يبدو أن عملية تشكيل الحكومة العراقية لا تزال رهن الإرادة الخارجية، ولا سيما في ظل صراع إيران والولايات
المتحدة، اللتان تؤثران على مجريات العملية السياسية برمتها في البلد، بحسب سياسيين.
وعقب فشل السياسي محمد توفيق علاوي في
تشكيل الحكومة، كلّف الرئيس العراقي برهم صالح النائب بالبرلمان عدنان الزرفي
بتشكيلها، لكن ذلك استفز القوى الشيعية الموالية لإيران التي تعهدت بإفشاله، كونه
بحسب وصفها "خيار أمريكي".
محاولات الزرفي
الرفض الشيعي، دفع رئيس الحكومة المكلف
إلى محاولة طرق باب إيران بحسب مصادر سياسية تحدثت لـ"عربي21"، طالبة
عدم ذكر اسمها، والتي كشفت: أن "الزرفي يجري منذ أكثر من أسبوع محاولات لكسب
التأييد الإيراني، ورفع الفيتو الشيعي عنه لتشكيل حكومته قبل 17 نيسان/ أبريل
الجاري".
وقالت المصادر إن "الزرفي لن يمضي
إذا لم يحصل على ضوء أخضر من الإيرانيين".
لكن المصادر ذاتها أكدت أن المحاولات
لا تزال قائمة لإقناع الإيرانيين بقبول تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة، "وربما
تنجح ويقتنعون به، فهو يجري مشاورات حثيثة مع أطراف سياسية قريبة من طهران".
وأضافت أن "الزرفي لم يأت بموافقة
الكتل الشيعية باستثناء كتلته التي ينتمي إليها وهو "تحالف انصر" و"سائرون"
المدعومة من مقتدى الصدر، وجزء من نواب تيار الحكمة، والرافضين له هم "تحالف
الفتح" و"ائتلاف دولة القانون"، إضافة إلى كتلة فالح الفياض، وذلك
لأن إيران ترفضه".
وبخصوص مقبولية الزرفي عند نواب هذه
الكتل بعيدا عن قادتها، قالت المصادر: "لا شك أن لديه علاقات جيدة مع النواب
وهو شخصية ليست مكروهة، ولديه تأييد لا بأس به من النواب".
ولفتت إلى أن "مسألة ترشيح
الشخصيات الأكاديمية الثلاثة قبل مدة، هي خطوة سابقة لأوانها، فرئيس الحكومة
المكلف عدنان الزرفي سيقضى المدة الخاصة المخصصة له، واقتراحهم كان هدفه إرباك
الوضع ليس أكثر".
"مغازلة إيران"
وفي محاولته "مغازلة" إيران،
دعا الزرفي، السبت، العالم إلى مساعدة إيران في أزمة فيروس كورونا، كما أبدى
استعداد العراق للعب دور لخفض التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
المحلل السياسي غانم العابد، رأى في
حديث لـ"عربي21" أن "إيران هي من تشكل الحكومات في العراق منذ 2005
وحتى اليوم، والدليل على ذلك تصريحات مسؤوليها بعد تشكيل حكومة عادل عبد المهدي،
قالوا إنهم هزموا أمريكا 3- صفر، أي أنهم جاؤوا بالرئاسات الثلاث بالبلد".
ورأى العابد أن "تصريح الزرفي، السبت، يأتي مغازلة لإيران على
اعتبار أنه ليس هناك أي عقوبات ضدها في المجال الطبي من الولايات المتحدة، لكن من
الطبيعي أنه يريد مسك العصا من المنتصف ولا يخسر طرفا من الأطراف".
وحول اشتراطات إيران المحتملة حتى يكون الزرفي مقبولا لديها، قال
العابد إن "طهران خسرت الشارع الشيعي في العراق الذي انتفض ضدها وطالب بإنهاء
تغلغلها في البلد، فهي تخشى أن تخسر موضوع تشكيل الحكومة العراقية، كونها تمثل
بالنسبة لها مسألة حياة أو موت".
وأوضح العابد أن "إيران في ظل العقوبات الأمريكية عليها تعتبر
العراق الرئة الاقتصادية التي تتنفس بها، ولم يبق لديها إلا موضوع تشكيل الحكومة،
بعد خسارة الشارع، وإذا جاءت حكومة مدعومة من الحراك الشعبي، فهي تستشعر بأنها
ستقوض نفوذها بالكامل".
وتابع: "إذا جاءت حكومة مدعومة من الشارع الشعبي، فبالتأكيد
ستنهي سطوة المليشيات على القرار العراقي، وتغلق المقرات التي تعمل خارج إطار
القانون، وتحصر السلاح بيد الدولة، فالموضوع هو أولوية قصوى بالنسبة لإيران".
هل ينجح الزرفي؟
وعن إمكانية نجاح الزرفي في كسب تأييد إيران، رأى العابد أن الأخيرة
لا تمتلك وقتا للمغامرة بالقرار وفق الظروف التي تعيشها، وأن خيارات حلفائها في العراق
هي فقط عادل عبد المهدي؛ إما بالإبقاء عليه كحكومة تصريف أعمال تمهد لانتخابات
مبكرة، أو تشكيله لحكومة جديدة تكمل المدة القانونية.
وأكد العابد في الوقت ذاته أن "كهول" القوى والأحزاب
الشيعية في العراق لم تعد لديهم السطوة السابقة على كتلهم، فلذلك كانت هجماتهم
ضعيفة ضد الزرفي، وليست كما كانت في السابق ضد خصومهم.
ورأى أن فرص تمرير حكومة الزرفي حتى اليوم "تتجاوز الـ 50 بالمئة
إذا أحسن إدارة المفاوضات مع البيتين السني والكردي، أما البيت الشيعي، فهو يشهد
تشظيا كبيرا ورأينا كيف أنهم لم يستطيعوا تمرير حكومة محمد توفيق علاوي".
وكان رئيس الحكومة العراقية، المكلف
عدنان الزرفي أعلن، السبت، أولويات حكومته، وفي مقدمتها إجراء انتخابات مبكرة،
مؤكدا أنه يسعى إلى تلبية مطالب المتظاهرين عبر إجراء انتخابات مبكرة ونزيهة.
وقال مكتبه عقب استقباله سفراء دول
الاتحاد الأوربي في العراق: "من أولويات الحكومة تلبية مطالب الحراك السلمي
والتصدي للانهيار المالي والاقتصادي المحتمل، والعمل على خفض مستوى الفقر في
البلاد واستعادة السلم الأهلي وبسط سلطة القانون".
اقرأ أيضا: الزرفي يحدد أولويات حكومته.. أبرزها انتخابات مبكرة بالعراق
خيارات العراق بعد مهلة واشنطن النهائية لاستيراد طاقة إيران
طالبت بإقالته.. هل يطيح غضب القوى الشيعية برئيس العراق؟
هدده حلفاء إيران.. ما فرص نجاح الزرفي بتشكيل حكومة بالعراق؟