سياسة عربية

المساعدات الخارجية للفلسطينيين تصطدم بشروط الممولين

تصدر الاتحاد الأوروبي قائمة الدول من حيث تقديم المساعدات بإجمالي 6.7 مليار دولار- جيتي

أظهرت معطيات مالية نشرها المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار بكدار (شبه حكومي) أن "إجمالي المنح والمساعدات والقروض الخارجية الموجهة للسلطة وصلت إلى 36.4 مليار دولار، منذ تأسيسها في العام 1994 حتى العام 2017".


واحتلت فلسطين بذلك قائمة الدول من حيث تلقي المساعدات والمنح المالية، إلا أن أثر هذه المساعدات لم ينعكس بشكل إيجابي على بنية الاقتصاد الفلسطيني، الذي لا يزال يعاني من ارتفاع في معدلات البطالة والفقر، ويعتمد بشكل رئيسي على الاقتصاد الإسرائيلي من حيث توفير السلع والمنتجات وتوفير فرص العمل.


وتصدر الاتحاد الأوروبي قائمة الدول من حيث تقديم المساعدات بإجمالي 6.7 مليار دولار، لتساهم بـ18 بالمئة من إجمالي المساعدات الخارجية، فيما حلت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثانية بإجمالي مساعدات وصلت قيمتها إلى 5.7 مليار دولار، وحلت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة بإجمالي 3.8 مليار دولار، إضافة للمساعدات الممنوحة من الإمارات العربية المتحدة وألمانيا والنرويج والبنك الدولي وبريطانيا وفرنسا واليابان.


سوء التخطيط والإدارة


من جانبه، يشير مقرر اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي النائب عاطف عدوان، أن "إشكالية المساعدات الخارجية الممنوحة للفلسطينيين تعود إلى أن جزءا من هذه المساعدات خصص لإعادة إعمار المناطق الفلسطينية نتيجة الحروب والاعتداءات الإسرائيلية، حيث وصلت قيمتها إلى 12 مليار دولار كانت بداياتها بخطة الطوارئ في العام 2002، ثم استمرت في الحروب الثلاث الأخيرة على غزة".


وأضاف عدوان لـ"عربي21" أن "السلطة أدارت هذه المساعدات بشكل خاطئ، حيث إنها انتهزت فرصة توفر مبالغ طائلة مخصصة لإعادة الإعمار لتقوم بتحويلها لسد العجز في الموازنة، إضافة إلى سوء التخطيط والإدارة".

 

اقرأ أيضا: مختصون: هذه أهداف إسرائيل من اقتطاع أموال المقاصة


أما مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة التجارة والصناعة بغزة ماهر الطباع، فرأى أن "اشتراطات الدول المانحة حالت دون الاستثمار الجيد لهذه المساعدات خصوصا ما يتعلق بتوفير بنية تحتية للقطاع الصناعي والإنتاجي، حيث إن غالبية الدول التي تقدم مساعداتها تشترط في مسودة الاتفاق الإشراف على صرف هذه المساعدات، فإذا اعتبرنا أن بناء آبار للمياه استثمار تنموي، فإن عوائده وإيراداته على الدولة ستكون صفرا".


وتابع الطباع لـ"عربي21" بأن "الإشكالية الثانية تتمثل في استغلال بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية للوكالات التابعة لها كـ(USAID) لتقوم بالتخطيط والإشراف على المساعدات التي تقدمها الدولة الأم، وبذلك فإن ما نسبته 30 بالمئة من هذه المساعدات يصرف تحت بند الخطط والبرامج ودفع أجور العاملين في هذه الوكالات".


الظرف السياسي


رغم أن متوسط المساعدات التي تلقتها السلطة بلغ 1.5 مليار دولار سنويا، إلا أن منحها وحجبها كان مرهونا بالظروف السياسية خصوصا في ما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعاني السلطة منذ توقف مفاوضات التسوية في العام 2014 من تراجع في قيمة المساعدات الخارجية والتي وصل متوسطها إلى 400 مليون دولار في السنوات الخمس الأخيرة.


على الجانب الآخر تدفقت المساعدات الخارجية بنسبة كبيرة منذ الانقسام الفلسطيني، حيث وصلت قيمتها إلى 1.8 مليار دولار خلال الفترة 2007- 2012.

 

اقرأ أيضا: كوشنر يكشف ملامح صفقة القرن ويبقي التفاصيل سرية (شاهد)


إلى ذلك يشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية نصر عبد الكريم إلى أن "الإشكالية القائمة في استثمار المساعدات الخارجية أنها ذهبت لصالح الإنفاق العام تحت بند الرواتب والأجور، دون أن تستثمر لصالح مشاريع تشغيلية تساهم في بناء اقتصاد حقيقي يمكن الفلسطينيين من الاعتماد على أنفسهم والتخلي عن التبعية سواء لدول الخارج أو إسرائيل".


وأوضح الخبير الاقتصادي لـ"عربي21" أنه "عند مقارنة مستوي تدفق المساعدات الخارجية مع معدلات الزيادة السكانية التي تبلغ 3.3 بالمئة سنويا، نجد أن نسبة النمو في الناتج المحلي متوقفة عند مستوى 3.8 بالمئة، وهذا يقود إلى نتيجة أن المساعدات الخارجية رغم انخفاض مستوياتها في السنوات الماضية إلى أنها تمنح تفوقا ولو ضئيلا في النمو الاقتصادي".