مع بدء انتشار فيروس كورونا المستجد داخل
مصر خلال الأيام الماضية، طالبت شخصيات حقوقية وسياسية، ومنظمات محلية، بضرورة بالإفراج
الفوري عن المُحتجزين داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية مع اتخاذ التدابير القانونية
المطلوبة، وذلك على غرار ما قامت به بعض الدول في هذا الاتجاه.
ومطلع الشهر الجاري، أفرجت إيران مؤقتا عن
أكثر من 54 ألف سجين في محاولة لمكافحة انتشار فيروس كورونا الجديد في السجون المزدحمة.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية في
إيران، غلام حسين إسماعيلي، إن السجناء مُنحوا إذنا بالخروج بعد أن أظهرت الفحوصات
خلوهم من الفيروس المسبب لمرض "Covid-19" وأودعوا كفالة لمغادرة السجون.
وكان الظهور الأول للفيروس بمصر في 14 شباط/
فبراير الماضي، بينما أعلنت وزارة الصحة، الأحد الماضي، تسجيل أول حالة وفاة لألماني
دخل إلى مصر قبل نحو أسبوع جراء كورونا.
وأعلنت وزارة الصحة المصرية، مساء الاثنين،
تسجيل 4 إصابات جديدة بفيروس كورونا ليرتفع عدد الإصابات إلى 59، بينها 21 حالة تم
تعافيها.
"تكدس الزنازين"
وفي ذات السياق، طالبت 4 منظمات حقوقية الحكومة
المصرية، في بيان مشترك لها، الثلاثاء، وصل "عربي21" نسخة منه، بضرورة "اتخاذ
التدابير اللازمة نحو تجنب إصابة المُحتجزين بفيروس كورونا، أو ما قد يُهدد المجتمع
المصري في حالة انتشاره خارج السجون ومقار وأماكن الاحتجاز، وأنه على الأجهزة الرسمية
في الحكومة المصرية، الإفراج الفوري عن المسجونين والمُحتجزين، واتخاذ التدابير القانونية
المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية".
ومن بين الإجراءات التي أشارت إليها
المنظمات الحقوقية، "إخلاء السبيل مع التدابير القضائية بالإقامة الجبرية، وإخلاء
السبيل مع وضع الأسماء على قوائم المنع من السفر"، داعين كل المنظمات الحقوقية
الدولية والمحلية ونشطاء حقوق الإنسان، لتبني "هذه المطالب من أجل الوقاية من
هذا الفيروس المُدمر".
وتابع البيان: "لما كانت لائحة السجون
المصرية والمواثيق الدولية المعنية، وأهمها القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء،
تؤكد على أنه وفي الظروف الطبيعية فللسجناء الحق في بيئة صحية داخل السجون ورعاية طبية
دائمة، وهو ما يصعب توافره داخل السجون ومقار وأماكن الاحتجاز المصرية، نتيجة للتكدس
وعدم توافر الإمكانات اللازمة والمناسبة للوضع الصحي الملائم للحماية المجتمعية لهذا
الفيروس".
ونوّهت المنظمات الحقوقية إلى أنه على السلطات
المصرية الانتباه إلى "التكدس المرتفع داخل زنازين السجون ومقار وأماكن الاحتجاز،
فضلا عن ضعف التهوية، وانخفاض مستوى النظافة، مع تواجد الكثير من الحالات التي تُعاني
من حالات مرضية مزمنة مختلفة"، مضيفة أن "كل هذه الأمور، قد تؤدي إلى كارثة
إنسانية، يصعُب تداركها، في ظل هذه المعايير، فيما لو ظهرت حالة واحدة مُصابة بهذا
الفيروس داخل السجون وأقسام الشرطة".
ولفتت المنظمات الحقوقية إلى أن "قرار
تعليق الزيارة الصادر من وزارة الداخلية لن يمنع انتشار المرض، لأن أسباب انتشاره تكمن
بالأساس في تكدس الزنازين، وندرة وضعف الإمكانات الطبية اللازمة"، مُعبّرين
عن قلقهم البالغ من الانتشار الواسع النطاق لفيروس كورونا القاتل.
ووقع على البيان كل من: مؤسسة عدالة لحقوق
الإنسان، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومنظمة هيومن رايتس
مونيتور.
اقرأ أيضا: منظمة حقوقية تحمّل السلطات المصرية مسؤولية وفاة معتقل
"ملاذ آمن لكورونا"
بدورها، أكدت المسؤولة الإعلامية بمنظمة كوميتي
فور جستس، شيماء البنا، أنه "في ظل انتشار الإهمال الطبي، وعدم وجود الرعاية الصحية
اللازمة وافتقار المؤسسات الصحية داخل السجون إلى أقل المقومات المطلوبة فإن من الممكن
أن تكون السجون المصرية ملاذا آمنا لفيروس كورونا الأمر الذي يتطلب من الحكومة المصرية
إجراء خطط عاجلة للتصدي لذلك أقلها إيجاد خطط طارئة لإجلاء المسجونين داخل السجون ومراكز
الاحتجاز المختلفة، وكذلك استبدال العقوبات مثل عقوبات الحبس والحجز بعقوبات تكميلية".
وشدّدت البنا، في تصريح
لـ"عربي21"، على أن "الوضع سيكون كارثيا في حال انتشار فيروس كورونا
في داخل أحد السجون"، مشيرة إلى أن "وفاة أعداد كبيرة من المحتجزين خلال
الفترة الماضية بالإهمال الطبي داخل السجون ومقار الاحتجاز أبسط وخير دليل على عدم
توافر أدنى مقومات ومعايير احترام حقوق الإنسان في مصر".
