صحافة دولية

الغارديان: كيف أخاف صوت الهذلول المستقل في بلادها؟

الغارديان: حصلت الهذلول على معاملة سيئة في السجن- تويتر

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا عن الناشطة السعودية لجين الهذلول، تقول فيه إن الهذلول تعد في خارج بلادها رمزا للمقاومة والدفاع عن حقوق المرأة، لكن في السعودية ينظر إليها على أنها تهديد على أمن البلاد. 

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن شقيقها وليد الهذلول، الذي يعيش في كندا، قوله إن لجين كانت تحب طرح الأسئلة، "ودائما ما كانت تشير إلى النفاق الذي يحيط بحظر قيادة المرأة للسيارة، وحاولت فهم سبب ذلك، وظلت تطرح أسئلة". 

وتقول الصحيفة، إنه عندما تم توقيف الهذلول وهي تقود سيارتها في الإمارات، ورحلت إلى السعودية، "فإن حكام السعودية كانوا قد بدأوا آخر جهودهم الوحشية لإسكاتها". 

ويشير التقرير إلى أن الهذلول احتجزت لثلاثة أيام، ثم أطلق سراحها، وبعد ذلك اعتقلت من بيت أهلها في الرياض، وعصبت عيناها، ووضعت في صندوق السيارة، وأخذت إلى مركز الاعتقال الذي وصفته بـ"مكان الرعب"، وفيه عذبت وهددت بالاغتصاب والقتل، لافتا إلى أنها معتقلة منذ أكثر من عام.  

وتفيد الصحيفة بأنه تم اعتقال 10 نساء أخريات مع لجين الهذلول، في حملة استهدفت النساء الناشطات اللاتي دافعن عن حق المرأة في قيادة السيارة، وكان من بينهن الناشطة المخضرمة عزيزة اليوسف وإيمان النجفان، وهو ما دعا ناشطي حقوق الإنسان لوصف حملة القمع السعودية بأنها "عام العار"، الذي تم فيه اعتقال الدعاة والصحفيين والكتّاب والناشطين أيضا. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه تم تقديم 11 منهن للمحكمة، بتهمة "القيام بنشاط قوض أمن واستقرار المملكة والسلام الاجتماعي لها"، وسط اتهامات بالتواصل مع دبلوماسيين أجانب وصحفيين، مشيرا إلى أنه تم الإفراج عن سبعة منهن بكفالة، إلا أن وليد الهذلول لا يتوقع المعاملة ذاتها لشقيقته. 

وتورد الصحيفة نقلا عن مراقبين، قولهم إن الهذلول حصلت على معاملة سيئة في السجن؛ لدورها القيادي كونها ناشطة في الحركة النسائية، فنظر لعملها على أنه صفعة في وجه الرواية التي تروج إليها المملكة، وهي أن التغيير يأتي من القمة، مشيرة إلى أنه مع استمرار المحاكمة فإنه من غير المعلوم الطريقة التي سينتهي فيها سجنها.

وينقل التقرير عن الناشطة السعودية في حقوق الإنسان والباحثة في مركز حقوق الإنسان والعدالة الدولية في جامعة نيويورك هالة الدوسري، قولها إن تقديم النساء للمحكمة هو "لردعهن، وتمت معاملتهن لإيصال رسالة لأي امرأة تفكر بعمل الشيء ذاته".

وتذكر الصحيفة أنه بحسب "أمنستي إنترناشونال"، فإن النساء اعتقلن لمدة شهر في مكان مجهول، وتعرضن للتعذيب والصعق الكهربائي والتعذيب الجسدي والنفسي. 

ويقول وليد للصحيفة، إن لجين اتصلت بعائلتها بعد شهر من اعتقالها من فندق في جدة، "كلما سأل الوالدان عن وضعها، كانت ترد بأنها لا تستطيع الجواب، وعلى ما يبدو كان هناك شخص يلقنها ما تقول". 

وبحسب التقرير، فإن الدوسري ترى أن الهذلول استهدفت تحديدا من بين الناشطات، و"تعرضت للتعذيب الجسدي وهي في الاحتجاز، وهو ما يكشف عن وعي الدولة بتأثيرها وما تمثله من قوة موجهة للمجتمع الذي يرتبط بها وبطموحاتها".

وتنقل الصحيفة عن وليد، قوله إن سعود القحطاني، المستشار سيئ السمعة لولي العهد محمد بن سلمان، زارها في المعتقل للإشراف على تعذيبها، و"حضر إحدى الجلسات، وقال لها: سأقتلك وأقطعك وأرميك في مياه الصرف الصحي، وقبل ذلك سأغتصبك"، مشيرا إلى أن شقيقته لا تزال قلقة على حال المرأة في خارج السجن، وليس على وضعها.

ويضيف وليد: "حتى في السجن، ومع أنها لم تشاهد النساء عندما سمح لهن بقيادة السيارة في السعودية، فإنها ظلت تسألني عن شعورهن، وإن كن يستمتعن بحق القيادة".

