أثار رفع الناشط الأمريكي من أصول مصرية، محمد سلطان، دعوى قضائية ضد حازم الببلاوي وآخربن متهما إياهم بـ"استهدافه بغرض القتل وارتكاب أعمال تعذيب بحقه" موجة من التفاعل وسط النشطاء والحقوقيين المصريين.
ونظرا لأن حازم الببلاوي رئيس وزراء مصر الأسبق، ويشغل حاليا منصب مدير تنفيذي بصندوق النقد الدولي، ويعيش في الولايات المتحدة، ما أتاح لسلطان فرصة ذهبية برفع دعوى مدنية ضده، حيث يسمح القانون الفيدرالي لحماية ضحايا التعذيب، برفع دعوى قضائية للتعويض بجرائم التعذيب والقتل خارج القانون التي ارتكبها مسؤولون أجانب بدول أخرى.
ودعوى سلطان المقدمة لمحكمة أمريكية مرفوعة أيضا ضد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، ورئيس مخابراته عباس كامل، و3 قيادات شرطية؛ بسبب ما تعرض له من تعذيب إبان اعتقاله بمصر لنحو عامين.
وكان "الإفلات من العقاب"، خاصة لمن ينتسبون للنخبة الحاكمة أو العاملين بالجيش والشرطة والقضاء، سمة عامة للنظام المصري على مدار العقود الماضية.
اقرأ أيضا: محمد سلطان يقاضي رئيس وزراء مصر الأسبق في أمريكا
وترسخ هذا النهج على يد عبد الفتاح السيسي، والذي عبر عنه في فيديو مسرب نُشر عام 2013، قبل انقلابه على السلطة المدنية، وكان يشغل منصب وزير الدفاع حينها: "الضابط اللي هيضرب قنابل غاز وخرطوش، وحد يموت أو يحصله حاجة في عينه مش هيتحاكم، والمتظاهرون أدركوا ذلك".
مقولة السيسي طبقت بحذافيرها خلال الأعوام الستة الماضية، حيث لم يشهد القضاء المصري خلالها محاكمة حقيقية لأي معتد أو مذنب من النخبة الحاكمة، ما أدى لاستمرار نزيف الانتهاكات.
وتشير الانتهاكات المتزايدة في عهد النظام الحالي إلى شعور بالأمان من المحاسبة والمحاكمة، لكن دعوى سلطان حركت ما يبدو في أذهان المصريين أكثر حضورا من أن الانتهاك والاعتداء والتعذيب لا يسقط بالتقادم، وحتى إن تم ذلك عبر محاكم غير مصرية.
واعتبر النشطاء دعوى محمد سلطان خطوة في طريق محاسبة جلادي النظام، وأنها نموذج يمكن لنشطاء مصريين بالخارج السير على خطاه برفع دعاوى مشابهة ضد ممارسي التعذيب.
والمطالبة بمحاسبة المسؤولين في مصر كانت إحدى مطالب ثورة "يناير" 2011، حينما دعا الثوار لمحاسبة نظام الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك ورموزه، لكن "الدولة العميقة" لجأت إلى محاكمات صورية أجهضت المحاسبة الفعلية لرموز النظام.
وعلا صوت المطالبة بالمحاسبة مجددا على مواقع التواصل الاجتماعي بين النشطاء والحقوقيين والصفحات المتابعة لانتهاكات النظام، ودشنوا وسم #ممكن_تتحاسب.
وأكدوا أن مطلب المصريين إبان الثورة كان بسيطا وهو "العيش، الحرية، العدالة الاجتماعية، الكرامة الإنسانية"، لكن النظام قابل "السلمية بدم وقتل حرق".
صفحة "صوت الزنزانة" دعت للمحاسبة، وأكدت أنها يجب أن تكون مطلبا أساسيا لكل ضحية حتى تعاد إليه كرامته وتتحقق العدالة ممن تورط في تعذيب أو قتل بريء.
اقرأ أيضا: هذا ما قاله بعض من فوضوا السيسي بعد 7 سنوات من انقلابه
ودعمت الصحفية هبة زكريا قضية سلطان، مؤكدة أنه لا بد أن يأتي يوم ويحاسب فيه جميع "المجرمين"، وأن خطوة سلطان هي شوط ليس بقليل في ذلك الطريق، مشيرة إلى أنه لا يصح أن يُقتل المصريون يوميا بالتعذيب والإهمال والفقر والمرض ثم "نضن على أنفسنا حتى بحق المحاولة في محاسبة المجرمين".
ومع خطوة سلطان مطلع هذا الشهر، تبلورت صور "المحاسبة" أكثر لدى النشطاء والحقوقيين، الذين أعادوا نشر العديد من الانتهاكات التي تمت منذ ثورة 2011، مرورا بمجازر 2013 وما تلاها، وصولا إلى انتهاكات السجون وأمن الدولة.
وأكد النشطاء أن المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب هي الضمانة الوحيدة لعدم تكرار المجازر والانتهاكات في حق المواطنين، وأن هدف المحاسبة هو تحقيق العدالة، وتلك الأخيرة ليست قضية سياسية أو أيدولوجية.
ونرصد هنا بعضا من دعوات المحاسبة التي تداولها حقوقيون ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع التعليقات على قضية محمد سلطان ضد الببلاوي..
عقيلة صالح في القاهرة للقاء حفتر بعد هزيمة ترهونة
وسم "ارحل يا سيسي" يتصدر مجددا مواقع التواصل بمصر
آخرهم "قاتل سوزان تميم".. جدل بعد عفو السيسي عن "مجرمين"