ملفات وتقارير

بريطانيا.. سر غياب الإسلاموفوبيا في مناظرة جونسون-كوربين

مؤسسات إسلامية بريطانية تنتقد غياب سؤال الإسلاموفوبيا في مناظرة جونسون ـ كوربين (جيتي)

أرسل مجلس مسلمي بريطانيا (MCB) رسالة إلى تلفزيون "آي تي في" ينتقد فيها عدم إثارته لقضية التخويف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في حزب المحافظين خلال مناظرة أول أمس الثلاثاء بين زعيمي حزب المحافظين بوريس جونسون وحزب العمال المعارض جيريمي كوربين.

وذكر مجلس مسلمي بريطانيا، في بيان صحفي له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، أن المناظرة الأولى بين جونسون وكوربين، التي تأتي قبل نحو ثلاثة أسابيع من الانتخابات التشريعية المبكرة المرتقبة في 12 من كانون أول (ديسمبر) المقبل، ركزت على العديد من القضايا ذات الصلة بالناخبين، بما في ذلك "البريكسيت" والنظام الصحي وتغير المناخ.

لكن البيان استغرب غياب آفة التخويف من الإسلام في حزب المحافظين، التي قال إنها كانت بارزة في الأخبار في الآونة الأخيرة، وخاصة خلال الأسبوع الماضي، وأعرب عن أسفه لأن القناة التي استضافت المناظرة فشلت في إثارة هذه القضية ولو مرة واحدة.

وقال البيان: "لم يتم استجواب رئيس الوزراء، الذي يتمتع بسجل في إبداء ملاحظات مسيئة عن الإسلام وكسب تأييد ناشطين يمينيين معارضين للمسلمين، حول هذا الموضوع، ولا حول سلسلة الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي والتي شهدت تعليقات معادية للإسلام من طرف مرشحين برلمانيين محتملين، وطلبت توضيحاً حول سبب تغييب السؤال عن ظاهرة التخويف من الإسلام، على الرغم من كونها قضية ذات أهمية كبيرة لكثير من الناخبين، المسلمين وغير المسلمين.

وأشار البيان إلى أنه "بالنظر إلى أن جونسون وغيره من المتنافسين على زعامة حزب المحافظين تعهدوا جميعهم بإجراء تحقيق في كراهية الإسلام في الحزب على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون في حزيران (يونيو) من هذا العام وتراجعوا عن ذلك منذ ذلك الحين، فمن المذهل أن (آي تي في) لم تشر لذلك مع أن هذا له ارتباط وثيق بثقة الجمهور في السياسيين.

 

إقرأ أيضا: "بريكست" يشعل مناظرة انتخابية بين جونسون وكوربن


ورأى الكاتب والمحلل السياسي البريطاني من أصول فلسطينية ابراهيم حمامي في حديث لـ"عربي21"، أن "زعيم حزب العمال جيرمي كوربين أضاع فرصة ذهبية لإحراج رئيس الوزراء بوريس جونسون عندما طرح سؤال معاداة السامية وأجاب إجابة مفحمة، لكنه من الممكن أن يقول إن أشكال العنصرية مختلفة من ضمنها معاداة السامية، ومن ضمنها أيضا معاداة الإسلام أو الإسلاموفوبيا، والتي تورط فيها رئيس الوزراء البريطاني عندما كان عمدة للندن وبعدها كنائب في البرلمان، عندما شبه المسلمات بأنهن كالخيام وبأنهن كصناديق البريد، وهناك تاريخ طويل له من التصريحات المعادية للإسلام، لكن يبدو أن جيرمي كوربين آثر عدم إثارة هذا الموضوع حتى لا يتم التركيز على موضوع معاداة السامية في حد ذاته".

وأعرب حمامي عن مخاوفه من اتجاه بريطانيا إلى اليمين مثلها في ذلك مثل باقي الدول الأوروبية، التي قال بأن "الأحزاب الشعبوية فيها تحقق مكاسب من ناحية عدد المصوتين لها في كل مرة، على الرغم من أن عدد النواب لا يزيد في البرلمانات، لكن عدد المصوتين يزداد في كل انتخابات، ونتمنى أن تتم محاربة جميع أشكال العنصرية في بريطانيا وخارجها".

