نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحافي بول كروغمان، يقول فيه إنه كان هناك العديد من الكوارث السياسية على مدى التاريخ الأمريكي، لكن من الصعب التفكير بأن كارثة تحصل دون سبب، أو أن خطأ يقع دون جهد، مثل حالة الإغلاق الحكومي الحاصل حاليا.
ويقول كروغمان: "لا أستطيع التفكير في أي كارثة أخرى على أنها شخصية تماما، أي تعود لشخص واحد فقط، وعندما قال دونالد ترامب لتشاك شومر ونانسي بيلوسي: (سأكون أنا من يغلقها)، فإنه كان دقيقا جدا، ومع أنه وعد بقوله: (لن أحملكم مسؤولية ذلك)، إلا أن ذلك كان كاذبا".
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "مع ذلك فإنه ليس هناك شخص عبارة عن جزيرة معزولة، مع أن ترامب أقرب إلى ذلك من أي شخص آخر، فلا يمكن فهم السقطات في سياساته دون الاعتراف بالنوعية الاستثنائية للأشخاص الذين يحيط بهم نفسه، وبكلمة (استثنائي) هنا أقصد استثنائيا في هبوط النوعية، لقد أحاط لنكولن نفسه بفريق من المتنافسين؛ أما ترامب فلديه فريق من البلهاء".
ويعلق كروغمان قائلا: "إن كان هذا الكلام يبدو صارما، فإنه يمكنك النظر إلى تصريحات عضوين من إدارته بشأن الاقتصاد، وكما هو متوقع تتعلق التصريحات بالاقتصاد السيئ، وهذا مفروغ منه، لكن ما هو مثير هو عدم تمكن أي من الرجلين من الالتزام بالنص، فلم يستطع أي منهما أن ينقل كذب اليمين بشكل صحيح".
ويشير الكاتب إلى أن "أولهما كان رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لترامب، كيفين هاسيت، الذي سئل عن معاناة الموظفين الفيدراليين الذين لم تدفع رواتبهم، ولا حاجة للشخص لأن يكون خبيرا في العلاقات العامة ليعرف أنه من المفروض أن يبدي شيئا من التعاطف، سواء كان يشعر بهذا التعاطف أم لا، فهناك الكثير من التقارير الإخبارية تفيد بأن عمال الأمن على المواصلات لجأوا إلى بنوك الطعام، واقتراح خفر السواحل على موظفيهم بيع أمتعتهم التي يستغنون عنها، وغير ذلك من التقارير".
ويبين كروغمان أنه "لذلك فإن رد الفعل الصحيح يتضمن التعبير عن القلق بخصوص هؤلاء الموظفين، مع وضع اللوم على الديمقراطيين الذين لا يريدون إيقاف ذوي البشرة البنية المغتصبين، أو شيء من هذا القبيل، لكن هاسيت أعلن بأن كل شيء على ما يرام، وبأن الموظفين في الواقع في (وضع أفضل)؛ لأنهم يحصلون على عطلة دون أن تخصم من عطلهم السنوية".
ويقول الكاتب: "ثم انظر إلى ما قاله شون هانيتي حول فرض الضرائب على الأثرياء، وقد تقول إن هانيتي ليس جزءا من إدارة ترامب، لكنه كذلك في النواحي المهمة كلها، وفي الواقع فإن (فوكس نيوز) ليست مجرد قناة الدولة، بل إن لدى العاملين فيها تأثيرا على ترامب أكثر ممن يسمون بالخبراء الموجودين في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع مثلا".
ويضيف كروغمان: "على أي حال فإن هانيتي أعلن أن رفع الضرائب على الأثرياء سيتسبب بتخريب الاقتصاد؛ لأن (الأثرياء سيتوقفون عن شراء القوارب للاستجمام.. وسيتوقفون عن أخذ الإجازات باهظة الثمن)".
