ملفات وتقارير

القمم العربية.. سبعة عقود من الأزمات (إطار)

هل تكون قمة تونس أفضل من سابقاتها؟ - ( وكالة الأنباء التونسية)

تتجه أنظار العرب، نحو تونس في 31 مارس/ آذار الجاري، حين يحل قطار القمم العربية في محطته الـ47، خلال سبعة عقود من الأزمات والتحديات.

وفيما تعد قمة مارس الجاري، الثالثة التي تعقد في تونس، بعد قمتي 1979 و2004، فقد عقد القادة العرب 29 قمة عادية و11 قمة طارئة وثلاث قمم اقتصادية، بجانب قمتي "أنشاص" وبيروت، وقمة سداسية خاصة.

وتنعقد القمة العربية العادية الـ30، برئاسة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، فيما لم تعلن الدول العربية عن مستوى مشاركتها بعد.

ولا يزال مقعد سوريا مجمدًا منذ 2011، وسط نقاش في الأشهر الأخيرة حول إمكانية عودتها مجددًا إلى الجامعة العربية، إلا أن هناك تحفظات تحُول بين ذلك، وفق تصريحات الجامعة.

ووفق رصد وكالة الأناضول فقد تتابعت أبرز محطات القمم العربية كالآتي:

الأربعينيات.. فلسطين من البداية

حلَّت القضية الفلسطينية، على رأس أولويات أول قمة عربية تشهدها مدينة "أنشاص" شمال مصر، عام 1946.

وتصنف تلك القمة وفق مراقبين ضمن القمم الطارئة، وحضرتها الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، وهي: مصر، وشرق الأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا.

 



ولم يصدر عنها بيان ختامي، وإنما قرارات؛ من بينها: التأكيد على الدفاع عن استقلال فلسطين، وضرورة الوقوف أمام الصهيونية.

الخمسينيات.. عدوان ثلاثي ونضال جزائري

شهدت تلك الفترة ثاني قمة عربية، عقدت في بيروت عام 1956؛ ردًا على العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) على مصر وقطاع غزة.

وشارك في القمة تسعة قادة عرب أجمعوا، في بيان ختامي، على مناصرة مصر ضد العدوان، واللجوء إلى حق الدفاع المشروع حال عدم امتثال الدول المعتدية لقرارات الأمم المتحدة، وامتناعها عن سحب قواتها.

وأعربت القمة عن تأييدها لنضال الشعب الجزائري من أجل الاستقلال عن فرنسا.

الستينيات.. خلافات عربية وولاءات ثلاثة

شهدت تلك الفترة خمسة مؤتمرات قمة، أولها بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، والتي تعد أول قمة فعلية، وفق مراقبين، في 1964.

وخرجت تلك القمة ببيان تضمن نقاطا عدة، أهمها: الإجماع على إنهاء الخلافات وتصفية الجو العربي، والدعوة إلى دفع العدوان الإسرائيلي، وإلى إنشاء قيادة عربية موحدة للجيوش العربية؛ ردا على تحويل إسرائيل لمجرى نهر الأردن.

وشهدت مدينة الإسكندرية، في 1964، مؤتمر قمة، صدر عنه قرارات من بينها: خطة لتحرير فلسطين عاجلا أم آجلا، والترحيب بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعم قرارها بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني، ومكافحة الاستعمار البريطاني في جنوب شبه الجزيرة العربية.

وشهدت المغرب قمة 1965، التي دعت إلى: تصفية القواعد الأجنبية، وتأييد نزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية، وإقرار الخطة العربية الموحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.

وفي الخرطوم، عقدت قمة 1967؛ إثر الهزيمة العربية أمام إسرائيل في حرب يونيو/ حزيران 1967، دعت لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي، وأطلقت ثلاث لاءات عربية، هي: لا صلح، ولا تفاوض، ولا اعتراف.

السبعينيات.. مقاطعة وشرطان للسلام

شهدت تلك الفترة سبعة مؤتمرات قمة، بدأت بأول قمة عربية غير عادية، عام 1970 بالقاهرة، بمقاطعة سوريا والعراق والجزائر والمغرب.

عقدت بعد المواجهة المسلحة بين الأردنيين والفلسطينيين، والمعروفة بـ"أحداث أيلول الأسود"، ودعا المجتمعون إلى الإنهاء الفوري للعمليات العسكرية بين الجانبين، وإطلاق سراح المعتقلين.

 
ومن أبرز قمم تلك الفترة؛ قمة الجزائر 1973، بمبادرة من سوريا ومصر، بعد حرب 6 أكتوبر/ تشرين أول 1973 ضد إسرائيل، فيما قاطعت العراق وليبيا هذه القمة.

واتفق المجتمعون على شرطين للسلام مع إسرائيل، وهما: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه.

ودعت القمة إلى تقديم جميع أنواع الدعم المالي والعسكري للجبهتين السورية والمصرية لاستمرار نضالهما ضد العدوان الإسرائيلي.

وشهدت السعودية في 1976، قمة سداسية خاصة، ضمت السعودية ومصر وسوريا والكويت ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية فقط؛ لبحث الحرب الأهلية في لبنان التي نشبت إثر توترات سياسية ودينية.

وتعد قمة بغداد 1978، بداية المقاطعة العربية لمصر، على خلفية توصلها إلى اتفاق "إطار" للسلام مع إسرائيل (معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب أُبرمت فعليًا عام 1979).

وصدر عن القمة قرار برفض الاتفاقية، ودعوة مصر إلى العودة عنها، وحظر عقد صلح منفرد مع إسرائيل، ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة (إلى تونس)، وتعليق عضوية مصر فيها.

