كتاب عربي 21

تراجع إيرادات العلاج الخاص المصري بسبب كورونا

1300x600

تشير البيانات الإحصائية الرسمية لعام 2018 لبلوغ عدد المستشفيات الخاصة المصرية 1157 مستشفى، مقابل 691 مستشفى حكوميا، إلا أن عدد الأسرّة في المستشفيات الخاصة البالغ 35 ألف سرير يمثل نسبة 27 في المئة من إجمالى عدد أسرة المستشفيات المصرية، مقابل 96 ألف سرير في المستشفيات الحكومية.

وكذلك تتواجد نسبة 76 في المئة من الأطباء البشريين في المستشفيات الحكومية مقابل نسبة 24 في المئة بالمستشفيات الخاصة، كما تتواجد نسبة 10 في المئة من عدد أفراد التمريض في المستشفيات الخاصة، مقابل نسبة 90 في المئة بالمستشفيات الحكومية.

كما تشير الإحصاءات لبلوغ عدد المترددين على العيادات الخارجية بالمستشفيات الحكومية 91 مليون مريض، بنسبة 77 في المئة من الإجمالى، مقابل 27 مليون مريض ترددوا على المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة، بنسبة 23 في المئة من المتردين على العيادات الخارجية، إلا أن تلك الإحصاءات لا تشمل عدد المترددين على العيادات الخاصة للأطباء.

فإذا كان هناك حوالي 121 ألف طبيب بشرى، بخلاف 23 ألف طبيب أسنان في مصر، فقد اعتاد معظم الأطباء على العمل بعياداتهم الخاصة، بجانب عملهم في المستشفيات الحكومية أو المستشفيات الخاصة. بل إن بعضهم له أكثر من عيادة في أكثر من مكان يقوم بالعمل فيها. ومن هنا يذكر بعض الأطباء أن نسبة 70 في المئة من المرضى يفضلون العلاج الخاص بسبب نقص الإمكانات داخل المستشفيات الحكومية.

القطاع الخاص يتفوق بالعيادات الداخلية

إلا أنه إذا كان عدد المترددين على المستشفيات الحكومية العامة والمركزية والمتخصصة قد بلغ 91 مليون شخص، فلم تذكر الإحصاءات أيضا عدد المترددين على 5107 وحدة علاجية حكومية أخرى، تتضمن 4383 وحدة صحية ريفية، و374 مركزا طبيا للأسرة و143 مركز رعاية للطفل في الحضر و113 مركزا حضريا، مما يجعل المقارنة بينهما غير محسومة خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة عدد السكان في الريف عن الحضر مع تركز المستشفيات والعيادات الخاصة في الحضر.

أما عدد المترددين على العيادات الداخلية الذين يقيمون لفترة في المستشفيات لتلقي العلاج، فقد تفوق نصيب مستشفيات القطاع الخاص بنسبة 58 في المئة بنصيب 3.4 مليون شخص، مقابل 42 في المئة للمستشفيات الحكومية بنصيب 2.4 مليون شخص.

والصورة الذهنية عن العلاج الخاص ليست جيدة لدى كثير من المصريين، بسبب ارتفاع التكاليف، سواء في المستشفيات أو في العيادات الخاصة، والتي أصبحت قيمة الفحص الطبي في بعضها تتراوح بين 400 جنيه وحتى 1500 جنيه، في بلد بلغ فيه الحد الأدنى للأجور بالحكومة بعد رفعه مؤخرا؛ ألفي جنيه، كما أن بعض العيادات الخاصة تطلب الحجز المسبق للفحص فيها لعدة أسابيع وربما لأكثر من شهر لدى البعض.

ورغم صدور قرار لرئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب، في تموز/ يوليو 2016، بقيام المستشفيات الخاصة بتقديم خدمات الطوارئ والحوادث لمدة 48 ساعة مجانا مع تحمل الدولة التكاليف، إلا أن القرار لم يجد صدى لديها، مثلما حدث مع القانون الذي صدر منذ عام 1981 والذي ينص على قيام المستشفيات والعيادات الخاصة بإعلان أسعار خدماتها والفحص فيها، ولكن لم يجد استجابة.

تدني نصيب الجنوب من العلاج الخاص

وبسبب الغرض الاستثماري للكثير من المستشفيات الخاصة، يتركز تواجدها في المراكز الحضرية الرئيسية. فمن بين إجمالى عدد المستشفيات الخاصة البالغ 1157 مستشفى، توجد نسبة 24 في المئة منها في القاهرة و12 في المئة بالدقهلية و11 في المئة بالجيزة و9 في المئة بالإسكندرية لتستحوذ المحافظات الأربع على نسبة 56 في المئة من الإجمالي.

وبينما يوجد 280 مستشفى خاصا في القاهرة، توجد سبعة مسشفيات خاصة فقط في محافظة الأقصر، وثمانية مستشفيات خاصة فقط في محافظة الفيوم، وعشرة في محافظة أسوان، و16 في محافظة بني سويف، و18 في محافظة المنيا، وبما يشير لتدني نصيب محافظات الجنوب بصعيد مصر، والتي ترتفع بها نسب الفقر، من مستشفيات العلاج الخاص، وإن كان يقابل ذلك وجود عدد من المستوصفات والعيادات الخاصة التي ليس فيها عيادات داخلية.

