رضخ رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، ونائب وزير الدفاع الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، للمسيرات المليونية الرافضة لإجراء الانتخابات الرئاسية في شهر تموز/يوليو المقبل، وأيضا لعدم تقدم مرشحين للرئاسيات.
وكانت مسيرات الجمعة 14 قد وجهت أصابع الاتهام للقايد صالح بالخيانة والتآمر مع العصابة، ورفعت شعارات من قبيل "الجيش والشعب خاوة خاوة وقايد صالح مع الخونة"، ونظرا كذلك لعدم وجود مرشحين بإمكانهم جمع النصاب القانوني من توقيعات الترشح.
ودعا رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، في خطاب جديد ألقاه من الناحية العسكرية السادسة (تمنراست)، الثلاثاء 28 أيار/ مايو الجاري إلى "فتح حوار جدي وبناء لحل الأزمة التي تعيشها البلاد".
الموقف الجديد لقايد صالح يعد انقلابا على تصريحاته في الأسبوع الفارط، والتي شدد فيها على أن "إجراء انتخابات الرئاسة سيجنب البلاد الوقوع في فخ الفراغ الدستوري الذي ينتج عنه انزلاقات غير محمودة العواقب". وأكد أن "إجراء الانتخابات الرئاسية يضع حدا لمن يحاول إطالة أمد الأزمة".
اقرأ أيضا: قايد صالح يتمسك بإجراء الانتخابات بالجزائر "تجنبا للفراغ" (شاهد)
وقال قايد صالح، في كلمة نشرتها الصحافة الجزائرية، إن "الشعب الجزائري المخلص لوطنه والمدرك لأهمية الإسراع في بلوغ الحلول الملائمة لهذه الأزمة، لا يريد تكرار تجارب مريرة سابقة كان قد كابد ويلاتها وعانى من آثارها أشد المعاناة، إنه لا ينسى ولا يريد أن ينسى تلك الفترة الصعبة التي مر بها خلال التسعينيات".
وأردف "علينا كجزائريين أن نأخذ العبرة مما سبق من تجارب وما سبق من أحداث مأساوية غاب عنها العقل وكان الخاسر الوحيد، من جراء كل ذلك، هو الوطن لهذا فإننا نشدد الإلحاح على ضرورة شعور كافة الأطراف بالمسؤولية وأن تجعل من الحوار طوق النجاة للوطن''.
وزاد قائد الأركان "يتعين أن تشارك فيه شخصيات ونخب وطنية تكون وفية للوطن ولمصلحته العليا المقدسة".
وشدد على أن الحوار "الصادق والموضوعي الذي يتم خلاله تقدير الظروف التي تمر بها البلاد، ويتم عبره التنازل المتبادل من أجل الوطن".
وأفاد هذا الحوار يعد الطريقة التي يتم (من خلالها) محو الفوارق بين الآراء المختلفة أو على الأقل تقليص المسافة في وجهات النظر المتباينة والمتباعدة".
وسجل "لا شيء يعلو على مصلحة الجزائر وكل شيء يهون في سبيلها"، فالجزائر تحوز في تاريخها الوطني على الكثير من العبر والدروسي نتيجة مرورها بالكثير من المحن والشدائد، ووصول شعبها إلى بر الأمان كان بفضل روح المسؤولية الجماعية التي يعرف بها".
كما أعلن قايد صالح، في خطابه، رفضه الفترة الانتقالية "التي لا تؤتمن عواقبها"، ودعا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية "في أسرع وقت ممكن".
وقال: "فالأولوية الآن، وأعيد ذلك مرة أخرى وبكل إلحاح، هو أن يؤمن الجميع بأهمية المضي قدما نحو حوار مثمر يخرج بلادنا من هذه الفترة المعقدة نسبيا التي تعيشها اليوم، ويضمن بذلك الطريق نحو بلوغ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن، أقول في أسرع وقت ممكن بعيدا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها، فالجزائر لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التأخير والمزيد من التسويف".
وتلقت جهود قايد صالح لإجراء الانتخابات ضربة موجعة من خلال إيداع ملفات المرشحين لانتخابات الرئاسة، حيث أعلن المجلس الدستوري الجزائري، إيداع ملفين لمرشحين اثنين فقط، للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الرابع من تموز/ يوليو المقبل، فيما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية أنه لم يتقدم إلا مرشحان اثنان بأوراقهما، وقام 77 شخصا بسحب ملفات ترشحهم.
اقرأ أيضا: الإعلان عن تقدم مرشحين 2 للانتخابات الرئاسية بالجزائر
تصريحات قايد صالح تراجع فيها بشكل واضح عن اللغة التي استعملها أسبوعا واحدا فقط، حيث رفض التجاوب مع دعوات الحوار أو المراحل الانتقالية التي تقدمت بها الأحزاب السياسية والهيئات المدنية الجزائرية، مشددا على أن انتخابات يوليو/ تموز هي المخرج الوحيد من الأزمة.
جاءت كلمة قايد صالح،
في ظل ترقب الجزائريين لإعلان المجلس الدستوري، بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة،
بعد أن قدم شخصان مجهولا الهوية ملفي ترشحهما للمجلس، وهما عبد الحكيم حمادي وحميد
طواهري.
ومن بين 77 شخصا تقدموا لسحب استمارات الترشح، انسحب رئيسا حزبي المستقبل والتحالف الوطني
الجمهوري، وهما فقط المعروفان على الساحة السياسية، حتى وإن لم يكن لهما ثقل سياسي
كبير. وفقا لمواقع جزائرية.
وقالت وسائل إعلام
جزائرية: "إن المجلس "بلا شك"، سيعمل على إبطال الملفين، كونهما لم يعلنا
أنهما نجحا في جمع 60 ألف توقيع، من 25 ولاية، غير أن المجلس سيأخذ كامل وقته
القانوني، من أجل دراسة الملفين وإعلان القرار".
إلى ذلك تظاهر آلاف
الطلاب، في العاصمة الجزائر، وتلمسان، ووهران، وبجاية دعما للحراك الشعبي، وللمطالبة
برحيل رموز النظام ورفض الانتخابات تحت رئاسة ابن صالح وبدوي.
وأغلقت قوات الأمن،
الطريق المؤدي إلى ساحة البريد المركزي، لمنع الطلبة من الوصول إلى هناك للتظاهر.
وعاشت الجزائر خلال الجمعة الماضي أكثر أيامها الاحتجاجية حبسا للأنفاس، حيث انطلقت باعتقال الشرطة الجزائرية، عشرات الاشخاص قرب ساحة البريد المركزي بالعاصمة، حيث تلتقي التظاهرات الاسبوعية منذ 22 شباط/ فبراير، للمطالبة برحيل رموز نظام بوتفليقة والغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من تموز/ يوليو، وانتهت بمسيرات مليونية رفعت فيها شعارات تهاجم قايد صالح وتتهمه بالخيانة.
اقرأ أيضا: اعتقالات بصفوف متظاهري الجزائر وإغلاق لساحة البريد (شاهد)