ويواصل وليد قائلا: "كانت تفكر فيهن رغم كونها في السجن وهو مكان لا يمكن للشخص أن يفكر فيه بالآخرين.. لم تتخل عن مبادئها، حيث اعتبرت أنه حق أساسي، وهي هناك تفكر بالآخرين، وهذه هي شخصيتها، فهي تهتم بالآخرين أكثر من اهتمامها بنفسها". 

ويورد التقرير نقلا عن الصديقة التي التقت لجين في جامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر، روزا خان، قولها، إنها "كانت دائما صريحة ذات ضحكة مسكرة تجعل الرؤوس تدور، وهي دائما واثقة من نفسها ومطلعة جدا، ولم تخش أبدا من إبداء رأيها، وكان أمرا مثيرا أن تكوني صديقة مع شخص مثلها".

وتنوه الصحيفة إلى أن عروبة جمال، التي عملت مع خان للدفاع عن الناشطة السعودية ضمن مجموعة "أصدقاء لجين"، للمطالبة بالإفراج عنها، قامت بنشر تغريدة وصورة لها في المناسبة التي عقدت في جامعة بريتش كولومبيا عام 2012، وعلقت على الصورة بالقول: "كما هو الحال، فهي في المركز". 

وتقول خان للصحيفة، إن الهذلول كانت تقود السيارة في أي مكان وهي في كندا، وعادة ما عرضت على زميلاتها أخذهن في نزهة بالسيارة، "بالنسبة للجميع فهي (السيارة) حاجة ضرورية، أما بالنسبة لامرأة جاءت من السعودية فهي نوع من الرفاه، وأن تكوني قادرة على قيادة السيارة". 

ويشير التقرير إلى أن لجين الهذلول واصلت بناء حضورها على الإنترنت، وعززت من سمعتها بصفتها ناقدة للقوانين التي تعطي الذكور الحق بالوصاية على المرأة، وهي القوانين التي تحظر على المرأة السفر أو القيام بعمل مستقل دون إذن من ولي أمرها.

وتنقل الصحيفة عن خان، تأكيدها أنه "رغم كونها ناقدة صريحة وامرأة متحررة، إلا أنها كانت وطنية ولن تسمعها وهي تنتقد ثقافتها أو حكومتها بطريقة أو بأخرى"، وتقول إن "السعودية وثقافتها هما جزء منها، وكل ما كانت تطالب به، هو إصلاحات ثانوية تقودهن (النساء) للعالم الحديث". 

ويورد التقرير نقلا عن وليد، قوله إن شقيقته لم تكن راضية عن الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية على بعد.  

وتلفت الصحيفة إلى أن لجين ظهرت في الأخبار في عام 2013، عندما سجل والدها فيديو لها وهي تقود السيارة من المطار إلى البيت، كجزء من حركة "يجب على المرأة قيادة السيارة"، وهي حركة أدت إلى حملة قمع من الشرطة، وقادت بعد عام سيارتها من الإمارات إلى الحدود السعودية، حيث احتجزت لـ 73 يوما خلف القضبان، وهي تجربة وصفتها بالثرية. 

وينقل التقرير عن الدوسري، قولها إنها أعجبت بالهذلول عندما التقت بها في مؤتمر عقد في الولايات المتحدة، "وشعرت أن هذه شخصية يجب دعمها بصفتها أيقونة وعامل تغيير"، وتضيف الدوسري: "بالنسبة لي كانت مثالا مبهرا عن شخص لديه كل شيء ليعيش برفاهية، لكنها مستعدة للمخاطر من أجل الناس". 

وأشارت الدوسري للهذلول عدة مرات بـ"الأيقونة"، قائلة إنها أشعلت الخوف في قلب السلطة الحاكمة؛ لأنها "كانت صوتا مستقلا لا سلطة للدولة عليه". 

وتقول الصحيفة إن عائلتها تنتظر مكالمتها كل أحد من زنزانتها، التي خلت الآن بعد الإفراج عن زميلاتها، فيما يخشى المدافعون أن تتعرض مرة أخرى للتعذيب لكنها لن تقلق عائلتها، فهي كما يقول وليد: "مصدومة ولا تفكر بطريقة جيدة.. لأنهم دمروا سمعتها، وقالت: (من الأفضل أن أبقى في السجن لأن ما فعلوه بي كان مرعبا)". 

ويستدرك التقرير بأن سمعة شقيقته لم تدمر، فقد حصلت هي والنفجان ونوف عبد العزيز على جائرة منظمة بن/ باربي للحرية في أمريكا هذه السنة، وفي نيسان/ أبريل وضعتها مجلة "تايم" ضمن 100 شخصية مؤثرة في عام 2019، بالإضافة إلى أن سمعة الهذلول الدولية بصفتها ناشطة ملهمة في الحركة النسائية هي تحقيق لحلم أمها. 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن خان تتذكر كيف أخبرتها لجين أن والدتها شاهدت صورة سيدة أعمال على غلاف مجلة، وجمعت بناتها وقالت لهن إنها تريدهن مثل تلك المرأة في المجلة، وأن "يعرفن ما يفعلن، وطلبت منهن عدم الخوف من المسؤولية والقيادة والعمل على تحقيق الطموحات مهما كلف الأمر".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)