صحافة دولية

FP: كتائب حزب الله في العراق تتصرف كقوة احتلال

هل تستطيع الدولة في العراق كبح جماح الفصائل المسلحة؟ - أ ف ب

قالت الصحفية شيلي كيتلسن في تقرير أعدته لموقع "فورين بوليسي" إن السلطات العراقية بدأت تحقق بعض المكاسب للحد من تأثير جماعة تدعمها إيران وهي كتائب حزب الله العراقية، والتي تتصرف كقوة احتلال على الأرض.

وقالت الصحفية المختصة بشأن الشرق الأوسط وأفغانستان إن الجماعة وبعد أشهر من مقتل زعيم الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بدأت تفقد بعض النفوذ والتأثير في داخل العراق، بحسب ما ترجمته "عربي21".

وقالت إن هنالك جهودا حكومية تجري لدمج فصائل في الحشد الشعبي في داخل الجيش العراقي وجعلها تحت إمرته،  ولو استطاعت الحكومة العراقية الجديدة عمل هذا فقد تؤدي إلى تخفيف قوة الفصائل المسلحة ذات العلاقة المشبوهة مع إيران.

وتشير إلى نشوء الحشد الشعبي عام 2014 بفتوى من المرجعية الدينية آية الله علي السيستاني لحماية المزارات الشيعية ضد تنظيم الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الفصائل التي انضمت إليه كانت موجودة قبله بزمن وكانت تحصل على دعم من الحرس الثوري الإيراني.

 وفي 23 نيسان/إبريل تم الإعلان عن ضم أربعة من الفرق التي أوكلت لها مهمة حماية المزارات مباشرة تحت إدارة مكتب رئيس الوزراء. وهو قرار نظر إليه كمحاولة لإبعاد فصائل تشكل 100 ألف مقاتل عن تأثير كتائب حزب الله التي تدعمها إيران. كما أن بعض الذين انضموا إلى الحشد كانت لديهم خبرة عسكرية مسبقة كقائد لواء علي الأكبر علي الحمداني الذي خدم في سلاح الجو.

وكذا تم ضم خدمة مكافحة الإرهاب إلى مكتب رئيس الوزراء والتي لعبت دورا مهما في محاربة تنظيم الدولة. وطالما اتهمتها الفصائل المؤيدة لإيران بالعلاقة مع الولايات المتحدة.

وواصلت واشنطن وإن بشكل سري دعم هذه الوحدات حتى بعد تعليقها مؤقتا التدريب والمشورة لوحدات الجيش الأخرى وقرار البرلمان العراقي سحب القوات الأمريكية بعد مقتل المهندس وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري.

 وقال ضباط في الجيش العراقي وخدمة مكافحة الإرهاب إن سحب التحالف قواته من العراق سيحرم قوة مكافحة الإرهاب من المعلومات الأمنية التي تعد أساسا لمحاربة تنظيم الدولة.

وتعد كتائب حزب الله واحدة من الجماعات الناشطة في العراق وتعتبر خطرا على محاولات الحكومة العراقية السيطرة على البلاد وحكمها بطريقة الدولة الكلاسيكية، أي ممارسة القوة واحتكارها داخل أراضيها، فهناك الكثير من هذه الفصائل تسيطر على مناطق في البلاد لا يسمح للمسؤولين العراقيين دخولها.

 

اقرأ أيضا: مستشرق إسرائيلي: تسرعنا بالحديث عن انسحاب إيراني من سوريا

 وفي الوقت الذي تم فيه دمج عدد من فرق كتائب حزب في الجيش العراقي ضمن فصائل الحشد التي تحصل على الرواتب إلا أن عددا من مقاتليها يواصلون عبور الحدود الإيرانية والسورية.

 وتعرضت وحدتان من كتائب حزب الله التي دمجت في الجيش العراقي لغارات جوية أمريكية في القائم، غرب العراق وقتل فيها 23 مقاتلا، وهو ما قاد للهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد وتبعته الغارة التي قتلت سليماني والمهندس بداية هذا العام.

وتقول كيتلسن إن قلة من العراقيين عبروا عن استعداد للحديث عن كتائب حزب الله أو هيكلها التنظيمي. وقال أحد المتطوعين الإعلاميين مع الحشد الشعبي إن الكتائب تريد أن يبقى الوضع كما هو.

