ثمة دراسات علمية في دول عدة، تقترح نتائجها علينا أن لا نخاف من فيروس كورونا، ويوجد إحصائيات عالمية تدفع لهذا الاتجاه، ولكن دون أن يعني ذلك التقليل من ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار المرض.
فقد قدّرت دراسة علمية أجراها علماء في جامعة غوتنغن الألمانية عدد المصابين بفيروس كورونا في العالم بعشرات الملايين، بينما تقول الأرقام الرسمية إن عدد المصابين في العالم وصل حتى مساء الأحد إلى مليون و351 ألف إصابة فقط.
ووفق الدراسة ذاتها، فإن من تم التعرف على إصابتهم بالفيروس لا يتجاوزون 6 بالمئة فقط من الإصابات الفعلية، ما يعني أن نسبة الوفاة الحقيقية بسبب الفيروس تقل عن القيمة المعلنة بكثير، لأن نسبة الوفيات الرسمية تستند إلى عدد الحالات المسجلة رسميا فقط، وليس عدد الحالات الحقيقية.
اقرأ أيضا: دراسة ألمانية: هذه هي الأرقام الحقيقية لمصابي كورونا بالعالم
ولفهم الصورة كاملة، فيجب علينا ملاحظة أن الأعداد الرسمية للمصابين في معظم دول العالم هي للحالات التي يتم فحصها فعليا، وهي فحوصات تجرى فقط للمرضى الذين يصلون للمستشفيات بسبب تدهور صحتهم بشكل كبير بعد إصابتهم بالفيروس، بينما يطلب من المصابين الذين يعانون من أعراض خفيفة البقاء في العزل المنزلي، دون إجراء أي فحوصات تؤكد إصابتهم، وبالتالي لا يتم تسجيلهم ضمن الأعداد الرسمية.
في بريطانيا مثلا، أعرف شخصيا 10 أشخاص على الأقل أصيبوا بأعراض كورونا وبقوا كلهم في العزل المنزلي باستثناء شخص واحد نقل للمستشفى بسبب تدهور حالته، وبالتالي فقد سجل منهم رسميا فقط إصابة واحدة، أي بنسبة 10 بالمئة.
ولكن المعلومة الأهم في هذا السياق هي أن دراسات أجريت في دول عدة، أثبتت أن بعض المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أية أعراض، ولا يعلمون أصلا أنهم أصيبوا بالمرض.
وعلى سبيل المثال، فحصت أيسلندا أكبر نسبة من مواطنيها مقارنة بدول العالم الأخرى، بسبب قلة عدد سكانها، حيث أجري الفحص على حوالي 5 في المئة من المواطنين، وأظهرت النتائج أن نصف من أصيبوا بالمرض لم تظهر عليهم أية أعراض، ما يعني أن كثيرا من الناس حول العالم قد يكونون أصيبوا بالفيروس دون حتى أن يشعروا بذلك!
اقرأ أيضا: هذا ما نعرفه عن "كورونا" من تجربة أيسلندا
وفي السياق ذاته، أجريت دراسة استقصائية على بلدة "فو" الإيطالية بالكامل (عدد سكانها ثلاثة آلاف و300 شخص)، حيث أظهرت النتائج أيضا أن أكثر من 50 بالمئة من جميع الحالات لا تظهر عليهم الأعراض.
وفي دراسة أخرى أجرتها جامعة بون الألمانية على قرية "غانغيلت" في شمال غرب البلاد، أظهرت النتائج أن عدد المصابين بالقرية يصل إلى حوالي 15 في المئة من السكان، بينما لم يظهر على بعضهم أعراض، فيما تعافى معظمهم وتكونت لديهم مناعة "أجسام مضادة"، بحسب الفحوص التي أجريت عليهم.
إن أهمية هذه النتائج تكمن في اتجاهين: الأول أن عدد المرضى بالعالم بهذا الفيروس الخبيث هو أكبر بكثير من الأرقام الرسمية، وبالتالي فإن نسبة الوفيات هي أقل بكثير من المعلن رسميا، وقد تصل إلى 0.37 في المئة بحسب دراسة جامعة بون المشار إليها سابقا، وليس بحدود 1% كما تقترح أكثر الأرقام الرسمية تفاؤلا، بينما تصل لعشرة بالمئة في بعض الدول بحسب الأرقام الرسمية.
أما الاتجاه الثاني، فهو أن نسبة هائلة من المصابين يعانون من أعراض خفيفة لا تستدعي نقلهم للمستشفى، فيما لا تظهر أي أعراض على نسبة كبيرة منهم، قد تصل إلى 50 في المئة.
وإذا أردنا توسيع نطاق البحث والمقارنة، فإن من المفيد معرفة أن عدد من ماتوا هذا العام بسبب الجوع يصل إلى ثلاثة ملايين و159 ألف إنسان، فيما مات بسبب الإنفلونزا الموسمية هذا العام 137،399 شخصا
وذلك بحسب موقع الإحصائيات الأهم في العالم "وورد ميترز"، وهي أعلى من الوفيات بسبب كورونا منذ ظهوره، والذين وصل عددهم بحسب الإحصائيات الرسمية إلى 114 ألفا حتى يوم الأحد، بما يعني أن نسبة الوفيات بسبب الإنفلونزا الموسمية تفوق نسبة الوفيات بسبب فيروس كورونا.
ويظهر هنا التساؤل المشروع، لماذا إذن كل هذا الرعب في العالم من فيروس كورونا؟ والإجابة على هذا التساؤل تكمن في درجة العدوى الكبيرة مقارنة بأي فيروس آخر بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وعدم وجود لقاح لهذا الفيروس المستجد، وعدم فهم سلوك وتطور الفيروس بشكل كامل من قبل العلماء، وهو ما يعني أن انتقال المرض لأعداد كبيرة من البشر في العالم في فترة زمنية صغيرة سيؤدي إلى انهيار النظام الصحي في معظم دول العالم بما فيها الدول الكبرى والأكثر تطورا، وهو ما قد يقود لانهيارات اجتماعية وسياسية لا قدر الله، كما ذكرنا في مقال سابق في "عربي21".
ماذا يعني هذا كله، وما هي النتيجة الموضوعية برأينا بناء على هذه الأرقام؟
ثمة مستويان للتعامل مع هذا الوباء، الأول مستوى الدول والهيئات الصحية، وهي التي يجب أن تنظر إلى الصورة كاملة، وتعمل على منع انتشار الوباء في فترة زمنية قصيرة، لمنع حدوث سيناريو انهيار القطاع الصحي، وتبعاته الخطيرة على الشعوب وعلى الدول نفسها، ولهذا فإن الدول تقوم بإجراءات قد تبدو مبالغا فيها، ولكنها ضرورية لمنع هذا السيناريو الكارثي.
أما المستوى الثاني، فهو على مستوى الأفراد، وهم يفترض أن يلتزموا بالقدر الأعلى من المسؤولية الفردية باتباع تعليمات التباعد الاجتماعي لمنع انتقال العدوى لأكبر عدد منهم.
وفي الوقت ذاته، فإن هذا الالتزام يجب أن لا يتحول إلى رعب، لأن الرعب والتوتر قد يؤديان لأمراض أخطر من كورونا
ولتتذكر عزيزي القارئ أنك قد تحصى من بين الخمسين في المئة في العالم ممن أصيبوا بالمرض، وكوّنوا أجساما مضادة ضد الفيروس، دون حتى أن تشعر بذلك!
كورونا.. السيناريو الأخطر الذي لا تخبرنا به الحكومات!