هاجم
"برلمان طبرق"، الموالي لحفتر، قطع المياه عن العاصمة طرابلس، ووصف مرتكبيها
بـ"المجرمين".
هذا
الهجوم أثار تكهنات وتساؤلات عن دلالته، وهل هي محاولة للتنصل من تصرفات الجنرال الليبي
خليفة حفتر وإحراجه أمام الرأي العام؟ خاصة بعد رفض المنظمات الدولية لهذه التصرفات.
واستنكرت
لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان قطع المياه عن طرابلس وضواحيها، مؤكدة أن هذه الأفعال
مجرمة بموجب نصوص القانون الليبي للعقوبات، وخارجة عن الأعراف المحلية والإنسانية، وتستوجب
أشد العقوبات ضد مرتكبيها، كما حمّلت اللجنة الفاعلين مسؤولية الأزمة الإنسانية الناتجة
عن ذلك.
"انتقاد
وحصار"
كما
دعت اللجنة إلى الفتح الفوري لإمدادات المياه والكهرباء خاصة في ظل أزمة "كورونا"، التي تعد المياه والكهرباء من الضروريات للتصدي لهذا الوباء، مشددة على ضرورة الحفاظ
على إمدادات المياه والكهرباء والمرافق المرتبطة بهم لصالح جميع الليبيين دون استثناء،
وفق بيان رسمي.
وكان
رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب الليبي، علي أبوسبيحة، قد حمل حفتر مسؤولية
انقطاع الكهرباء والمياه عن مناطقهم، كون صمامات المياه والغاز متواجدة في مناطق سيطرة
قوات الأخير، مؤكدا تضرر الجنوب كله بهذه التصرفات وجراء ما وصفها بـ"الحرب اللعينة".
وأكد
مراقبون أن من يقومون بغلق صمامات المياه، وكذلك الغاز والنفط، كلهم "موالون للجنرال
حفتر ويتحركون بأوامره، لكن الأخير لا يظهر في الصورة؛ حتى لا يتعرض لأي عقوبات دولية،
ويتم إلصاق الأمر بالقبائل أو غاضبين.
وبعد
هجوم البرلمان وقبله قبائل الجنوب، هل سيتم الضغط على حفتر بهذه الورقة؟ أم يحاول "برلمان
طبرق" التنصل من الجريمة وتبرئة حفتر أيضا على غرار ما فعلوه في غلق الموانئ النفطية؟
"انحياز وضغط"
أشار
الأكاديمي والخبير الاقتصادي الليبي، علي الصلح، إلى أنه "بما أن إقفال الموارد الاقتصادية، والتي تؤثر بشكل مباشر على المواطن، هي جريمة بنصوص القانون الدولي والليبي وحتى النصوص
الدينية، فإن الجميع يحاول اليوم التنصل منها، ومن هؤلاء البرلمان، وكذلك المؤسسة العسكرية".
وفي
تصريحاته لـ"عربي21"، أضاف: "لكن الغريب أن هذه المناطق التي تتحكم في
صمامات المياه والغاز تقع تحت سيطرة البرلمان والجيش (قوات حفتر)، إلا أنهم ينتقدوا
غلقها، وفي الغرب ينتقدون الفساد، رغم أن المؤسسات تحت سيطرتهم، ويبقى السؤال: من المتسبب
في كل هذا؟".
وتابع:
"وبالرغم من إعلان هذه المواقف، إلا أن الوضع الاقتصادي أصبح يستخدم في الانحياز
السياسي، وهذا ما يفعله الجميع في ليبيا باستخدام أدوات الضغط اللازمة من أجل تحقيق
مكاسب شخصية وليست وطنية كاملة".
"خطاب جديد للبرلمان"
الناشط
الحقوقي بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي)، محمود الوهج، رأى أن "هذه التصريحات
هي بمثابة تطور في الخطاب الرسمي لبرلمان طبرق، ولكن هذا الخطاب هنا يوضح للعالم أن
حفتر لا يملك "جيش"، والدليل أن هؤلاء النواب لم يخاطبوه هو شخصيا، بل خاطبوا
المليشيات التي تتحكم في غلق أو فتح المياه والكهرباء".
وحول
دلالة التصريحات، قال لـ"عربي21": "هذا خطاب متجدد فعلا، وربما جاء بسبب
المتغيرات التي تحدث على الصعيد العسكري، فكلما ضاقت على حفتر سنسمع أصواتا هنا وهناك،
بل سنجد انتقادات وحالة تململ في الشرق الليبي نتيجة خسائره".
واستبعد
الوهج أن تكون هذه الخطوة محاولة للتنصل أو إلصاق التهمة بآخرين، مضيفا: "لو كان
الهدف ذلك، لقام به إعلام حفتر وليس البرلمان، خاصة أن من بقي في برلمان طبرق عدد قليل
من الأعضاء، وربما أرادوا اللحاق بزملائهم في الغرب الليبي، وهذا ربما بداية تغير المسار".
"تنصل وخوف"
لكن
الأكاديمي من الغرب الليبي، مفتاح شيتوان، أكد أن "هذه التصريحات محاولة من قبل
برلمان ىطبرق إبعاد التهمة عنهم، وكذلك حالة الغضب ضدهم، خاصة بعد غضب أهل الجنوب، الذين
كانوا من أكثر المتضررين، وحمّلوا حفتر مسؤولية ذلك".
وأضاف:
"قد تكون هذه الخطوة من قبل البرلمان محاولة للتنصل، وكذلك سيطرة حالة من الخوف
من ردة فعل الموقف الدولي تجاه حفتر ومعاونيه من الدول الإقليمية، فالبرلمان يحاول
تبرير موقفه، والابتعاد كثيرا عن هذه الجريمة التي انتقدتها البعثة الأممية في ليبيا"،
كما صرح لـ"عربي21".
"موقف متأخر"
بدورها، قالت الناشطة من الشرق الليبي، نادين الفارسي، إن "تصريحات لجنة الخارجية جاءت
متأخرة بعد مرور أسبوع على هذه الجريمة وما سببته من أضرار، وهذا الموقف محاولة من
النواب إبعاد التهمة عن البرلمان كله وعن حكومته في الشرق، وهذه تصرفاتهم تجاه كل قضية
يورطهم فيها حفتر وميليشياته".
وأوضحت
لـ"عربي21" أن "هذه طريقة حفتر في كل جريمة يفعلها، وهي إلصاق التهمة
ببعض أتباعه واعتبارها أعمالا فردية، لكن هذا يؤكد أنه يقود مليشيات خارج السيطرة، ويبتعدون كل البعد عن الانضباط الملزم لكل جيش، وللعلم فإن إعلامه ومشائخ القبائل المؤيدة له يقومون منذ العدوان على طرابلس بالتحريض والتهديد بقطع الماء والكهرباء، وهو ما
يؤكد أن حفتر وراء الأمر".
اقرأ أيضا: هل يسبب قطع حفتر للمياه والكهرباء في انقلاب الجنوب ضده؟
حفتر يستخدم أوراقا جديدة للضغط على طرابلس.. هل ينجح؟
ماذا حققّ حفتر بعد عام من هجومه على طرابلس؟
حفتر يواجه خسائر متلاحقة بمحيط طرابلس.. ما السبب؟