أنباء متضاربة حول مكانه الأن، بعد أن تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية في اللحظات الأخيرة عن تسليم عالم فلسطيني إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
التراجع جاء على خلفية قرار قاض بمحكمة في ولاية فيرجينيا منع بموجبه تسليم عبد الحليم الأشقر إلى دولة الاحتلال، ما اضطر السلطات الأمريكية إلى إعادته إلى الولايات المتحدة، وهو حاليا في سجن في ولاية فرجينيا.
وقال مصدر فلسطيني مطلع الجمعة، إن الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت في اللحظات الأخيرة عن تسليم العالم الفلسطيني عبد الحليم الأشقر إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
وفي تفاصيل الخبر، قال المصدر لـ"عربي21" طالبا عدم الكشف عن هويته، إن قاضيا بمحكمة في ولاية فيرجينيا أصدر قرارا بمنع تسليم الأشقر إلى الحكومة الإسرائيلية، ما اضطر السلطات الأمريكية إلى إعادته إلى الولايات المتحدة، وهو حاليا في سجن في ولاية فرجينيا.
وأضاف المصدر نقلا عن أحد أقارب الأشقر قوله إنه "بعد وصول الطائرة للمطار الإسرائيلي صعد مسؤول بالسفارة الأمريكية وسلم مندوبي FBI قرارا قضائيا بعدم تسليمه للاحتلال وإعادته للولايات المتحدة".
وتابع: "تمت إعادته فعلا وهو محتجز الآن في أحد السجون بولاية فرجينيا ويتابع قضيته عدد من المحامين".
وبحسب زوجة الأشقر، أسماء مهنا فإن فريق الدفاع عن زوجها، نجح بإصدار قرار قضائي لإعادة زوجها إلى الولايات المتحدة. وأوضحت مهنا أن تل ابيب أرجعت زوجها إلى أمريكا بعد أن اقترب تنفيذ قرار تسليمه للاحتلال.
اقرا أيضا : مصدر لـ"عربي21": واشنطن تتراجع عن تسليم الأشقر لإسرائيل
وكشفت أن القرار القضائي، الذي اتخذ في المحاكم الأمريكية ينص على منع تسليم زوجها إلى الاحتلال الإسرائيلي. وأكدت أن زوجها يمكث الآن في سجن في ولاية فيرجينيا.
وكانت معلومات تحدثت عن أنه مازال في الطائرة الأمريكية في مطار "بن غوريون"، وأن قاض أمريكي أمر بعدم إنزاله من الطائرة، وأن هناك إمكانية لإرساله إلى أية دولة تبدي استعدادها لاستقباله.
وفي السياق ذاته، قالت قناة "كان" الإسرائيلية إن الأشقر وصل خلال الأيام الماضية إلى مطار اللد "بن غوريون"، على متن طائرة أمريكية و"لكنه لم يخرج منها".
وأكدت "القناة" أن الطائرة غادرت إلى "جهة غير معلومة، ومن غير الواضح لماذا تم إحضاره أصلا للمطار"، وفق تعبير "القناة".
وفي وقت سابق، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "اختطفوا الأشقر وقرروا تسليمه لإسرائيل دون إجراءات قانونية أو علم محاميه".
وكشفت وسائل إعلام أن إدارة الهجرة استدعت الأشقر قبل أيام إلى مقر إدارة الهجرة هو وشقيقته، وبعد انتظار دام أربع ساعات جاء موظف الهجرة وأخبر شقيقته بأن عليها أن تغادر لأنه غادر على طائرة برفقة عملاء فدراليين إلى "إسرائيل".
الإجراء الأمريكي كان صادما فقد جاء التسليم دون علم الأشقر ودون علم عائلته ومحاميه ليتسنى لهم الاعتراض على هذه القرار وهو ما اعتبرته المنظمة العربية "خرقا فاضحا للقوانين الأمريكية التي تتيح بشكل قاطع لكل إنسان التظلم من أي قرار يمس سلامته وحريته ويلحق أضرارا به وبعائلته".
اقرأ أيضا : تفاصيل "اختطاف" العالم الفلسطيني الأشقر وتسليمه لإسرائيل
وتعود أصول عائلة عبد الحليم الأشقر، المولود عام 1958 إلى قرية صيدا في طولكرم بالضفة الغربية، وتخرج الأشقر عام 1982 من جامعة "بيرزيت"، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة "لافيرن" في اليونان عام 1989، والدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة "المسيسيبي"، ويحمل درجة علمية رفيعة "بروفيسور" في إدارة الأعمال.
عمل محاضرا في "الجامعة الإسلامية" بغزة، ثم تولى مسؤولية العلاقات العامة والناطق الرسمي باسم الجامعة، وفي عام 1989 سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة بعد حصوله على منحة تعليمية، وهناك عمل بروفسورا في العديد من الجامعات الأمريكية، كان آخرها جامعة "هاورد" في واشنطن.
طيلة فترة تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية تعرض الأشقر لمضايقات وملاحقات واعتقل ثلاث مرات من قبل السلطات الأمريكية.
وفي عام 2003، اعتقل وأخضع للإقامة الجبرية في منزله، بتهمة الدعم والانتماء لـ"حماس"، ولرفضه الشهادة ضد بعض الناشطين الفلسطينيين والمسلمين.
ومن ثم وبعد صدور قرار المحكمة اعتقل من جديد ونقل إلى أحد السجون الأمريكية في عام 2007.
وفي سياق المحكمة التي جرت له برأت هيئة المحلفين رجل الأعمال الفلسطيني المقيم بمدينة شيكاجو محمد صلاح وعبد الحليم الاشقر من تهمة الاشتراك في "مؤامرة لتمويل أنشطة إرهابية لحماس على مدى 15 عاما".