ويعلق الكاتب قائلا: "هذا ليس الجواب الذي يجب أن يعطيه شخص محافظ، بل يجب عليه أن يصر على أن الضرائب المنخفضة على الأثرياء تعطيهم محفزا للعمل بأقصى جهدهم، لا أنها تسهل عليهم أخذ إجازات يبذرون فيها الأموال، ويجب عليك أن تعلن أن الضرائب المنخفضة تساعدهم على إنفاق المزيد على تطوير أعمالهم لا على اليختات الجديدة".
ويقول كروغمان: "حتى لو كان سبب تفضيلك للضرائب المنخفضة هو أن تسمح لأصدقائك الأثرياء بأن يعيشوا نمط حياة مترفا فإنه يجب عليك ألا تعلن هذا على الملأ".
ويضيف الكاتب: "مرة أخرى ليس المقصود من هذا هو إثبات أن الأشخاص الموجودين في دائرة ترامب لا يهتمون أبدا بالعائلات الأمريكية العادية، وأن كلامهم فارغ أيضا -فهذا متوقع- لكن ما هو مدهش هو أنهم بعيدون إلى درجة نسوا معها حتى كيف يتظاهرون بأنهم يهتمون بالطبقة المتوسطة، أو حتى أي كلام فارغ عليهم أن يقولوه للحفاظ على تلك المظاهر".
ويتساءل كروغمان: "فما هي مشكلة رجال ترامب؟ ولماذا لا يستطيعون تقديم حتى بعض الشعبوية الكاذبة؟".
ويجيب الكاتب قائلا: "أعتقد أن هناك جوابين، أحدهما عام للمحافظين الجدد، والآخر خاص لترامب، أما العام: فهو أن تكون محافظا جديدا يعني أن تقضي حياتك داخل ما يمكن اعتباره طائفة مغلقة، لا تتعرض فيها لأفكار خارجية، ولا حتى أساليب كلامية، وداخل تلك الطائفة يسود الازدراء للأمريكيين العاديين من الطبقة العاملة، هل تذكرون إريك كانتور، الذي كان زعيم الأغلبية في مجلس النواب، الذي احتفل بيوم العمال بمدح ملاك الشركات، إلى هذه الدرجة تصل عبادة الثروة، وقد يكون من الصعب على الأعضاء أن يتذكروا أن تلك ليست هي الطريقة السليمة للحديث مع من هم خارج (الطائفة)".
ويلفت كروغمان إلى أن "هناك أثر ترامب، والعمل مع رئيس أمريكا في العادة يعني رفعا للمكانة الوظيفية، وهو أمر جيد في السيرة الذاتية، أما رئاسة ترامب فكانت فوضوية وفاسدة، وقد تكون متأثرة بعلاقاته الخارجية إلى درجة أن أي شخص يرتبط بها تلوث سمعته، ولذلك وخلال مسار عامين فقط خلف عددا من الرجال المحطمين والسمعات المدمرة".
ويقول الكاتب: "لذلك من هو المستعد للخدمة حاليا؟ مجرد من ليست لديهم سمعة يخسرونها، وبشكل عام لأنهم غير جيدين فيما يفعلون، وليس هناك شك بأن المحافظين أذكياء ومسيطرون على أنفسهم، لدرجة أن بإمكانهم طرح كذبات يمكن تصديقها، أو على الأقل الحفاظ على مساحة للإنكار، والدفاع عن سياسات ترامب دون إهانة أنفسهم، لكن هذا الصنف من الناس قرر الاختباء".
ويختم كروغمان مقاله بالقول: "لقد أشرت قبل عام إلى أن إدارة ترامب تحولت إلى حكومة الأسوأ والأغبى، ومنذ ذلك الحين ساءت الأمور أكثر، وأصبحت أكثر غباء، ولم نصل إلى القعر بعد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فايننشال تايمز: هذه هي الاحتمالات بشأن مصير ترامب
صحيفة: واشنطن تقدم مفاتيح الهيمنة بالشرق الأوسط لروسيا
ناشونال إنترنست: هذا خيار أمريكا في علاقتها مع السعودية