في تطور دراماتيكي؛ وصل السجال بين وزارة الصحة المصرية، ممثلة السلطة، من جهة، ونقابة الأطباء، ممثلة الأطباء، من جهة أخرى إلى أبواب النائب العام، في مؤشر على احتدام الخلافات بين الجانبين بشكل غير مسبوق.
فلأول مرة في تاريخ الوزارة؛ تقدمت
وزيرة الصحة هالة زايد ببلاغ رسمي إلى النائب العام، السبت، تتهم فيه النقابة العامة
للأطباء، الأكبر في العالم العربي وأفريقيا، بتكدير الأمن العام باختلاق الأكاذيب وافتعال
الأزمات وإثارة الأطباء والتسبب في إهدار المال العام.
وتضمن البلاغ اتهام النقابة بارتكاب
مخالفات عدة لتأجيج الرأي العام، من بينها "إفشال جهود الوزارة في الارتقاء بالمستوى
التعليمي للأطباء، وتضليلهم وتحريضهم على عدم الاستجابة لمناشدة وزارة الصحة للأطباء
بالتقدم لتلقي التدريب على كيفية التعامل مع فيروس كورونا؛ ما تسبب في تراجع البعض
عن الالتحاق بالحجر الصحي المخصص للعائدين من دولة الصين".
على الجانب الآخر؛ نفت نقابة الأطباء
تلك المزاعم، وقال أمين عام نقابة الأطباء، إيهاب الطاهر، في تصريحات لـ"عربي21":
"لا صحة لمزاعم الوزارة التي ساقتها في البلاغ المزعوم ضد نقابة الأطباء، على
العكس، هناك تعنت وتشدد من قبل الوزارة في التعامل مع الأطباء، من خلال سلسلة قرارات
تتجاوز النقابة ودورها".
"علاقة متوترة"
ومرت العلاقة بين الجانبين بخلافات
كثيرة تبادل خلالها الطرفان الاتهامات، كان آخرها اتهام وزارة الصحة "بتضليل الأطباء في أثناء التعاقد معهم للعمل في الحجر الصحي بمحافظة مطروح الساحلية المخصص للمصريين العائدين
من دولة الصين؛ حيث لم يكن لدى بعضهم علم بطبيعة المهمة الموكلة لهم" وفق
نقابة الأطباء.
يأتي هذا السجال بعد يوم من إعلان
النقابة العامة لأطباء مصر عدم اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية الطارئة، الذي
كان مخصصا لمناقشة التعسف الإداري ضد الأطباء، وتداعيات حادث وفاة ثلاث طبيبات وإصابة
أخريات في طريقهن من المنيا إلى القاهرة لحضور دورة تدريبية بشكل مفاجئ دون الاستعداد
لها بوقت كاف.
وأكد أطباء بالنقابة العامة في
تصريحات لـ"عربي21" أن ما يجري على الساحة الصحية في مصر "غير مسبوق"،
ويؤثر على العلاقة بين الطرفين بشكل سلبي، ويستوجب وقفة لمراجعة الخلافات التي تحدق
بالمنظومة الطبية، وعدم تجاهل الآخر.
"الوزارة فوق النقابة"
وفي معرض رده على ما ساقته وزارة
الصحة من اتهامات ضد نقابة الأطباء، قال الأمين العام للنقابة العامة لأطباء مصر، إيهاب
الطاهر: "لم نكن ننتظر هذه السقطة من وزارة الصحة، كان من المفترض أن تحمي الوزارة
حقوق الأطباء، وتحسن من بيئة العمل الخاصة بهم لتمكنهم من تقديم خدمة طبية أفضل لصالح
المواطن في مصري في النهاية".
"لكن أن تقدم بلاغات لمن يدافعون عن الأطباء ويطالبوا برفع الظلم الواقع عليهم، فهذا شيء غير مسبوق في تاريخ الوزارة
ونقابة الأطباء"، وتساءل الطاهر: "هل المطلوب من النقابة أن تصفق لوزارة
الصحة حتى لو أخطأت في قراراتها؟".
وبشأن ما يقال عن اتباع النقابة
أسلوبا تصادميا مع الوزيرة، نفى الطاهر صحة هذه المزاعم، قائلا: "هذا أمر غير
حقيقي، بدليل أن النقابة وجهت الشكر مرات عدة عندما كانت تتخذ خطوات أو تصدر قرارات
لصالح المنظومة الطبية، ولكن لاستمرارها في تكرار اتخاذ القرارات السلبية لا بد من مواجهتها".
مشيرا إلى أن "النقابة لم
تبدأ الصدام مع الوزارة عند صدور أي قرار أيا كان، وكنا نبدأ بالتواصل الودي مع المسؤولين،
ونوضح لهم سلبيات القرار، ونقترح تعديله. ولكن للأسف نواجه دائما بما معناه، نحن نعرف
ما نفعله، ولا نريد تدخلا في قراراتنا، فلا نجد مناصا من إعلان رفضنا مشفوعا بالأسباب،
وهذا حقنا القانوني والدستوري".
"فزاعة الوزارة للنقابة"
قلل الخبير القانوني ومقرر اللجنة
القانونية والحريات السابق بالنقابة العامة لأطباء مصر، أحمد شوشة: "بلاغ النائب
العام كلمة رنانة، ولكنها في نهاية المطاف تؤول إلى أنه مجرد بلاغ مثل باقي البلاغات
لوكيل النيابة في أي مكان".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21":
"البلاغ منهار الأساس القانوني لسبب أنه ضد النقابة، وهي كيان معنوي ولا يوجد
شكوى أو بلاغ في شخص معنوي إنما يكون في شخص طبيعي، كالنقيب أو الأمين العام، وقانونيا
لا تقبل مثل هذه الشكوى".
وبشأن رسالة الوزيرة من البلاغ،
أكد أنها "محاولة لتخويف النقابة، تستخدم البلاغ كفزاعة من أجل التوقف عن مهاجمتها
سواء في الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي".
وفيما يتعلق بالصدام المتكرر بين
الوزارة والنقابة، قال شوشة إن "النقابة منذ أكثر من عام اختارت الصدام مع الوزارة
على خلفية قراراتها، والأصل في التصعيد هو الدبلوماسية الهادئة، ثم الدبلوماسية العالية،
ثم التصعيد، ومرد ذلك أن الانتخابات الماضية شهدت إبعاد كفاءات نقابية كانت قادرة على
إدارة المواجهات".
رغم الرفض الشعبي.. إعلاميون مصريون يروجون لصفقة القرن
هكذا كشفت واقعة "شيخ الأزهر" حقيقة دعاوى التجديد الديني
أكاديمي إماراتي يهدد بإرسال جيش مصر لليبيا.. ناشطون يعلقون