"انعدام الخدمات الطبية"
من جانبه، قال عضو مجلس الشورى العام
لجماعة الإخوان المسلمين، أمير بسام، إن "الظروف التي فيها المساجين في مصر تجعلهم
أكثر عرضة للإصابة بالكورونا، حيث شدة الازدحام، وقلة التهوية، وضعف التغذية، والحالة
النفسية السيئة، وانعدام الخدمة الطبية، كل هذه العوامل تجعل المعتقلين الأكثر عرضة
للكورونا".
وأضاف بسام، في تصريح
لـ"عربي21": "لا يظن أن إصابة المعتقلين ستقتصر عليهم، بل سيكونون
سببا لانتشاره بين الشرطة من خلال السجون، والجيش من خلال السجون العسكرية والقضاة
والمحاكم أثناء المحاكمات".
وأشار عضو مجلس الشورى العام لجماعة
الإخوان المسلمين إلى أن "الحل الأمثل هو الإفراج عن هؤلاء المساجين، كما فعلت
إيران، وكما يفعل أي نظام عاقل يريد الحفاظ على الشعب".
وأكدت منظمات حقوقية أن عدد المعتقلين المتوفين
داخل السجون المصرية ارتفع إلى 806 أشخاص منذ تولي النظام الحالي سدة الحكم، بينهم
20 شخصا منذ بداية العام الجاري.
"كارثة إنسانية"
من جهته، أكد مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان JHR،
محمود جابر، أن "فيروس كورونا القاتل يهدد العالم كله الآن، وقد بدأ الإعلان عن
وجود حالات مصابة بهذا المرض في مصر، وتم الإعلان عن وفاة مصابين بالفيروس بالفعل،
وأرى كحقوقي أنه يجب على السلطات المصرية الانتباه كثيرا إلى السجون التي تتميز مع
الأسف بوجود ظاهرة تكدس كبير داخل الزنازين، ومقرات الاحتجاز سواء أقسام شرطة أو غيرها،
والمعروف عنها سوء التهوية".
وأشار جابر، في تصريح
لـ"عربي21"، إلى أن "هؤلاء المسجونين داخل السجون المصرية يعانون في
الظروف الطبيعية من سوء الرعاية الطبية، ومصابون بأمراض مختلفة، فماذا لو انتشر كورونا
داخل السجون وأقسام الشرطة؟".
وتابع: "ستكون هناك كارثة إنسانية لن
يستطيع أحد تحمل مسؤوليتها، وسيزداد انتشار الفيروس داخل مصر، والخطر سينال الجميع
سواء كانوا مسجونين جنائيين أو سياسيين، وأيضا الضباط والجنود والإداريين القائمين
على إدارة السجون، خاصة الذين يختلطون بالسجناء، والذين يخرجون خارج السجون، وقد يكونون
سببا في نقل الفيروس من الخارج إلى داخل السجون أو العكس".
ورأى مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان أنه "في
الظروف الطبيعية من حق السجناء أن تكون هناك بيئة صحية داخل السجون ورعاية طبية دائمة
لهم، وهذا لا يتوفر على الإطلاق في السجون المصرية، خاصة تلك السجون التي شهدت حالات
وفيات نتيجة الإهمال الطبي الجسيم مثل سجن العقرب، وبرج العرب، وسجن المنيا، والوادي،
وغيرها من السجون".
وطالب جابر الحكومة المصرية بضرورة "الإفراج
الفوري عن المسجونين حماية لهم من انتشار فيروس كورونا، كما فعلت الجمهورية الإيرانية؛
فقد أفرجت مؤخرا عن 54 ألف سجين، كما يجب اتخاذ كافة التدابير الاحترازية لمنع انتشار
وتفشي ذلك المرض داخل السجون المصرية".
ونوّه إلى أن "الإفراج عن المسجونين من
الممكن أن يكون مصحوبا بأحد التدابير القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية
المصري"، داعيا لتعاون جميع المنظمات الحقوقية في حملة واحدة للمطالبة بضرورة
حماية المسجونين في مصر ووقايتهم من هذا المرض القاتل (فيروس كورونا)".
وطالبت حملة باطل، وهي حملة مناهضة لما
تصفه بالحكم السلطوي في مصر، بتوفير الرعاية الصحية لآلاف المسجونين السياسيين،
وإطلاق سراج المحبوس منهم احتياطيا للحد من أماكن تجمع مكتظة تساعد على انتشار الفيروس.
وشدّدت على ضرورة "تخفيف التكدس في المستشفيات
والسجون بتسريح مرضى الحالات غير الحرجة، والمسجونين قيد التحقيق، ولو مؤقتا، مثلما
فعلت بعض الدول في هذا الصدد"، لافتة إلى أن تكدس السجون ينذر بكارثة حقيقية، بحسب قولها.
وحتى ظهر الاثنين، أصاب الفيروس أكثر من
111 ألفا حول العالم في 109 دول وأقاليم، توفي منهم أكثر من 3880، أغلبهم في الصين
وكوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا.
منظمة حقوقية تحمّل السلطات المصرية مسؤولية وفاة معتقل
السلطات المصرية تعلق الزيارات بجميع السجون بسبب "كورونا"
وفاة معتقل مصري جديد داخل محبسه بالإهمال الطبي