وكان المهندس، نائب قائد الحشد أيضا، وأقنع عددا من الفرق السنية المسلحة للتعاون معه في الحرب ضد تنظيم الدولة. ومن بين هؤلاء يزن الجبوري، من مدينة صلاح الدين والذي قابلته الصحفية في بغداد في آذار/ مارس الماضي وقال إنه رغم علاقته القريبة مع المهندس إلا أن كتائب حزب الله ظلت تبدو له "كشبح".

ولا يخفى على أحد أن هنالك توترا بين الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران والمخابرات العراقية بسبب السرية التي تتبعها هذه الجماعات، ووصل بها الأمر أحيانا إلى تهديد رئيس البرلمان، الحلبوسي، ورئيس المخابرات مصطفى الكاظمي الذي أصبح رئيسا للوزراء.

 وعارضت الكتائب تعيين الكاظمي واتهمته بالضلوع في مقتل المهندس وسليماني من خلال تقديم معلومات للولايات المتحدة.

وحتى مع وصول الكاظمي إلى رئاسة الوزراء لا تزال الكتائب تحتل بلدة جرف الصخر في محافظة بابل بذريعة حماية كربلاء من هجوم محتمل ينفذه تنظيم الدولة. وغير اسم البلدة من جرف الصخر إلى جرف النصر مع أن معظم سكانها باتوا نازحين بالأنبار ولا يزالون يحملون اسم بلدهم.

 ولا تزال الكتائب تمنع سكانها السنة من العودة إليها. وعندما سألت الكاتبة عن كيفية الحصول على إذن لدخولها كان الجواب: "لا أحد يسمح له بالدخول إلى هناك".

وفي مقابلة مع الحلبوسي عام 2018 عبر عن اعتقاده بأن الأشخاص الذين اختفوا من حاجز الرزازة قد يكونون في البلدة لأنه لا أحد يسمح له بدخولها سوى كتائب حزب الله.

ويبدو أن الجماعة سيطرت على منطقة بالمنطقة الخضراء قرب مكتب رئيس الوزراء الذي نفى ذلك. وعلق المحلل مايكل نايتس في تغريدة قال فيها: "لا تحتاج كتائب حزب الله لانتظار إذن مكتب رئيس الوزراء بل تقوم باحتلالها والحفاظ عليها".

 

اقرأ أيضا: ما حقيقة إنشاء قاعدة إيرانية بالعراق قرب السعودية والأردن؟

وأخبر الجبوري الكاتبة أن المهندس استطاع السيطرة على معظم الجماعات المرتبطة بإيران، ويخشى الآن أن أحدا لن يسيطر عليها بعد رحيله.

ويقول إن جماعة من الحشد اسمها سرايا الخراساني خرجت من مدينة صلاح الدين بعدما طلبوا من المهندس التدخل لأن المقاتلين التابعين للمجموعة كان يعاملون السكان السنة بطريقة القوة المحتلة.

ولا تحظى الكتائب بدعم واسع على الأرض في بغداد أو الجنوب. وكما في أي منطقة تعاني من مستويات عالية من البطالة والفقر فهناك أرضية خصبة لتجنيد الشباب من أي جهة لديها المال.

ونقلت الكاتبة عن عدد من الساسة العراقيين أثناء تغطيتها الاحتجاجات أن هذه الجماعات بحاجة للدخول بالسياسة كي تتخلى عن السلاح وتتنافس بطرق أخرى. إلا أن قادة الكتائب رفضوا مقايضة السلاح بالتمثيل البرلماني ورفضوا مغادرة المناطق التي يسيطرون عليها لأن وجودهم فيها لم يعد ضروريا أو تهديدا للاستقرار.

وقال الحلبوسي الذي كان محافظا للأنبار قبل تعيينه رئيسا للبرلمان إنه كان يريد شكر المهندس للدور الذي لعبته كتائب الحشد ضد تنظيم الدولة إلا أنه يدعو لمغادرتها من المناطق ذات الغالبية السنية لأن وجودهم لم يعد ضروريا ويتسبب بمشاكل للسكان.

 وتقول الكاتبة إنها شهدت شكاوى السكان من الجماعات الشيعية التي صادرت الأراضي وتمارس التهريب الذي أثر على الأسواق المحلية والشباب الذين اختفوا ووجهت الاتهامات وقتها لكتائب حزب الله.

وتنشط الكتائب في ديالا قرب الحدود مع إيران التي تعبرها بشكل متزايد، من أجل تهريب السلاح والمقاتلين. وترى الكاتبة أن وصول الكاظمي إلى رئاسة الوزراء رغم معارضة كتائب حزب الله له يشير إلى تراجع دورها وتأثيرها.