ملفات وتقارير

هكذا أعاد "تنظيم الدولة" ترتيب صفوفه وضرب في أماكن عدة

راية داعش

عاد تنظيم الدولة إلى الواجهة مجددا، بتنفيذه هجمات دامية في سريلانكا، راح ضحيتها نحو 360 قتيلا، إضافة إلى شن أربعة من عناصره، هجوما على مركز أمني في منطقة الزلفي في منطقة الرياض.

وتزامنت عمليتا سريلانكا، والزلفي، مع هجمات شنها التنظيم على قوات النظام السوري في بادية حمص الشرقية، إضافة إلى هجماته المتكررة في سيناء والصومال ونيجيريا وأفغانستان واليمن وليبيا، ومؤخرا أوغندا.

ووفقا لمحللين، فإن التنظيم بدأ باستعادة قوته، بعد هزيمته في منطقة الباغوز، آخر معاقله شرقي سوريا، في آذار/ مارس الماضي، والتي رافقها تسليم الآلاف من مقاتليه وعائلاتهم، أنفسهم، إلى قوات سوريا الديمقراطية "قسد". 

وبهزيمة التنظيم في الباغوز، لم يتبق له سوى بضعة جيوب في بادية حمص، وخلايا متفرقة في إدلب، وريف حماة، عدا عن تواجده في سلسلة جبال حمرين في ديالى، ومناطق في كركوك، والأنبار.

 

إقرأ أيضا: كيف ستعامل الدول مقاتلي "الدولة" بعد انتهاء "خلافتهم"؟


وأوعز المتحدث الرسمي باسم التنظيم "أبو الحسن المهاجر"، في كلمته الأخيرة، قبيل أيام من خسارته الباغوز، إلى قرب العودة إلى الأيام "الزرقاوية"، في إشارة إلى شن العمليات المباغتة دون السعي إلى فرض السيطرة على أي منطقة، وهي الاستراتيجية التي كان يعمل بها "أبو مصعب الزرقاوي". 

إعادة هيكلة

 
خبير الجماعات الإسلامية، الأردني، حسن أبو هنية، قال لـ"عربي21"، إن التنظيم لم يتأثر بخسارته الباغوز، بالنظر إلى أن جميع المتواجدين فيها مع عائلاتهم، كانوا عبئا عليها، بحسب قوله، لافتا إلى أن التنظيم كان يعمل خلال الشهور الماضية بسياسة لا مركزية، وهو ما دفع أحد قادته إلى اتخاذ قرار بالبقاء في الباغوز.

وعن قوات "قسد"، والأسرى لديها من التنظيم، قال أبو هنية، إن "قسد" منحرجة لوجود نحو خمسة آلاف مقاتل من التنظيم، ترفض الدول الحاملون لجنسيتها استقبالهم.

وأوضح أبو هنية، أن التنظيم ومنذ العام الماضي 2018، أعاد هيكلته، بعد هزيمته في جل معاقله الرئيسية، بالموصل، والرقة، ودير الزور.

وبحسب أبو هنية، فإن التنظيم يسعى في الوقت الراهن، إلى الإضرار بالقوات العراقية، والحشد الشعبي، والعشائري، عبر العمليات النوعية المباغتة، ونصب الكمائن، والاغتيالات باستخدام كواتم الصوت، إضافة إلى شن عمليات عبر "الذئاب المنفردة" في أوروبا.

وقلل أبو هنية من تأثير المنشقين على هيكلية تنظيم الدولة، معتبرا أن كتاب "كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي"، والذي كشف جانبا من "فظائع" قام بها التنظيم في مناطق سيطرته لن يؤثر على القيادات والعناصر الموالية للبغدادي.

 

إقرأ أيضا: مكافأة ضخمة من "التحالف" لمن يرشد إلى مكان البغدادي (صور)


وألف الكتاب الشرعي المنشق عن التنظيم "أبو محمد الهاشمي"، والذي أوضح أن الكتاب صدر بموافقة من شرعيين بارزين، على رأسهم الشرعي العام السابق لـ"داعش"، البحريني تركي البنعلي (قتل في أيار/ مايو 2017)، والذي تعرض في الشهور الأخيرة قبل مقتله إلى ضغوطات من قبل اللجنة الشرعية للتنظيم، رغم تأليفه سابقا كتاب "مدوا الأيادي لبيعة البغدادي". 

وخلص أبو هنية إلى أن التنظيم استقر على هيكلة جديدة، ومن المفترض أن يخرج زعيمه "أبو بكر البغدادي" في كلمة جديدة، لا سيما بعد العمليات التي شنها مؤخرا.

ثلاث مراحل

 
أما الخبير العراقي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، هشام الهاشمي، فرأى أن تنظيم الدولة، وبعد سقوطه في الموصل، والرقة، وإعلان التحالف هزيمته، بدأ ببناء نفسه مجددا، عبر ثلاث مراحل (تمهيد، تكوين، تمكين).

