نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن إعلان الولايات المتحدة عن نشر قوات إضافية ومعدات عسكرية في الشرق الأوسط بحجة تعرض قواتها لتهديدات مستمرة من الجانب الإيراني.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة ترامب أعلمت الكونغرس عن اعتزامها بيع أسلحة جديدة إلى المملكة العربية السعودية، وهي خطوات اعتبرها المحللون فخا نصبته واشنطن تسعى من خلاله لدفع طهران إلى رد الفعل واستئناف أنشطتها النووية، ثم حشد المجتمع الدولي ضدها.
وذكرت أن دونالد ترامب بدأ مجددا في نفخ الهواء لإذكاء جمرات التوتر في الشرق الأوسط. وقد أعلن الرئيس الأمريكي من البيت الأبيض عن اعتزامه إرسال قوات إضافية إلى الشرق الأوسط سيبلغ عددها حوالي 1500 جندي. ومن أجل تبرير هذه الخطوة، أوضح البيت الأبيض أن الهدف هو مواجهة التهديدات المتواصلة ضد القوات الأمريكية الصادرة عن أعلى المستويات في الحكومة الإيرانية، التي كانت قد استنكرت التحرك الأمريكي واعتبرته تهديدا للسلم الدولي.
وأوردت أن مدير البنتاغون، باتريك شاناهان، أكد أن "هذه التعزيزات العسكرية موجهة لتحسين حماية وأمن القوات الأمريكية في ظل التهديدات المتواصلة من الأطراف الإيرانية، من بينها جهاز الحرس الثوري، لذلك تعد هذه الخطوة ردا حذرا على التهديدات الإيرانية الجديّة".
وأشارت إلى أن هذا التصعيد يأتي في وقت أبلغت فيه إدارة ترامب الكونغرس بوجود صفقات جديدة لبيع الأسلحة للسعودية، العدو الإقليمي لإيران، ولدولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى مسألة التهديدات الإيرانية من أجل ثني النواب الأمريكيين عن تعطيل هذه العقود.
اقرأ أيضا: باحث: لهذا السبب لن تحصل حرب بين إيران وأمريكا (شاهد)
وأوضحت أن التعزيزات التي ستدفع بها واشنطن تتضمن كتيبة من 600 جندي مكلفة بتشغيل أربع بطاريات مضادة لصواريخ باتريوت سيتم تغيير مواقعها، إلى جانب إرسال أجهزة للمراقبة والتعرف، وسرب مكون من 12 طائرة مقاتلة من أجل تعزيز الوجود العسكري الأمريكي.
ونقلت الصحيفة تصريحا أدلت به كاتي ويلبرغر، السكريتيرة المساعدة المسؤولة عن الأمن الدولي في البنتاغون، أكدت فيه أن "الدفع بهذه القوات الإضافية لا يخص سوريا أو العراق، وإنما تواصل واشنطن عملياتها ضد تنظيم الدولة".
وذكرت أن القيادة الوسطى الأمريكية المسؤولة عن العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وجزء من آسيا الوسطى، تضم 70 ألف عسكري منهم 14 ألفا منتشرين في أفغانستان، و5200 في العراق، وأقل من ألفين في سوريا. أما القوات التي سيتم إرسالها الآن ستتجه نحو قواعد في الشرق الأوسط ولكن ليس في مناطق القتال.
ونقلت الصحيفة عن الأميرال مايكل جيلداي، المسؤول في قيادة الأركان في الجيش الأمريكي، قوله إن "الهجمات ضد عدد من ناقلات النفط قبالة ميناء الفجيرة في الإمارات، تم التخطيط لها من قبل الحكومة الإيرانية". كما اتهم جهاز الحرس الثوري، وهو الجهاز العسكري الإيديولوجي للنظام الإيراني، بأنه حاول نشر زوارق معدلة قادرة على إطلاق صواريخ كروز في منطقة الخليج، وأنه مسؤول عن إطلاق صاروخ نحو المنطقة الخضراء في بغداد، التي تقع فيها السفارة الأمريكية.
ومع كل هذه الاتهامات، جدد البنتاغون تأكيده على أن التعزيزات العسكرية الأخيرة في الشرق الأوسط تأتي لأهداف دفاعية بحتة. وحيال هذا الشأن، قال الأميرال جيلداي إن "هذه الخطوات المدروسة والخطاب العام الأمريكي يهدفان إلى إبراز أن واشنطن لا تسعى لإطلاق شرارة أعمال قتالية مع إيران".
اقرأ أيضا: إيران تعلق على إرسال ترامب 1500 جندي أمريكي للمنطقة
ونوهت الصحيفة إلى أن هذا الإعلان الأمريكي يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وطهران توترا شديدا، وزيادة في المواقف العدائية منذ بداية الشهر. وقد علقت إيران البعض من التزاماتها المندرجة ضمن الاتفاق النووي المبرم في سنة 2015، الذي يؤطر أنشطتها النووية. وجاءت هذه الخطوة الإيرانية بعد سنة من الانسحاب الأمريكي من هذا الاتفاق، وتصعيد إدارة ترامب للعقوبات ضد الاقتصاد الإيراني.
وأشارت إلى أن البنتاغون أرسل في بداية شهر أيار/ مايو الجاري حاملة طائرات، وسفينة حربية، وقاذفات بي52، وبطارية صواريخ باتريوت، في وقت أشار فيه مستشار الأمن القومي لدى البيت الأبيض، جون بولتون، إلى وجود مؤشرات تصعيدية مع طهران تبعث على القلق. وبعد هذه الخطوات الأمريكية، لم يتأخر الرد الإيراني، حيث صرح وزير الخارجية جواد ظريف بأن "زيادة الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة خطير ويمثل تهديدا للسلم والأمن الدولي، ويجب التصدي له".
وعرضت الصحيفة تحليل السفير الفرنسي السابق في إيران، فرانسوا نيكولو، الذي صرح على إثر القرار الأمريكي بخفض الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر بأن "المسألة الطارئة تتمثل فيما يمكن اعتباره سلسلة من الاستفزازات الأمريكية، الساعية إلى دفع إيران لارتكاب الخطأ".
وأضاف السفير الفرنسي السابق أن "أولى الاستفزازات الأمريكية هي الخروج من اتفاق فيينا، الذي كان يؤطر البرنامج النووي الإيراني. وتسعى واشنطن من خلال هذه الخطوة لاتهام إيران بالعودة لمساعيها النووية في الشرق الأوسط، وبالتالي تحريك المجتمع الدولي ضدها مجددا". واعتبر فرنسوا نيكولو أن هذا الفخ الكبير نصبته واشنطن بتخطيط من جون بولتن المعروف بتجاوزاته ووحشيته.
وأوردت الصحيفة، نقلا عن نيكولو، أن "حكومة حسن روحاني فهمت هذه اللعبة لحد الآن، وحاولت أن تكون ذكية، حيث فضل روحاني أن يكون رده على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي هادئا ومدروسا، وترك المجال والوقت للدبلوماسية". واعتبر هذا المحلل أنه "في خضم هذا المأزق الخطير الذي تمر به المنطقة، يبدو أن روحاني يلتزم بالحكمة الصينية التي تقول: المعركة التي تتجنبها هي معركة كسبتها. ولكن يبقى السؤال إلى متى سيستمر هذا الوضع؟".
التايمز: هذا هدف أمريكا من نشر حاملة الطائرات بالشرق الأوسط
FP: ما هي الآثار المدمرة لنزاع أمريكا وإيران على العراق؟
ناشونال إنترست: هذا ما تفتقده استراتيجية ترامب ضد إيران