اشتكى معتقلون بسجن "الزقازيق العمومي" بمحافظة الشرقية من تحويل حياتهم لجحيم، والسجن إلى مقبرة يموت فيها السجناء بشكل بطيء، بعدما كان من أقل سجون مصر تجاوزا، ويسبق في ذلك سجن "وادي النطرون".
ويقبع نحو أكثر من 60 ألف معتقل بسجون الانقلاب
بأوضاع إنسانية صعبة، ونظرا لتزايد أعداد المعتقلين قامت السلطات المصرية ببناء
نحو 17 سجنا جديدا في عهد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، حتى عام 2017، لتصبح 63
سجنا بمصر.
وعبر رسالة شفهية نقلها أهالي بعض المعتقلين السياسيين،
من ذويهم لـ"عربي21"، أكدوا أن الضابط برتبة مقدم أحمد عاطف، تجاوز
القوانين والصلاحيات الممنوحة لهم ولم يعد يستمع حتى لضابط الأمن الوطني بالسجن
والذي حذره من سوء عاقبة تلك الممارسات، إلا أنه يتفاخر أمام الضباط والجنود
والمعتقلين والمسجونين الجنائيين بأن له صلة برئيس قطاع السجون اللواء زكريا
الغمري، وأنه يسهر معه يوميا ولن يستطيع أحد نقله من موقعه أو عقابه.
وقال المعتقلون إن "البداية كانت بمشادة وقعت
بين بعض المعتقلين والضابط أمام ضباط الصف والجنود بسبب نقل بعضهم لزنازين
التأديب، ومنذ ذلك الحين قرر الثأر لكرامته من جميع المعتقلين السياسيين وقام بمنع
خروجهم للتريض بشكل قاطع، ومنع الخروج من الزنازين بعدما كان يسمح به ساعة يوميا
وباقي وقت النهار يسمح بفتح جميع العنابر".
وأوضح المعتقلون أن "ما طال كبار السن وقيادات
الإخوان من تعذيب على يديه يفوق كل وصف، بداية من السب والشتم إلى الضرب المبرح،
رافضين ذكر أسمائهم حتى لا يتم التنكيل بهم وعلى أمل وقف جرائمه بحقهم"،
مؤكدين أنه يقوم بوضعهم في زنازين (1.5×2) متر أقيمت منذ عهد الإنجليز، وهذه
الزنازين عبارة عن دورين يقيم بها 7 أشخاص يختنقون من ضيقها، ولا يسمح لهم بدخول
أطعمة مدنية ويمنع عنهم الزيارات نهائيا.
اقرأ أيضا: منظمات حقوقية دولية تواجه السيسي في فرنسا
وأشاروا إلى رد فعله عندما علم أن أحد قيادات
الإخوان من كبار السن المعتقلين "برلماني سابق" بقي له نحو أسبوعين ويتم
الإفراج عنه، قام بوضعه طيلة هذه المدة بزنزانة التأديب رافضا كل توسلات المعتقلين،
لإنقاذ الرجل من احتمالات الموت أو ترك عاهة به قبل خروجه بأيام.
وتحدثوا عن طرقه في الإيقاع بفريسته لضربها وتعذيبها
ووضعها بزنزانة التأديب وأنه يدخل الزنزانة فجأة، ويقول من المسؤول عن هذا العنبر
من السياسيين فإذا نطق أحد يأخذه فورا للتأديب بعد ضربه وتجريده أمام زملائه، وإذا
لم ينطق أحد يأخذ أضعف المسجونين حتى ينطق آخر فيترك الأول ويأخذ الثاني للتعذيب
والضرب وزنازين التأديب.
وأشاروا إلى أنه قام بجمع المصاحف ومنع دخول الأوراق
والأجندات والأقلام، ورغم أننا مسجونون بقضايا تظاهر ملفقة ويغلب على السجن
المعتقلين الجنائيين، إلا أنه كل فترة يدخل الزنزانة ويقدم عرضا أمام المسجونين
حيث يقف الجنود صفا واحدا ويقوم بصفعهم فردا فردا أمام المسجونين ليرهبهم، متباهيا
بعلاقته الشخصية بمدير أمن السجون.
وأوضحوا أنه "قام بمصادرة كل ما وجده من
متعلقات لدى المعتقلين من تليفون -بعدما كان يغض الطرف عنه- ومن أدوات شخصية مثل
معجون الأسنان وفوط التنشيف والبطاطين والملابس بكل أنواعها ولا يترك لهم سوى
ملابس السجن وبطانيتين ميري بعد خلع ملابسهم إلا السراويل".
وأكدوا أنه "ممنوع الآن علينا وبشكل نهائي دخول
أية أطعمة بالزيارة، وبعدما كان يسمح بها بالكامل أصبح لا يسمح إلا بدخول ربع فرخة
فقط، أو قطعة لحم واحدة فقط مع منع جميع المعلبات والجبن والحلويات".
وقالوا إن "معاناتنا زادت بعدما تم منع دخول
الأطعمة بالزيارات، حيث أن ما يتم تقديمه لنا من طعام هو غير آدمي، فما بين 3
وجبات يومية يقدم أردأ أنواع الفول والعدس والجبن أما اللحوم والفراخ فنخاف من
أضرارها لعدم الثقة في مصدرها، إلا أنه اضطررنا لأكلها نظرا لمنع دخول أطعمة
بالزيارات".
اقرأ أيضا: لم يصر السيسي على عقاب آلاف المعتقلين بالحبس الاحتياطي؟
وأكد الأهالي أنهم فكروا باللجوء لشخصية عامة من
محافظة الشرقية للتوسط لدى الضابط أو الذهاب بوفد من الأهالي لوالده الطبيب بمدينة
الزقازيق، إلا أن ذويهم من المعتقلين خافوا من الزج بهم أيضا بالمعتقل، وفضلوا نقل
شكواهم للإعلام، موضحين أن الضباط المتجاوزين يخافون بشدة من ذكر أسمائهم بالمواقع
الإلكترونية والفضائيات المعارضة.
وفي تعليقه، قال الحقوقي المصري محمد زارع، إنه لا بد
من تقديم شكاوى بحق ممارسات هذا الضابط لعدة جهات منها بلاغات أمام النائب العام،
ولمصلحة السجون نفسها باعتبار أن تلك انتهاكات لقانون السجون ولائحته، وكذلك الشكوى
للجهات المختصة بحقوق الإنسان بوزارة الداخلية.
نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان محمد
زارع، شدد في حديثه لـ"عربي21"، على "ضرورة توثيق تلك الانتهاكات
قبل كل شيء، وأن يكون محددا بها الحديث عن وقائع تمت بحق المسجونين وبها تجاوز
للقانون، وارتكاب أعمال عنف من قبل الضابط بحقهم، حتى يتم قبول الشكاوى، موضحا أنه
تقدم باسم أهالي المسجون أو محام عنهم".
وأعرب زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، عن استغرابه من أن تتم هذه الجرائم والتجاوزات بحق المعتقلين بسجن الزقازيق، كونه كان من السجون الهادئة وليس به عدد كبير من السياسيين، مضيفا أنه "عندما تستمع لسوء المعاملة بهذا الشكل، فهذا تجاوز للصلاحيات وللوائح السجون وبمجرد تقدم الشكوى سيتم تعديل الأمور كونه سلوك فردي".
بسبب القمع في 2018.. شخصيات مصرية خلف القضبان
صمت مصري على توصية برلمان أوروبا بوقف تصدير أجهزة القمع
بعد الإرهاب.. "الهجرة غير الشرعية" ورقة السيسي الجديدة للغرب