وأشار حمامي إلى أن عدم إثارة موضوع الإسلاموفوبيا في المناظرة الأولى بين جونسون وكوربين، قد تكون بسبب ضيق الوقت وتركيز المناظرة على موضوع البريكسيت، فلم يتم ذكر مقاطعة ويلز ولو بكلمة واحدة، وهذا أثار استياء أهل المقاطعة، وهناك الكثير من المواضيع التي لم يتم التطرق لها، أو جرى ذلك بشكل سريع، مثل النظام الصحي ونظام التعليم والأمن، كان التركيز كله على البريكسيت، ورئيس الوزراء كان يفضل الهجوم الشخصي المتواصل على زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، وبالتالي المناظرة لم تأت بجديد"، وفق تعبيره.

من جانبه رأى مدير قناة "إسلام تشانل" الناطقة باللغة الإنجليزية، محمد علي الحراث، أن غياب موضوع الإسلاموفوبيا عن المناظرة بين زعيم المعارضة جيرمي كوربين ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة في 12 من كانون أول (ديسمبر) المقبل، في نظام برلماني هي التي تحدد الحكومة، أمر لافت للانتباه، لا سيما أنه تمت إثارة موضوع معاداة السامية.

وقال الحراث في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "السر في حضور معاداة السامية هو أن اللوبي الصهيوني هاجم كثيرا حزب العمال واتهم زعيمه جيرمي كوربين بالتحريض أو التساهل مع موضوع معاداة السامية، وأن الكثير من أعضاء حزب العمال في عدة مناسبات صرحوا تصريحات فهم منها أنها معادية للسامية بالرغم من أن أصحابها تبرأوا منها وقالوا بأنهم لا يقصدون السامية، وكان أشهرهم كين ليفنغستون الذي كان عمدة لندن، وأدى ذلك إلى تجميد عضويته في حزب العمال، وهو رجل من القيادات التاريخية البارزة لحزب العمال، هذا هو السبب وراء حضور سؤال معاداة السامية في المناظرة".

وأشار الحراث، إلى أن المسلمين للأسف لم يتمكنوا حتى الآن من إيجاد لوبي ضاغط من شأنه أن يحول هذه المخاوف إلى تعبيرات سياسية وإعلامية، وقال: "المسلمون لا يملكون لوبيا ضاغطا وهم إلى حد الآن غير قادرين على صناعة هذا اللوبي المشابه للوبي الصهيوني، وحزب العمال غير متهم بالتحريض على المسلمين لأن كثيرا من أعضائه مسلمون".

وذكر الحراث أن إطلاق تهمة معاداة الإسلام على جونسون فيها نظر، وقال: "إن بوريس جونسون متهم بإطلاق تصريحات فهم منها عداؤه للإسلام، ولكنه اعتذر عن ذلك في اجتماع في المركز الإسلامي بلندن حضرته معه، حيث أكد أنه لا يقصد التحريض على الإسلام، فطلبت منه أن يعتذر لأن الكثير من المسلمين فهموا، ومن حقهم أن يفهموا ذلك أن ما قاله كان فيه نوع من العداء للإسلام، وقد أعلن أمام جميع الحضور اعتذاره عن ذلك، وقدم برنامجا عن الإسلام في البي بي سي عن الإسلام في إسبانيا وكان إيجابيا إلى حد بعيد، وتحدث عن الحضارة العربية الإسلامية بإيجابية، وفي أكثر من مناسبة صرح بأن جده هو علي باشا العثماني، وبدأ يصرح بأنه يتشرف بأصوله الإسلامية حتى ينفي عنه تهمة الإسلاموفوبيا"، وفق تعبيره. 

وأجريت مساء أول أمس الثلاثاء مناظرة تلفزيونية، بين رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، وزعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن.

وشهدت المناظرة، التي استمرت لساعة، مواجهة حادة حول بريكست، مع الإشارة لقضايا داخلية مثل النظام الصحي والتعليمي والأمن.. وبينما حضرت معاداة السامية في خطاب جونسون فقد غابت ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين بشكل كامل.

 

إقرأ أيضا: استطلاع: تقارب بين جونسون وكوربين بعد مناظرة تلفزيونية