وفي تونس عام 1979، عقد القادة العرب، قمة للتأكيد على: رفض اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وأن الصراع مع إسرائيل طويل الأمد، وتجديد الإدانة العربية لاتفاقية كامب ديفيد، وإدانة قرارا النظام المصري تزويد إسرائيل من مياه النيل.

الثمانينيات.. اعتراف ضمني بإسرائيل

مرت تلك الفترة بسبع محطات عربية، أبرزها قمة عمان بالأردن 1980، برفض قرار مجلس الأمن رقم 242 (يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، لكنه لم ينفذ حتى الآن)، بجانب "عزم القادة العرب على إسقاط اتفاقية كامب ديفيد".

وفي قمة فاس المغربية 1982، اعترفت دول عربية ضمنيًا بوجود إسرائيل، حيث خرجت بإقرار مشروع عربي للسلام معها، من بين بنوده انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 (وليس عام 1948).

وصدر عن قمة الجزائر 1988، قرارات بينها دعم الانتفاضة الفلسطينية، وتجديد الالتزام بتطبيق أحكام مقاطعة إسرائيل، والمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وإدانة الاعتداء الأمريكي على ليبيا، والتضامن الكامل مع العراق في حربه ضد إيران.

التسعينيات.. حرب الخليج

شهدت تلك الفترة أربعة مؤتمرات قمة، الأول عقد في بغداد عام 1990، في غياب لبنان وسوريا، ومن بين قراراته:

الترحيب بوحدة اليمنين الشمالي والجنوبي بعدما كانا دولتين مستقلتين، وتأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينية، وإدانة قرار الكونغرس الأمريكي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

وفي العام ذاته، عقدت قمة القاهرة؛ إثر الغزو العراقي للكويت، ومن أبرز قرارتها: إدانة العدوان العراقي على الكويت، وعدم الاعتراف بضم الكويت إليه، وبناء على طلب السعودية تقرر إرسال قوة عربية مشتركة إلى الخليج العربي.

وبعد انقطاع لست سنوات، عقدت بالقاهرة قمة عربية طارئة عام 1996، تضمنت التأكيد مجددا على شروط السلام الشامل مع إسرائيل، وهي: الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس والجولان والجنوب اللبناني، والتوقف عن النشاط الاستيطاني.

الألفية الجديدة.. مبادرة السلام العربية

وشهدت تلك الفترة 10 مؤتمرات قمة، تخللتها أزمات عربية عدة، بجانب طرح عربي لمبادرة سلام مع إسرائيل.

وكان أبرز تلك القمم، قمة "المسجد الأقصى" بالقاهرة 2000؛ إثر الانتفاضة الفلسطينية آنذاك، تضمن بيانها قرارا بإنشاء صندوقي تمويل باسم "انتفاضة القدس" و"صندوق الأقصى".

فيما شهدت قمة بيروت 2002، أول حديث عربي عن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين المأمولة بدلا من القدس كلها.

وأقرت هذه القمة "مبادرة السلام العربية"، التي أطلقها العاهل السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، وتنص على: إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين..

كما أنها تنص على: انسحاب إسرائيل من الجولان والأراضي التي لا تزال محتلة جنوب لبنان، مقابل اعتراف عربي بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.

وبمدينة شرم الشيخ المصرية، عقدت قمة 2003، بعد بدء الغزو الأمريكي (بجانب عدة دول) للعراق، شدد بيانها الختامي على ضرورة احترام سيادة العراق.

وفي 2005، عقدت قمة الجزائر، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري (2005)، ودعت للانسحاب السوري من لبنان، وإنشاء برلمان عربي، وسبق هذه القمة جدل حول طلب الجزائر إصلاح الجامعة العربية.

وفي قمة الخرطوم 2006، ظهر تشقق في القيادة اللبنانية، حيث شارك لبنان بوفدين، أحدهما يترأسه رئيس الجمهورية، إميل لحود، بينما ترأس الثاني رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة.

فيما أكدت قمة دمشق 2008، على تشجيع الاتصالات بين الإمارات وإيران لحل قضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).

وفي قمة الدوحة 2009، تحدت الجامعة العربية، المحكمة الجنائية الدولية، بمنح "ترحيب حار" للرئيس السوداني عمر البشير، الذي أصدرت المحكمة بحقه مذكرة توقيف؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور (غرب السودان)، وطالب القادة العرب بإلغاء قرار المحكمة.

** 2010- 2019 عشرية الأزمات

شهد العقد الثاني من الألفية الجديدة، تسعة مؤتمرات قمة، خرج أغلبها بقرارات روتينية حول القضية الفلسطينية.

ومن أبرز تلك القمم قمة بغداد 2012، التي تم تأجيلها بسبب الثورات الشعبية التي عصفت بعدد من الدول العربية في أواخر 2010.

وشهدت هذه القمة تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية (مستمر حتى الآن).

وتناولت قمة شرم الشيخ 2015 مناقشات روتينية، مثل القضية الفلسطينية والأزمات بسوريا واليمن وليبيا، وإدانة التحركات الإيرانية بالمنطقة، كما أنها بحثت التحديات أمام الأمن القومي العربي، وأقرت تشكيل قوة عسكرية مشتركة.

ودعت قمة نواكشوط 2016، إلى اعتبار 2017، "عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي"، وأكدت دعمها لشرعية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي.

ولم تخرج قرارات قمتي البحر الميت بالأردن 2017، والظهران بالسعودية 2018، عن مثيلاتها السابقة، باستثناء إدانة استهداف السعودية بالصواريخ الحوثية، والدعوة إلى حل الأزمة السورية سلميًا.