وأوضح الهاشمي في حديث لـ"عربي21"، أن التنظيم أنهى مرحلة التكوين، عبر تجميد 80 بالمئة من موارده البشرية، والثقة في ولاءات العناصر التونسيين، والسعوديين، مع بقاء المال والقيادة العسكرية، بيد العراقيين، لينتقل إلى مرحلة التمهيد، والتي تعني البدء بالعمليات النوعية، وكسب الحواضن الشعبية، والتي تمكنه من التمهيد للسيطرة على بعض المناطق.

وتابع أن التنظيم وعند هزيمته في الفلوجة، في حزيران/ يونيو 2016، أعاد خارطة الطريق التي رسمها له متحدثه السابق، أبو محمد العدناني، والذي استشرف مستقبل التنظيم.

 

إقرأ أيضا: مصير غامض ومخاطر عدة بانتظار آلاف أطفال تنظيم الدولة


وبحسب الهاشمي، فإن التنظيم الذي بدأ يستعيد نشاطه، رغم انكماشه الواسع (من 35 ولاية إلى 7)، و(من 14 ديوان إلى 4)، و(من 6 مكاتب للهيئات الخارجية إلى مكتب واحد)، تجاوز رسميا مرحلة التكوين مطلع العام الحالي، وبدأ بتثبيت خلاياه النائمة.

ورأى الهاشمي أن تنظيم الدولة في العراق حاليا، هو جماعة موحدة، تتبع "أبا بكر البغدادي"، وتملك السلاح والمال، وهي تشتري المواد الغذائية بثلاثة أضعاف سعرها، ما يسهل عليها كسب ولاءات تجار في مناطق تواجدها.

ووفقا لهشام الهاشمي، فإن القوات الأمنية العراقية، لا تزال عاجزة عن القضاء على تنظيم الدولة، رغم النجاحات التي حققتها.

واعتبر الهاشمي أن المعركة يجب أن تكون استخباراتية، مع خلق بيئة طاردة للإرهاب.

مصلحة أمريكية

 
الكاتب والمحلل الأردني، حازم عياد، رفض اعتبار التنظيم قوة مستقلة، قائلا إنه "مجموعة مرتزقة"، مخترقة بالكامل، وأن الولايات المتحدة هي من تريد بقاءه.

واعتبر عياد أن واشنطن، والقوات التابعة لها في سوريا، والعراق، قادرة منذ سنوات على القضاء بشكل كامل على "داعش"، إلا أن السياسات الأمريكية ترغب ببقاء التنظيم كذريعة للوجود الأمريكي في المنطقة.

ولفت عياد، إلى أن بعض العمليات التي يقوم بها تنظيم الدولة تعزز رأيه بتبعيته للغرب، وتأثيره سلبا على المسلمين، مثل هجمات سريلانكا، التي استهدفت بلدا يشارك المسلمون فيه بالحكومة، ولهم ممثلون في البرلمان، إضافة إلى وجود هيئات تمثلهم مثل المجلس الإسلامي السريلانكي.

تأثير المنشقين

 
أحد المنشقين عن تنظيم الدولة، لخلافات عقدية في المقام الأول، قال في تصريحات سابقة لـ"عربي21"، إن التنظيم يحضر في المرحلة المقبلة للعودة بقوة، ليس إلى العراق فحسب، بل إلى سوريا، التي تنتشر خلاياه فيها في منطقة البادية، وغيرها.

ورغم انشغاله باستعادة قوته، وتنظيمه، قال الجزائري "أبو معاذ العاصمي"، إن تنظيم الدولة "يسعى لملاحقة كل من يشكل خطرا عليه بأي صورة كانت، وخاصة من يحارب عقيدته الفاسدة، ومستعد أن يدفع كل شيء مقابل هذا".

وتابع: "قاموا بتسليم أسرى من قسد مقابل أن يسلمهم الأكراد بعض المنشقين، وقاموا بقتلهم أمام الناس".

 

إقرأ أيضا: هكذا مثلت هجمات سريلانكا تحولا لافتا بهجمات تنظيم الدولة


وقلل العاصمي، من أهمية كتاب "كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي"، قائلا إن المعلومات الواردة فيه، موجودة منذ قيام التنظيم، معتبرا أن الكاتب "أبا محمد الهاشمي"، وجد في المعلومات التي أوردها، حجة للهروب من مناطق سيطرة التنظيم.

يشار إلى أن أنصار تنظيم الدولة يقومون منذ شهور، بما يطلقون عليه "الغزوات الإلكترونية"، وهي عبارة عن نشر مقاطع من إصدارات التنظيم، من خلال التعليقات على حساب المشاهير، لا سيما الخليجيين.

وتصدرت هذه الفيديوهات الردود الأولى على تغريدات غالبية المشاهير، والحسابات الإخبارية، التي تحظى بمتابعة كبيرة.

ولاحظت "عربي21" أن الحسابات التي تروج لفيديوهات تنظيم الدولة بشكل مكثف، لا تحمل بالضرورة أسماء معرفات تدل على توجهها، إضافة إلى طرحها أسئلة "تفاعلية"، بقصد جذب المغردين إلى مشاهدة الفيديوهات.