صحافة دولية

MEE: صفقة أمريكية إيرانية أوصلت الكاظمي لرئاسة الحكومة

شغل الكاظمي منصب رئيس جهاز المخابرات قبل اختياره رئيسا للوزراء- الأناضول

كشف موقع "ميدل إيست آي" عن صفقة بين الولايات المتحدة وإيران، أفضت إلى تنصيب مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء في العراق.

 

ونقل الموقع في تقرير للصحفي المعروف دافيد هيرست، عن مسؤولين عراقيين، قولهم إن طهران أوعزت إلى الفصائل الشيعية بمساندة رئيس الوزراء، مقابل أن تغض واشنطن الطرف عن تحرير الأموال المستهدفة بالعقوبات.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، فإن مصادر عراقية ذكرت أن سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في ممارسة "أقصى الضغوط" على إيران لن تتغير، إلا أنها وافقت على خفض التصعيد العسكري في الخليج، وعلى غض الطرف فيما لو قام طرف ثالث في أوروبا بإطلاق بعض الأموال الإيرانية التي جمدت عندما بدأ تطبيق العقوبات.

وكان زعيم كتائب حزب الله الموالية لإيران، أبو علي العسكري، قال في الرابع من آذار/ مارس إن ترشيح الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء كان بمثابة "إعلان حرب على الشعب العراقي".

 

كما عارضت عدد من المليشيات الشيعية الأخرى، وعدد من الزعماء السياسيين بشكل صاخب ترشيح الكاظمي للمنصب، ومع ذلك فقد حظيت حكومته الأسبوع الماضي بدعم الأغلبية داخل البرلمان العراقي، وتمت إجازتها. 

وتاليا الترجمة الكاملة للتقرير:

 

صرحت مصادر سياسية عراقية كبيرة لموقع "ميدل إيست آي" بأن ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس وزراء العراق جاء نتيجة لمقايضة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث وافقت طهران على دعم رئيس المخابرات السابق مقابل إطلاق بعض من الأموال المستهدفة بالعقوبات. 

وقالت المصادر العراقية إن سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في ممارسة "أقصى الضغوط" على إيران لن تتغير، إلا أن الولايات المتحدة وافقت على خفض التصعيد العسكري في الخليج، وعلى غض الطرف فيما لو قامت دولة طرف ثالث في أوروبا بإطلاق بعض الأموال الإيرانية التي جمدت عندما بدأ تطبيق العقوبات.

وكان زعيم كتائب حزب الله الموالية لإيران، أبو علي العسكري، قد قال في الرابع من مارس/ آذار إن ترشيح الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء كان بمثابة "إعلان حرب على الشعب العراقي".

فقد اتهم العسكري الكاظمي بالضلوع في هجمات الطائرات المسيرة الأمريكية، التي نجم عنها مقتل الجنرال الإيراني الكبير قاسم سليماني وزعيم المليشيا المتنفذ أبو مهدي المهندس، وهي التهمة التي نفتها بشكل صريح دائرة المخابرات العراقية. 

كما عارض عدد من المليشيات الشيعية الأخرى وعدد من الزعماء السياسيين بشكل صاخب ترشيح كاظمي للمنصب، ومع ذلك فقد حظيت حكومته الأسبوع الماضي بدعم الأغلبية داخل البرلمان العراقي وتمت إجازتها. 

ومع أن كتائب حزب الله استمرت في تهديد الكاظمي بشكل شخصي، إلا أن الفصائل السياسية الشيعية الأخرى الموالية لإيران سمحت بترشيحه للمنصب. 

تقول المصادر العراقية إن صفقة تم إبرامها وراء الكواليس بين واشنطن وطهران، الأمر الذي يفسر التراجع المفاجئ في الموقف، حيث وافقت إيران على ممارسة ضغط على الفصائل الشيعية التي تخضع لها، مقابل رفع بعض القيود المفروضة عليها بسبب العقوبات الأمريكية الصارمة، وذلك بالسماح بتحرير بعض الأموال المجمدة في أوروبا. 

ورفضت المصادر العراقية الإفصاح عن المواقع التي سيتم فيها تحرير الأموال الإيرانية، لكنها أشارت إلى حكم صدر عن محكمة في لوكسمبورغ، الشهر الماضي، قضى بقطع الطريق على طلب تقدمت به الولايات المتحدة بتحويل 1.6 مليار دولار من الأموال الإيرانية إلى ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر في قضية تعود إلى عام 2012. 

