نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يرى فيه أن قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا يتركها "قنبلة موقوتة".
ويقول غاردنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه "حتى بموجب معايير ترامب المتقلبة فإن قراره يوم الأحد سحب القوات الأمريكية من سوريا، ومنحه الضوء الأخضر للقوات التركية بالتوغل في منطقة يديرها الأكراد، في شمال شرق البلاد، يعد عنيدا".
ويفيد الكاتب بأنه في مكالمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أخبره ترامب بمواصلة خططه إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود التركية مع سوريا بعمق 30 كيلومترا في شمال سوريا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تتخلى عن حلفائها الأكراد الذين قادوا القتال ضد تنظيم الدولة وحدهم.
ويجد غاردنر أنه بالإشارة إلى بيان للبيت الأبيض، فإن التوغل التركي بات محتوما، ولن "تكون القوات الأمريكية قريبا هناك بشكل مباشر، وعندما قال ترامب في بداية هذا العام إنه يريد سحب القوات الامريكية من سوريا فإنه هدد تركيا بأنه سيدمرها اقتصاديا لو ضربت الأكراد، في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري قوات حماية الشعب الكردية، وكرر الكلام ذاته يوم الاثنين، عندما غرد قائلا: (لو فعلت تركيا أي شيء أرى أنه بموجب حكمتي العظيمة متجاوزا للحدود، فسأدمر وأمحو اقتصادها)".
ويقول الكاتب إنه "حتى الآن فإن القادة العسكريين والمستشارين أقنعوا الرئيس الأمريكي بعدم الانسحاب، الذي لو تم فإنه سيؤدي إلى عودة تنظيم الدولة، إلا أن القرار المتعجل، وهو سحب القوات الأمريكية من الحدود مع تركيا، سيوسع الفراغ الذي ستتركه أمريكا في المنطقة، وهو الذي سارعت لملئه تركيا وإيران وروسيا، وستؤدي هذه الخطوة إلى إشعال وادي الفرات من جديد، وبعدما تم طرد تنظيم الدولة منه، وهو إنجاز باعت فيه أمريكا القوات الكردية التي ساهمت فيهط.
ويحذر غاردنر من أن يؤدي التوغل التركي الجديد في المنطقة إلى دفع الأكراد للتعاون مع نظام بشار الأسد، الذي يلقى دعما من روسيا وإيران.
ويتساءل الكاتب قائلا: "لكن ما هي الأبعاد التي يمكن النظر فيها إلى التوغل التركي المحتوم في سوريا؟ وهذا هو التوغل التركي الثالث في 3 أعوام في البلد الذي دمرته الحرب، وسقط فيها نصف مليون نسمة، وتم تشريد نصف السكان منذ اندلاع الثورة ضد ديكتاتورية الأسد عام 2011".
ويشير غاردنر إلى أنه في عام 2016، وردا على المحاولة الانقلابية الفاشلة فإن أردوغان قام بعملية درع الفرات، وتوغل باتجاه منبج في شمال غرب سوريا، حيث ساعدت الولايات المتحدة قوات حماية الشعب، وفي عام 2018 سيطرت تركيا على مدينة عفرين غرب الفرات في عملية غصن الزيتون، لافتا إلى أن تركيا احتاجت في العمليتين للرئيس فلاديمير بوتين الذي دخل في سوريا عام 2016 لحماية النظام السوري.
ويلفت الكاتب إلى أنه في الوقت الذي ركز فيه النظام السوري والروس، على هزيمة المعارضة المسلحة بدلا من تنظيم الدولة، فإن أردوغان ركز على الأكراد بدلا من الجهاديين الذين قتلوا المئات داخل تركيا.
وينوه غاردنر إلى أن قول أردوغان إنه يريد إنشاء "ممر آمن" على طول الحدود؛ ليحل محل "الممر الإرهابي"، ويزعم أن حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب هي مجرد فرع لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حربا ضد أنقرة منذ 35 عاما.
ويورد الكاتب نقلا عن تقارير، قولها إن أردوغان يطلق على العملية الجديدة اسم "نبع السلام"، مشيرا إلى أن هناك من يرى أن العملية ستوسع الجبهة التركية 30 كيلومترا داخل سوريا، و"هي ليست وصفة للسلام".
ويشير غاردنر إلى أن أردوغان يقول إنه يريد "منطقة آمنة" لإعادة حوالي مليوني لاجئ من بين 3.5 مليون لاجئ في تركيا، لافتا إلى أنه "لو حدث ذلك فإنه سيقوم بتغيير الديمغرافيا في المنطقة، فمنطقة شمال شرق سوريا ليست ذات كثافة سكانية عالية، ولا يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، معظمهم من الأكراد".
ويستدرك الكاتب بأن المصادر الطبيعية والحكم الذاتي، اللذين يشكلان نواة دولة كردية، هما ما يخيف تركيا، مشيرا إلى أن مسؤولا تركيا أكد في نهاية آب/ أغسطس أنه من غير المحتمل أن تضغط تركيا باتجاه ممر عسكري بعمق 30 كيلومترا.
ويفيد غاردنر بأن القوات التركية بدأت بعد ذلك في المشاركة في الدوريات مع الأمريكيين، ثم سحبت قوات حماية الشعب مقاتليها، ولم تعد قادرة على الدفاع عنها دون الغطاء الأمريكي، خاصة في تل أبيض، وبدأت تبتعد عن الحدود.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن "أردوغان بدأ بعد ذلك يتحدث عن سيطرة كاملة على المنطقة، وهنا قرر ترامب الخروج وترك الأمور كلها مثل قنبلة يدوية على طاولة المفاوضات".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FP: لماذا تحدى ترامب البنتاغون وصادق على العملية التركية؟
NYT: كيف أدخل ترامب سياسة الشرق الأوسط حالة من الفوضى؟
نيوزويك: هكذا وصف مسؤول أمريكي ضعف ترامب أمام أردوغان