ورأت هيئة المحلفين أنهما غير مذنبين بتهمتي "الابتزاز والتآمر" وهما أخطر اتهام منسوب إليهما وكان يمكن أن تصل عقوبته إلى السجن 40 عاما.
لكن هيئة المحلفين أدانتهما بتهم أقل وهي "إعاقة سير العدالة" ورفض الأشقر الرد على أسئلة اثنين من أعضاء هيئة المحلفين العليا. وقال محامون أن تهمه تعطيل سير العدالة عقوبتها السجن خمسة أعوام وتسمح أيضا بإيقاف التنفيذ.
وقالت لائحة الاتهام التي أعدتها هيئة محلفين كبرى أن صلاح الذي أصبح مواطنا أمريكيا عام 1979 كان المسؤول عن تحويل الأموال التي ذهبت إلى "حماس" في الفترة ما بين عامي 1988 و2003 وجند أعضاء في الحركة وسلم رسائل باسم المتهم في الولايات المتحدة موسى محمد أبو مرزوق.
ووصف ممثلو الأدعاء الأشقر بأنه كان يعمل من وراء الستار وساعد في تنسيق وتسجيل أنشطة الجناح العسكري لـ"حماس".
وجاء في لائحة الاتهام أنهما و"متآمرين" آخرين ساعدوا خلال الفترة ما بين عامي 1988 و2003 في تمويل "حماس" التي تصنفها الولايات المتحدة "جماعة إرهابية".
ونفى صلاح والأشقر الاتهامات وقالا أنهما كان يشاركان في أعمال خيرية.
وكان رجل الأعمال صلاح اعتقل في عام 1993 وقضى حكما بالسجن 4 سنوات ونصف في السجون الإسرائيلية. واستخدم الإدعاء اعترافات صلاح التي انتزعت منه تحت التعذيب إلى أقصى مدى، لكن محامي الدفاع قالوا إنه عذب خلال استجوابه في "إسرئيل" وانتزعت منه الاعترافات بالقوة.
وفي المرافعات الختامية قال المدعون الحكوميون "إن حماس استخدمت الولايات المتحدة ملاذا آمنا لتنظيم وجمع الأموال وتجنيد فلسطينيين ليصبحوا مفجرين يتسببوا في نهاية الأمر في مقتل مئات في إسرائيل".
وشهدت المحاكمة ظهورا غير مسبوق لرجال المخابرات الاسرائيلية الذين نفوا تعذيب صلاح، وكان أيضا من أبرز الشهود جوديث ميلر الصحفية بـ"نيويورك تايمز" التي زارت صلاح في سجنه حين كان معتقلا، وحضرت جزءا من عملية استجوابه ثم كتبت بعد ذلك مقالا نشر في الصفحة الأولى في صحيفتها.
أثناء اعتقاله ومكوثه فترة الإقامة الجبرية، ترشح الأشقر لانتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية في عام 2005 وكان يهدف في برنامجه الانتخابي، إلى تعميق وترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية، من خلال تطوير ميثاق شرف ينظم العلاقة بين الفصائل الوطنية والإسلامية.
وقدم برنامجا من أبرز عناصره بناء الدولة على أسس الشفافية والمحاسبة والشراكة في صنع القرار واقتلاع الفساد، وتعميق وترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال عن طريق المقاومة.
في إحدى مقابلاته الصحفية، تحدث الأشقر من مقر إقامته الجبرية قائلا: "أنا رهن الإقامة الجبرية في منزلي ولا يسمح لي بالخروج إلا لصلاة الجمعة، وأنا أجلس معكم هنا يوجد في قدمي جهاز لمراقبتي، كما تحدد أجهزة الأمن أماكني عن طريق جهاز GPS، أحمله معي".
يقول الأشقر إن الاتهامات الموجهة إليه تعود إلى عام 1993 منذ قدومه إلى الولايات المتحدة، وكانت الاتهامات المجهة إليه تتلخص في احتقار المحكمة ورفض الشهادة وقد اعتقل على هذا الأساس".
ويضيف: "كنت تحت الرقابة منذ قدمت بهدف جمع المعلومات والمخابرات فقط، لكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وبعد أن اعتبرت الحكومة الأمريكية "حماس" "منظمة إرهابية"، وجهت إلي الحكومة تهما أخرى وبناء على المعلومات التي جمعتها عني قبل ذلك التاريخ لتدينني بها".
في مقابلة مع قناة "بي بي سي"، قال الأشقر: "إن سلطات الأمن عرضت علي كل المغريات الممكنة من وظيفة أو جنسية أو أموال لكي أقدم شهادة ضد من يريدون وقلت لهم: "لا أستطيع، أفضل الموت على أن أكون خائنا ضد شعبي وضد قضيتي والعاملين من أجل القضية الفلسطينية".
الفصائل الفلسطينية في مقدمتها "الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" حملت الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن حياة العالم الفلسطيني الأشقر رافضة تسليمها إياه للاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت الفصائل في بيانات منفصلة أن الخطوة الأمريكية عدائية الشعب الفلسطيني، وتؤكد تواطؤها ضد القضية الفلسطينية.
لا يمكن فصل ما جرى للعالم الأشقر عن السياق العام للموقف الأمريكي من القضية الفلسطيينة، وهو موقف يتماهى إلى حد كبير مع الرؤية الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنحاز بشكل لافت غير قابل للشك إلى جانب الحكومة الإسرائيلية ضد تطلعات الفلسطينيين بالحرية وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
تحذير إسرائيلي من تفعيل حماس لقواتها البحرية ضد قواعد عسكرية
وزير إسرائيلي: حماس تريد ميزان ردع يحاكي "كوريا ش" مع أمريكا
هذا هو الوضع في واشنطن.. بولتون يدفع للحرب وترامب يفضل التروي