انتقدت أسرة الشاب أحمد الدجوي، الذي أعدمته السلطات المصرية في شباط/ فبراير الماضي، ضمن تسعة آخرين فيما تسمى قضية اغتيال النائب العام، إزهاق أرواح شباب من خيرة شباب الوطن بسبب وجود خصومة سياسية مع طرف سياسي آخر.
ودعت أسرته، في لقاء خاص مع "عربي21"، إلى وقف جميع أحكام الإعدام، وعدم استغلال الشباب بالزج بهم في خصومة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا يجوز تحميلهم ثمن أي خصومات سياسية.
ونفذت مصلحة السجون المصرية حكم الإعدام شنقا بحق تسعة شباب مدانين باغتيال النائب العام، المستشار هشام بركات، في حزيران/ يونيو 2015، في أثناء خروجه من منزله في منطقة مصر الجديدة بمحافظة القاهرة، وذلك بعد استنفاد جميع درجات التقاضي.
وفي العشرين من شباط/ فبراير الماضي، نفذت السلطات الحكم داخل سجن استئناف القاهرة بحق كل من: أحمد محمد الدجوي، وأبو القاسم أحمد، وعبدالرحمن سليمان، وأحمد طه وهدان، وأحمد جمال حجازي، ومحمود الأحمدي، وأبوبكر السيد، وأحمد محروس سيد، وإسلام محمد.
من هو أحمد الدجوي؟
أحمد محمد هيثم الدجوي، ولد في حي مصر الجديدة، القاهرة، في حزيران/ يونيو 1992، والتحق بمدارس لغات، من أسرة ميسورة، التحق بكلية الهندسة بأكاديمية مودرن أكاديمي، ولكن تم وضعه في قضية "ولع" في 2013، وبدأت قوات الأمن تلاحقه، وترك الجامعة، وتم فصله بعد سنتين، وبعد أن تقدم بأوراقه لكلية أخرى اعتقلته قوات الأمن في 2015.
وتقول أسرته: "كان رياضيا مثقفا متدينا قارئا للقصص باللغتين العربية والأجنبية، ومحبا لمشاهدة الأفلام الأجنبية ذات طابع المغامرة في إطار الضوابط، لم يكن متشددا أو مترخصا".
وتضيف: "كان ذا قلب نقي؛ لأنه يتسع لإخوته وأسرته وأهله ومجتمعه، كان يقتسم كل شيء مع الآخرين منذ صغره، ويتحمل المسؤولية، وكان مغرما بشراء كل ما هو مفيد، وملتزما بكل وعد قطعه على نفسه، ولا يخذل أحدا اعتمد عليه، كان إلى جوار الجميع".
دوره في 25 يناير
وتابعت: "شارك في 25 يناير 2011، وكان على رأس أمانة شباب حزب الحرية والعدالة بعد الثورة، كان يحترم أنه من الإخوان المسلمين، ولكنه يحترم خلاف الآخر، ويعمل على تقريب وجهات النظر".
وأردفت: "من أشهر مواقفه في الثورة أنه دافع بقوة عن أحد المصورين الأجانب من بطش قوات الأمن، واستطاع أن يأخذه إلى مكان آمن، وتعرض للضرب بدلا منه، وشجت رأسه، وبعد عام نشر المصور صورته، وكتب أسفلها أن أحد شباب الثورة أنقذه من غير أن يعرفه، عنده جرأة في الحق".
وبشأن صفاته، قال أسرته: "كان مميزا وسط أقرانه، محبوبا من الجميع، وشخصية متواضعة، وكان بطل الجمهورية في ألعاب القوى، وحاصلا على ميداليات متعددة في أكثر من بطولة ومناسبة، وكان أحد مدربي هواة المظلات، كان متعدد المواهب، إلى جانب احترافه العديد من الرياضات".
ماذا خسرت مصر؟
وعددت أسرته مناقبه، بالقول: "مصر خسرت أحمد وأمثاله؛ كان مفعما بالوطنية من عائلة تغرس في أولادها حب الوطن، وتنبذ العنف بكل أشكاله، والمنطقة التي عاش فيها يغلب عليها الطابع الحضري، والتعايش بين المسلمين والأقباط".
وتابعت: "كان يحرص على أن يكون جميل المظهر، عصري الهندام، دون إفراط أو تفريط، شعره طويل، كان لديه أصدقاء مختلطون بود واحترام، لم يكن انطوائيا ولا عدوانيا، وكان معتدلا، ومع كل ذلك ملتزما بالضوابط الشرعية".
وكشفت أسرته أنه "داخل السجن حاولوا العبث بأفكاره؛ من خلال حبسه مع متشددين، يناقشونه في مواضيع ويكفرونه، ومن اعتداله أنه كان يصارحنا بما يواجهه، وكنا نرسل له الرد الشرعي من خلال دار الإفتاء، وكان يرد على الشبهات التي يواجه بها، وكان مدافعا عن الحق، وجَلدٌ فيما يتيقن من أنه حق".
الإعدام قبل المداولة
وأكدت أنه "تم ضم أحمد لقضية اغتيال النائب العام وهو داخل السجن، كان القرار بالإعدام جاهزا قبل محاكمته؛ لأنه تم وضعه في عنبر الإعدام بعد أشهر من ضمه لقضية النائب العام، ومنعوا زيارته، ولم نستطع رؤيته إلا بعد نحو 5 شهور للمرة الأولى، وطلب عدم زيارته؛ بسبب ما كان يحدث لهم في السجن من معاناة".
ورغم ما كان يراود أسرته من شكوك، إلا أنها لم تكن تتوقع إعدامه، قائلة: "لم نكن نتوقع تنفيذ حكم الإعدام. يفترض أن هناك عقليات ناضجة لا تزيد إشعال الوضع وزيادة السخونة، لم نكن نتصور إعدام هؤلاء الشباب، إلى الآن لا نتصور أنه يوجد أي عاقل يقول إن ما حدث هو من مصلحة طرف من الأطراف".
وشددت على أن "مصر بحاجة إلى شباب لديهم القدرة على التضحية بحياتهم من أجل الآخرين، وهذا كان حال أحمد ورفاقه الذين أعدموا"، لافتة إلى أن "حق هؤلاء لن يضيع، ومنهجنا هو قول الله تعالى: "فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ".
وأكدت أسرته: "لن نكون ضد بلدنا في يوم من الأيام، ندعو على الظالم، ونفرق بين الدولة وبين من ظلم أحمد".
واختتمت الأسرة حديثها بالقول: "عندما تم منع العزاء في المسجد، تم العزاء في البيت، رأينا كل الناس حوالينا، على الرغم من المحاذير والمنع، كانوا من كل الأطياف، ورأينا الجميع دون استثناء، القاصي والداني، ولدينا يقين بأن الله سينتقم لهم".
هكذا دفع الشباب المصري الضريبة في ثورتي 1919 و2011
مصدر: داخلية مصر تلجأ للتصفية لتجنب انتقادات يجلبها الإعدام
لماذا أعفى السيسي 600 وحدة سياحية للجيش من الضرائب العقارية؟