صحافة دولية

لماذا تتخوف شركات النفط من حرب العملة؟

من المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين إلى إبطاء عجلة الاقتصاد - cnn

نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن تداعيات موجة تخفيض سعر الفائدة في العديد من البلدان على أسعار النفط، في ظل زيادة المخاوف من ركود اقتصادي محتمل. 
 
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن البنوك المركزية في كل من الهند ونيوزيلندا وتايلاند قد خفضت من أسعار الفائدة يوم الأربعاء، في محاولة منها لحماية اقتصاداتها وصادراتها من تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وفي الواقع، إن خفض أسعار الفائدة هو مؤشر واضح على أن المعركة بين واشنطن وبكين تشكل تهديدا للاقتصاد العالمي.

وأوضح الموقع أنه من المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الصين إلى إبطاء عجلة الاقتصاد في كلا البلدين على حد سواء. ومن جهتها، حاولت الحكومة الصينية مواجهة التداعيات الاقتصادية لهذه العقوبات بخفض قيمة عملتها. 
 
ويوم الاثنين، تراجعت قيمة اليوان الصيني إلى ما يعادل سبعة يوان مقابل الدولار الأمريكي، مع العلم أن مؤشر العملة الرسمي لم يتدن إلى هذا الحد منذ الأزمة المالية لسنة 2008. وقد رفض البنك المركزي الصيني حتى الآن السماح بمزيد التخفيض في قيمة العملة لما يمكن أن يترتب عن ذلك من مخاطر.
 
ونوه الموقع بأنه من المرجح أن يفرض التخفيض المفاجئ في قيمة اليوان ضغوطا هائلة على الأسواق الناشئة الأخرى، نظرا لأهمية الاقتصاد الصيني بالنسبة للمنظومة الاقتصادية العالمية من جهة، ونظرا لطبيعة سوق العملة المترابطة والعلاقة الوطيدة بين الدولار واليوان التي تلعب دورا مركزيا في ضبط السياسة النقدية العالمية من جهة أخرى.
 
وذكر الموقع أنه بعد مرور يومين على انخفاض قيمة اليوان الصيني، عمدت كل من الهند ونيوزيلندا وتايلاند بسرعة إلى خفض أسعار الفائدة. وفي تصريح له لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أفاد إيسوار براساد، الرئيس السابق للقسم الصيني داخل صندوق النقد الدولي بأن "هذه الخطوة تعتبر ردة فعل دفاعية من جانب الدول التي تسعى لحماية نفسها من الأضرار الجانبية الناجمة عن التوترات التجارية العالمية المتزايدة، وبالتزامن مع ضعف النمو المحلي".
 
وحذر الموقع من أنه يمكن أن تنجرّ عن هذه الخطوة الوقائية المزيد من الإجراءات الدفاعية الأخرى. فمع انخفاض قيمة بعض العملات سيزداد الضغط الموجه نحو عملات أخرى لتحذو حذوها. ويكمن الخطر في فتح المجال لسباق متعاقب لخفض العملة، مما سيؤدي في النهاية إلى اندلاع حرب عملات.
 
وأشار الموقع إلى أن الدولار، باعتباره العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم، يمثل ملاذا آمنا من الأصول السائلة، لذلك يميل رأس المال إلى الاحتماء بالدولار خلال الأزمات، لا سيما في ظل انخفاض قيمة العملات الأخرى. ونظرا لكون الدولار يأخذ منحى تصاعديا عند بروز اضطرابات داخل السوق المالية العالمية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تعميق الإشكالية. 

 

اقرأ أيضا: لماذا يخشى ترامب ضعف اليوان الصيني أمام الدولار؟

والجدير بالذكر أن الرئيس ترامب، الذي قام فعلا بتخفيض الاحتياطي الفيدرالي بهدف خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، لن يكون سعيدا للغاية في حال بدأت قيمة الدولار في التضخم مقارنة بالعملات الأخرى. ولكن، بطبيعة الحال، لم يكن لهذا المشكل أن يُطرح لولا تدخل ترامب. وسيكون صعبا للغاية التراجع عن الحرب التجارية الاختيارية بين الولايات المتحدة والصين، نظرا لأن الشروط المجحفة المطروحة تجعل التسوية أمرا صعبا للغاية.

 
وأفاد الموقع بأن مفتاح الأزمة قد يكون بيد أصحاب الأعصاب الباردة، ولكن مع عدم إظهار شي جين بينغ أي نية في التراجع، سيُحشر ترامب في الزاوية أكثر، مما لن يترك لكلا القائدين الكثير من الحلول التي من شأنها أن تحفظ ماء الوجه للخروج من هذه الحرب.
 
ونوه الموقع بأنه لم تمر أيام قليلة على إعلان ترامب الترفيع في قيمة التعريفات الجمركية على الصين عبر حسابه على تويتر حتى تسارعت تداعيات هذا القرار؛ فقد قامت العديد من البنوك المركزية بالتخفيض في أسعار الفائدة، وهو ما يمكن أن يأخذ منحى تصاعديا في المستقبل القريب. 
 
وأورد الموقع أن مؤشر داو جونز الصناعي قد انخفض بنسبة سبعة بالمئة خلال الأسبوع الماضي. كما انخفض سعر النفط الخام بأكثر من 13 بالمئة خلال الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس، بينما انخفض بأكثر من 20 بالمئة منذ الذروة الأخيرة في شهر نيسان/ أبريل، مما يضع الأسعار في منطقة سوق هابطة.
 
وأكد الموقع أن سوق النفط يعاني من مجموعة من المشاكل، حيث أن الطلب يُعتبر ضعيفا للغاية مقارنة بالزيادات الهائلة في العرض. كما أدى الارتفاع المفاجئ في مخزون إدارة معلومات الطاقة الأمريكية من النفط الخام يوم الأربعاء إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، التي كانت تشهد تدهورا متواصلا في الآونة الأخيرة. 
 
ويُذكر أن حرب العملات تؤثر بشكل مباشر على الطلب في سوق النفط، إذ أن ارتفاع قيمة الدولار يجعل تكلفة النفط مرتفعة بالنسبة لبقية الدول. كما يفرض هذا المعطى تأثيرا فوريا على التسعيرة المخصصة للمستهلكين، وهو ما يفسر تحرك الأسعار عكسيا نحو الدولار.
 
وفي الختام، أورد الموقع أن الطلب يتباطأ بسبب المشاكل الاقتصادية الأشمل؛ فالحرب التجارية وتدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية يزيدان من حدة انخفاض الأسعار. وليس من قبيل الصدفة أن ينخفض سعر النفط الخام بنسبة خمسة بالمئة يوم الأربعاء، بعد التخفيضات المفاجئة في أسعار الفائدة من قبل عدة بنوك مركزية. لقد أثار تهديد حرب العملة مخاوف من حدوث تراجع أعمق في مردود الاقتصاد العالمي، الذي من الواضح أنه سيكون سلبيًا بشكل كبير على الطلب في سوق النفط.