توجد الأموال الإيرانية في غرفة مقاصة مقرها لوكسمبورغ، اسمها كلير ستريم، وتعود ملكيتها إلى دويتش بويرس. وحينها أشاد الرئيس الإيراني حسن روحاني بقرار المحكمة، قائلا إن بلاده حققت نصرا قانونيا بشأن الأموال التي كانت قد جمدت في لوكسمبورغ بناء على طلب من واشنطن. 

وقال مصدر مطلع على تفاصيل الصفقة السرية: "لقد تمكن الأمريكان من تنصيب رجلهم، وتمكن الإيرانيون من الحصول على أموالهم".

وأضاف: "لقد تضرر الإيرانيون بشكل بالغ بسبب الأزمة الاقتصادية التي واجهوها، والمصاعب التي لقوها بعد اغتيال قاسم سليماني. ثم جرت مفاوضات، وانتهت الصفقة بتقبل الإيرانيين لذلك الشخص (كاظمي)، فأوعزوا إلى حلفائهم بأن يصوتوا له."

خفض التوترات في الخليج
وكان قد طلب من الكاظمي في شهر نيسان/ أبريل تشكيل الحكومة، بعد إخفاق محاولات تنصيب محمد توفيق علاوي في البداية، ثم عدنان الزرفي رئيسا للوزراء، وذلك عقب استقالة عادل عبد المهدي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر؛ بسبب قتل المحتجين على يد قوات الأمن العراقية. 

وكان مصدر رفيع المستوى في طهران قد قال في تصريح لموقع ميدل إيست آي، في شهر آذار/ مارس، بأن الولايات المتحدة وافقت على منح إعفاءات تسمح بموجبها لبعض البلدان بالإفراج عن الأموال الإيرانية، دون مواجهة إجراءات عقابية، وذلك بهدف مساعدة إيران؛ حتى تتمكن من شراء المواد الطبية اللازمة لمكافحة تفشي وباء فيروس كورونا.

وقال: "تمخضت جهود بعض البلدان عن الإفراج عن بعض أموال البنك المركزي الإيراني. سوف يتم منح هذه البلدان إعفاءات من العقوبات (التي كان يمكن أن تفرض عليها بسبب الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة)، وقد تم فعلا منح ذلك، ونحن نتابع الأمر".

وأضاف: "من شأن الإفراج عن أموال البنك المركزي الإيراني تخفيف الضغط الناجم عن عدم توفر العملات الأجنبية المطلوبة لاستيراد الاحتياجات الطبية والضرورات المعيشية".

حينها أنكر المصدر الإيراني إبرام صفقة رسمية بين طهران وواشنطن، كما أنكرت ذلك وزارة الخارجية الأمريكية. 

وتقول المصادر الإيرانية إن الاتفاق الحالي كان قد سبقه اتفاق مشابه، حينما تم دعم تنصيب نوري المالكي رئيسا للوزراء لفترة ثانية من قبل واشنطن وطهران معا، وذلك بعد تسعة شهور من الصراع السياسي الذي تبع فوز كتلة العراقية في انتخابات عام 2010. 

وتقول المصادر إن سحب الولايات المتحدة لصواريخ باتريوت من المملكة العربية السعودية في الأسبوع الماضي، وتخفيض التوترات العسكرية في منطقة الخليج، إنما جاء ضمن الصفقة المبرمة مع طهران. 

وقال المصدر: "ونتيجة لذلك، من أجل تخفيض التوتر في الخليج، تم سحب الباتريوت. والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة وافقت على إعطاء الضوء الأخضر للسماح لأوروبا بالإفراج عن بعض الأموال المجمدة وتسليمها للإيرانيين. لن تعارض الولايات المتحدة الإفراج عن بعض الأموال المجمدة. ولسوف يغضون الطرف عن ذلك".

سجل حافل
لدى الكاظمي سجل حافل من العمل مع أجهزة المخابرات الأمريكية، يعود إلى ارتباطه بأحمد الجلبي، السياسي العراقي الراحل الذي زود الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بتقارير كاذبة عن امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل قبل غزو العراق في عام 2003. 

كان الكاظمي، واسمه الحقيقي مصطفى عبد اللطيف، يعمل محررا في موقع "المونيتور" الإخباري، عندما عين رئيسا لجهاز المخابرات في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي. 

وفي عام 2018، حضر لقاء في واشنطن مع مايك بومبيو، الذي كان حينها رئيس المخابرات الأمريكية (السي آي إيه)، بوجود خالد بن علي الحميدان، رئيس المخابرات السعودية، لمناقشة الإجراءات المطلوبة لدعم ترشيح العبادي في مواجهة المرشحين المدعومين من قبل إيران. ولكن ذلك المسعى مني بالفشل.

اتصل موقع "ميدل إيست آي" مرارا بمكتب الكاظمي للحصول على تعليق حول التقرير، لكن لم تحظ مكالماتنا بأي رد. 

