قال سياسيون ومحللون إن نظام قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، يمر بحالة عدم توازن داخلي؛ نتيجة احتجاجات الجمعة الماضية، والمقبلة، التي دعت لها قوى سياسية معارضة في الداخل والخارج، دفعته لشن حملة اعتقالات هي الأوسع منذ 2014.
وأكدوا في تصريحات
لـ"عربي21" أن دلائل حالة الانهاك الداخلي للنظام بدت واضحة بتوسعه في
عمليات الاعتقال والتوقيف وامتدادها للقتل بدم بارد، ورسائل الخوف الذي يبثها عبر
أذرعه الإعلامية من تحول البلاد إلى فوضى.
ورأى الباحث بالتنسيقية المصرية
للحقوق والحريات أحمد العطار، لـ"عربي21" أن أعداد "حملة اعتقالات
سبتمبر" تجاوزت أكثر من 2000 مصري حتى الآن، وذلك على خلفية الاحتجاجات
الواسعة التي شهدتها البلاد منذ يوم الجمعة الماضي، مؤكدا أن الاعتقالات طالت
أكاديميين، ونشطاء، وحقوقيين، وصحفيين، ومحامين، ورموزا سياسية، بل وطالت أطفالا،
ونساء.
وقررت نيابة أمن الدولة قررت حبس
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، والمتحدث السابق باسم الفريق
سامي عنان وأستاذ العلوم السياسية حازم حسني، ورئيس حزب الدستور السابق خالد
داوود، 15 يوما، وذلك بعد انتهاء التحقيقات معهم مساء الأربعاء.
جمعة مرتقبة
وقبل يومين، قتلت قوات الداخلية 6
أشخاص من جماعة الإخوان المسلمين، وبررت التصفيات بالقول إن عناصر جماعة
"الإخوان" الذين جرى تصفيتهم "كانوا بصدد الإعداد لتنفيذ سلسلة من
العمليات الإرهابية الكبرى خلال الفترة المقبلة"، من دون تبيان أي معلومات عن
هذه العمليات المزعومة.
وأعلنت شخصيات مصرية معارضة بالخارج
تضامنها مع مطالب الشعب المصري، ودعمها للتظاهر الجمعة القادم في مليونية المطالبة
برحيل رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وجدد الفنان ورجل الأعمال محمد علي،
في فيديو جديد بثه على موقع فيسبوك، الأربعاء دعوته للشعب المصري للتظاهر، يوم
الجمعة المقبل، مضيفا أن "النزول بأعداد كبيرة سوف يقلل من قدرة الشرطة
والجيش على قمع المظاهرات".
اقرأ أيضا: مصادر لـ عربي21: هذا سر عدم إنزال الجيش المصري للميادين
وعلق البرلماني المصري السابق، ورئيس
مركز الحوار بواشنطن، عبد الموجود الدرديري، بالقول إن "نظام السيسي واضح
عليه الإنهاك الداخلي بالرغم من نشاطه الخارجي الواسع؛ وبسبب فقدانه التوازن بين
سياساته الداخلية والخارجية فقد فقد توازنه وانكشف عواره"، مشيرا إلى أن
"فضائح محمد علي أفقدته مزيدا من عدم التوازن، وأصبح يعيش هاجس
الإنزلاق".
وأوضح الدرديري لـ"عربي21"
أن "تحدي السيسي للمزاج المجتمعي العام عندما تبجح بأنه "عمل وهيعمل
قصور"، في ظل تردي الوضع الاقتصادي لملايين المصريين، فما كان من كثير من
أبناء الشعب بكل فئاته حتى بعض المتضررين من أبناء القوات المسلحة إلا محاولة
التخلص منه ومن سياساته المفقرة".
ووصف نظام السيسي "بالثور
الهائج الذي يرى الحبل يقترب من رقبته، فيزيد من الاعتقالات والتصيفات كآخر حيله
في البقاء"، مستبعدا في الوقت نفسه أن "تحميه ولا بد من تدخل أصبح حتميا على كل من يريد أن يرى مصر دون الاستبداد والفساد الذي مارسه لسنوات ست خلت".
السيسي وشمشوم
وأعرب أستاذ العلوم السياسية، رئيس
أكاديمية العلاقات الدولية، عصام عبدالشافي عن اعتقاده بأن "كل المؤشرات تقول
إن يوم الجمعة 27 سبتمبر سيكون يوما ثوريا بامتياز، وخاصة مع تصاعد الانتهاكات التي
يقوم بها نظام السيسي واعتقال المئات خلال الأيام القليلة الماضية، والتي طالت
جميع التيارات، ودفعت بأجهزة السيسي لتكون في مواجهة مفتوحة مع الجميع، أعتقد أنها
أصبحت صفرية، بين منظومة السيسي وكل المكونات الرافضة له".
وفي حديثه لـ"عربي21": أكد
أن "هذه الاعتقالات تزيد من حالة الغضب والاستنفار، وتزيد من الرغبة الشعبية
في التخلص من هذا النظام، وتقوم على تحقيق مزيد من الحشد والتعبئة، لإدراك الجميع
الآن أن هذا النظام لن يتورع عن التنكيل بالجميع في سبيل بقائه، وأن هذا البقاء
سيؤدي إلى تدمير بنية وتماسك المؤسسة العسكرية، واستهداف الشرفاء فيها".
وعن تصوره لمظاهرات الجمعة، قال:
"ستكون هناك مظاهرات، وستكون بداياتها بعيدا عن الميادين، لمواجهة القبضة
الأمنية الشديدة التي تفرضها الأجهزة الأمنية منذ فترة، وخاصة أنها ستكون حياة أو
موت للنظام ومنظومته، وستكون هذه المظاهرات عابرة لكل شيء، للتيارات، للأحزاب،
للجماعات، للمؤسسات، للرموز والشخصيات، فهي موجة جديدة بروح جديدة، توفرت لها كل
محفزات الانطلاق للدفاع عن الوطن وكرامته ومقدراته".
اقرأ أيضا: "فايننشال تايمز": خروج الناس ببلد قمعي مثل مصر ليس هينا
وقال مدير الجبهة المصرية لحقوق
الإنسان في أوروبا، كريم طه، لـ"عربي21"، إن "رسالة النظام هي
إعادة بناء وترميم حاجز الخوف الذى يهدم منذ انطلاق التظاهرات ضد عبدالفتاح
السيسي، وتقويض عملية التحركات الشعبية من خلال القبض على الفاعلين السياسيين مثل حازم
حسني وحسن نافعة وخالد داوود وآخرون".
وأضاف طه لـ"عربي21" أن
"نظام السيسي يستبق احتجاجات الجمعة باعتقالات قد تصل إلى المئات وتصدير
الخوف والترويع للمواطنين، حيث تقوم السلطات المصرية بالقبض العشوائي على
المواطنين وأيضا تصفية 6 أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين في حي السادس من
أكتوبر".
وأعرب عن اعتقاده أن مثل تلك
الإجراءات "لم ولن تحميه (السيسي) ودعنا نتذكر 27 و 28 يناير 2011، حيث أن
القبض والقتل أدى إلى كسب تعاطف عموم الجماهير ونزول الملايين إلى الميادين".
ماذا وراء السماح للمتظاهرين ضد السيسي بدخول ميادين مصر؟
ما هي دلالات ظهور سامي عنان بالمشهد المصري بهذا التوقيت؟
هل فشل إعلام السيسي في مواجهة فيديوهات محمد علي؟