الأمر لرؤساء الحكومات"، متوقعا وجود تراجع إثيوبي بهذه النقطة".

 

اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي يرجح فشل السيسي في حل أزمة سد النهضة


"سياسي بامتياز"

ويعتقد الخبير المصري بمجال الإدارة والتخطيط، هاني سليمان، أن "الموضوع في الأصل سياسي بامتياز"، موضحا أن "سد النهضة كان يمكن أن يقام بمواقع إثيوبية كثيرة مختلفة، وعلى أنهار أخرى متعددة تزخر بها إثيوبيا، أقرب للعاصمة ووسط البلاد تسهل نقل الكهرباء للبلاد، وهو الهدف المعلن لبناء السد".

وأضاف: "لكن الواقع يقول إن سد النهضة يبعد عن أديس أبابا 1200 كيلومتر، و20 كيلومترا من حدود السودان الجنوبية؛ ما يعني تكلفة كبيرة جدا لمد الكهرباء للداخل الإثيوبي، وتأثيرا كبيرا على حجم المياه الواصلة للسودان ومصر".

وتساءل سليمان: "إذن فلماذا بني السد بهذا الموقع بالذات؟"، مجيبا: "البعض يقول إنها قد تكون مؤامرة لجر مصر إلى حرب مع إثيوبيا يستنزف فيها الجيش المصري، الذي سيضطر لقطع المسافة الطويلة حتى موقع السد".

ويرى أنها "حرب قد تكون بلا منتصر ولا مهزوم، ولكن فقط توريط الجيش المصري بحرب طويلة تؤثر على قدراته وكفاءته، كما حدث بحرب اليمن التي استمرت لسنوات، وخسرت فيها مصر أفراد بجيشها ومعداته وأسلحته، واستنزفت مصادرها الاقتصادية وغطاؤها من الذهب".

وتابع: "قد يكون من الأفضل فعلا أن يدرك رجال السياسة هذا الشأن، ويعملوا على تداركه بكل الوسائل، وبأفضل الطرق الممكنة لكل الأطراف، مع الاستعداد على تحمل بعض الخسائر، أو تقديم التنازلات من كافة الأطراف".

"فني وقانوني"

من جانبه، يرى الباحث والمحلل السياسي محمد حامد، أن "طلب السودان بإحالة الملف للقيادة السياسية بالدول الثلاث محاولة أخيرة للوصول لحل".

وقال لـ"عربي21"، إن "الخلاف ليس سياسيا، لكنه قانوني في المقام الأول، وفني في طريقة التخزين، وحول الرغبة الإثيوبية لبناء سدود جديدة مستقبلا.

وحول القواعد التي من المحتمل أن تحكم تفاهمات القادة السياسيين، وهل هي اتفاقية 2015، يعتقد حامد "ألا تكون هناك مفاوضات سياسية بين القيادات السياسية للدول الثلاث؛ لأن إثيوبيا رفضت بالفعل هذا المقترح".

ويتوقع "ذهاب مصر لمجلس الأمن بهدف إبراء الذمة وإشهاد الجميع على التعنت الإثيوبي، أو ذهاب إثيوبيا للتوقيع على وثيقة واشنطن، والكف عن ممارسة التعنت، لأن القاهرة لا تريد سوى توقع أديس أبابا على وثيقة واشنطن وفقط".