وكانت بعض وسائل الإعلام العربية قد علقت على احتمال إبرام صفقة بين الولايات المتحدة وإيران حول الكاظمي. 

ومن ذلك ما ورد في صحيفة "القدس العربي"، التي تصدر في لندن من أن موافقة  البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة أمر هام، لكنها موافقة حسمها إبرام صفقة بين إيران والولايات المتحدة، وأن تلك الصفقة هي التي فتحت الطريق أمام موافقة البرلمانيين عليها، ثم موافقة المنطقة والعالم.

أما صحيفة "العرب" التي تصدر أيضا في لندن، فكتب فيها إبراهيم الزبيدي يقول: "وكما رأيتم وترون، قد اتفقت على تمريره في البرلمان، وكأن شيئا لم يكن، فقط حين صدرت إليها الأوامر والتعليمات الأخيرة من سفارة الولي الفقيه في بغداد، أو من سفارة العم دونالد ترامب. أليس هذا نوعا من أنواع مسرح اللامعقول؟"

تم الترحيب بترشيح الكاظمي علانية في كل من واشنطن وطهران. 

ففي إيران، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران "سوف تقف مع الحكومة بكل قوتها؛ لمساعدتها على التقدم وتحقيق الاستقرار" وذلك بحسب بيان نشره موقع وزارة الخارجية الإيرانية. 

في تلك الأثناء، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الشهر الماضي، عن تفاصيل حوار استراتيجي مقترح مع الحكومة العراقية، من المفروض أن يتم في شهر حزيران/ يونيو . وقال بومبيو إن "جميع القضايا الاستراتيجية" ستكون مطروحة على أجندة المحادثات. 

ولكن المسؤولين في واشنطن وطهران قللوا من شأن التقارير التي تحدثت عن صفقة بين البلدين حول العراق. 

ووصف ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية التقارير التي تحدثت عن ذلك بأنها "سخيفة". 

وقال المتحدث في تصريح لموقع "ميدل إيست آي": "نحن نحترم سيادة العراق، ولطالما حثثنا إيران على أن تفعل الشيء ذاته، وعلى أن توقف تدخلاتها في شؤونهم الداخلية".

لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على طلب التعليق، إلا أن مسؤولا إيرانيا تواصل مع "ميدل إيست آي"، وقال إنه لم يسمع بوجود أي صفقة، ووصف الأمر بأنه "غير محتمل". 

ما يثير الانتباه أن أول مكالمة تلقاها الكاظمي بعد ترشيحه كانت من ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، الذي طلب من رئيس الوزراء العراقي إعادة إطلاق الوساطة مع إيران، بحسب ما صرحت به المصادر. 

على الرغم من أن محمد بن سلمان سيعتبر الكاظمي أقرب إليه من أي مرشح آخر، إلا أن إعادة فتح الحوار بين واشنطن وطهران لا تعدّ من الناحية الاستراتيجية أخبارا سارة بالنسبة للمملكة العربية السعودية.

 

يذكر أن المفاوضات السرية التي أجرتها سلطنة عمان من أجل إطلاق سراح سجين أمريكي في إيران تمخضت في النهاية عن صفقة النووي بين إيران والولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما. 

إضافة إلى قرار الولايات المتحدة الأحادي سحب صواريخ الباتريوت التي تقوم على تشغيلها بنفسها، يتعرض ولي العهد السعودي إلى ضغوط أمريكية جديدة لإنهاء الحصار المفروض على قطر منذ ثلاثة أعوام. وفي هذا السبيل، بعث أمير دولة الكويت أحد وزرائه إلى قطر لإعادة إطلاق جهود الوساطة. 

قال أحد المسؤولين العراقيين: "بينما سوف ينسب ترامب الفضل لسياساته المتمثلة بممارسة أقصى الضغوط على إيران، إلا أن سياسة الولايات المتحدة في الخليج، والحملة السعودية في اليمن، التي لم يعد بالإمكان تحمل استمرارها، والضغوط على إيران، تكشف جميعا عن أن القوى الثلاث في مأزق. وهذا أمر يحتاج السعوديون لأن يفكروا فيه، إذ ثمة احتمال بأن تنهار استراتيجية الولايات المتحدة باستمرار الضغط على إيران. ولن يمانع ترامب في التفاوض مع إيران على صفقة نووي جديدة طالما أنها تحمل اسمه".

وأضاف المسؤول العراقي إن ذلك قد يفضي إلى مفاوضات ينتج عنها مزيد من الاتفاقات بين واشنطن وطهران. 

 

للاطلاع على النص الأصلي (هنا)