ويتكرر استحواذ العواصم الحضرية في عدد الأسرة لمستشفيات القطاع الخاص، حيث تستحوذ القاهرة على نسبة 24 في المئة من الإجمالي، والإسكندرية 12 في المئة، والجيزة 11 في المئة، والدقهلية 6 في المئة، والقليوبية 6 في المئة، لتستحوذ المحافظات الخمس على نسبة 60 في المئة من عدد الأسرّة.

وإذا كان هناك 8445 سريرا في المستشفيات الخاصة في القاهرة وحدها، فإن عدد الأسرة في المستشفيات الخاصة في محافظة الفيوم يصل 272 سريرا، وفي محافظة المنيا 445 سريرا، وفي محافظة بني سويف 455 سريرا، وفي محافظة قنا 487 سريرا.

ونظرا لكثافة التواجد في المراكز الحضرية، فهناك علاقات مشبوهة بين عدد من الأطباء وبعض الإعلاميين، سواء في الفضائيات أو في الصحف للترويج لهؤلاء مستفيدين من حالة الأمية الطبية، مما يزيد من معدلات التواجد في عيادات هؤلاء بالمقارنة مع أقرانهم الذين قد يكونون أكثر كفاءة منهم طبيا لكنهم يفتقدون للشهرة، خاصة مع غياب دليل طبي من قبل نقابة الأطباء أو غيرها للتعرف على الأطباء في التخصصات المختلفة حسب كفاءتهم العلمية، مع حرص الكثيرين على استمرار تلك الحالة العشوائية لضمان استمرار المكاسب وقوائم الحجز المسبق للفحص.

منع المستشفيات الخاصة من التعامل مع كورونا

ويتكرر التركز في أسرة العناية المركزة في المستشفيات الخاصة، بوجود 23 في المئة منها بالقاهرة، و22 في المئة بالإسكندرية و9 في المئة بالجيزة، ليصل نصيب المحافظات الثلاثة 54 في المئة من الإجمالى البالغ 3470 سريرا. فإذا كان هناك 802 سرير عناية مركزة في القاهرة، فهناك 27 سريرا بمحافظة الفيوم، و29 في محافظة بني سويف و49 سرير عناية مركزة في محافظة قنا.

 ونفس التركز في عدد حاضنات الأطفال المبتسرين البالغ 3131 حضانة، حيث تستحوذ محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة على نسبة 53 في المئة منها. فإذا كان هناك 693 حاضنة في القاهرة، فهناك 18 حاضنة في الفيوم و30 في قنا و33 حاضنة بمحافظة بني سويف.

ويشير التوزيع النسبي لعدد المترددين على العيادات الخارجية في المستشفيات الخاصة، إلى استحواذ أقسام الاستقبال والطوارئ على نسبة 14 في المئة، وأقسام الباطنية العامة 11 في المئة، والعيون 9 في المئة، والنساء والولادة 9 في المئة والأطفال 8 في المئة، والأنف والأذن والحنجرة 7 في المئة، تليها جراحة العظام والأسنان والجراحة العامة.

ومع ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورنا بمصر في الرابع عشر من شباط/ فبراير الماضي، حرصت وزارة الصحة على استبعاد المستشفيات الخاصة من إجراء أية تحليلات تتعلق بفيروس كورنا أو تشخيص أي حالات مرضية، لتستأثر بذلك المستشفيات الحكومية. وفسر البعض ذلك باستهداف التحكم في بيانات الإصابات والوفيات حكوميا، وفسره آخرون بخشية المغالاة في التكاليف التي تمارسها بعض المستشفيات الخاصة.

ومع تداعيات مواجهة الفيروس من حظر جزئي للتجول يمتد من المساء حتى الصباح، والدعوة للمكوث في المنازل والتباعد الجسماني، تأثرت أقسام العيادات الخارجية في المستشفيات الخاصة، حيث قل عدد المترددين عليها نتيجة خشية الاختلاط، كما قل عدد المترددين لإجراء جراحات، ليقتصر التردد على حالات الطوارىء، الأمر الذي انعكس على إيرادات تلك المستشفيات بالانخفاض.

وفي الخامس من نيسان/ أبريل الحالي، طالبت وزارة الصحة المستشفيات الخاصة بتخصيص جناح معزول في كل منها لاستقبال حالات الإصابات المحتملة بفيروس كوفيد- 19، في حالة استفحال عدد الإصابات بشكل يفوق طاقة المستشفيات الحكومية، وهو أمر ما زال مستبعدا في الوقت الحالي، خاصة بعد لجوء وزارة الصحة بالإضافة إلى مستشفياتها للاستعانة بالمستشفيات الجامعية، إلى جانب مستشفيات الجيش لعلاج حالات الإصابة بالفيروس.

 

twitter.com/yaseentamimi68