نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا حول تحركات جديدة لجورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني الذي تم في وقت سابق الكشف عن ارتباطه بالإمارات، وعاد مؤخرا للنشاط في الشرق الأوسط، حيث التقى بالرئيس العراقي ورئيس وزرائه وإحدى الزعامات الشيعية، في وقت تتصارع فيه دول الخليج على النفوذ في العراق.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن جورج نادر الذي أدين سابقا بالاستغلال الجنسي للأطفال، وتم تقديمه كشاهد في تحقيق روبرت مولر حول مصادر تمويل الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، أدى منذ أسبوعين زيارة إلى بغداد، والتقى خلالها بكبار المسؤولين العراقيين، وتم استقباله في منزل زعيم شيعي مقرب من إيران.
وأوضح أن "هذه الزيارة تأتي في وقت أصبح فيه العراق ساحة للتنافس بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، في صراع طال أمده وأدى لتدمير العلاقات الديبلوماسية بين هذه البلدان".
وذكر التقرير أن الدول الخليجية الثلاث، في مساع لكسب نفوذ في العراق، أغرقت هذا البلد بملايين الدولارات في شكل مشاريع إنشاء، ودعم للأطراف السياسية خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما كشفه ثلاثة مستشارين سياسيين ومتابعين للشأن العراقي، في حديث لهم مع "ميدل إيست آي".
اقرأ أيضا: تحقيق موقع AP عن صفقات نادر وبرويدي مع الرياض وأبو ظبي
وأشار الموقع إلى أن هذا السباق على النفوذ يتزامن مع استعداد الحكومة العراقية، بعد تمكنها من هزيمة تنظيم الدولة، للشروع في إعادة بناء البلاد بعد أربعة عقود من الصراعات والعقوبات.
ونقل "ميدل إيست آي" عن أنس التكريتي، رئيس مؤسسة قرطبة البريطانية لحوار الثقافات: "أن الأمر لا يتعلق فقط بالعقود، بل أيضا بالنفوذ. حيث أن موقع العراق مثالي للأطراف التي تريد فرض تأثيرها على هذه المنطقة".
واعتبر الموقع أن زيارة جورج نادر لمستشار ولي عهد الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، تعيده مجددا إلى واجهة الأحداث، بعد أن كان اسمه متداولا في وقت سابق من هذا العام ضمن تحقيق مولر في شبهة تدخل دول أجنبية في الانتخابات الأمريكية.
وكان المحقق الأمريكي قد طرح أسئلة على نادر حول قيام الإمارات بإيصال المال إلى أعضاء في إدارة ترامب من أجل الحصول على امتيازات، خاصة في بعض المسائل مثل خلافها مع قطر.
وذكر التقرير أنه تم في وقت سابق الكشف عن قيام جورج نادر بتجميع عدد من القادة العرب في أواخر عام 2015، في لقاء دار على متن يخت في البحر الأحمر، للتخطيط لإنشاء مؤسسة تحل محل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.
كما قام نادر في آذار/ مارس عام 2017 بتنظيم لقاء مع مسؤولين في الاستخبارات السعودية، عرض خلاله مخططا كلفته ملياري دولار لتخريب الاقتصاد الإيراني.
وخلال ذلك اللقاء، الذي كشف عنه تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، طرح السعوديون على نادر وباقي رجال الأعمال فكرة اغتيال مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض بعد استشارة المحامين.
وذكر الموقع أن نادر التقى بالرئيس المنتخب حديثا برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد. وبحسب اثنين من المصادر التي اعتمد عليها تقرير "ميدل إيست آي"، زار نادر منزل عمار الحكيم، رئيس تيار الحكمة، وهو حزب سياسي شيعي. وقد كشف في وقت سابق من هذا العام، عن قيام الحكيم بتسهيل إنشاء علاقات بين الحرس الثوري الإيراني وجورج نادر.
ونوّه التقرير إلى أن محمد الرهدي، المستشار المقرب من عمار الحكيم، نفى أن يكون جورج نادر قد زار منزل هذا القيادي الشيعي خلال الأسابيع والأشهر الماضية، مؤكدا أن "تيار الحكمة لم يتلق أي أموال من أي طرف، ولم يطلب منه تغيير موقفه السياسي تماهيا مع أي بلد".
وأشار الموقع إلى أن السباق الخليجي لضخ الأموال في العراق بدأ بشكل جدي خلال العام الماضي، بعد أن قامت قطر بدفع مبلغ يفوق 300 مليون دولار لحزب الله، بعد اختطاف أعضاء من العائلة الحاكمة القطرية و16 مواطنا آخر، أثناء رحلة لصيد الصقور في الأراضي العراقية.
ونقل "ميدل إيست آي" عن مهند سلوم، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة إكسيتير، قوله إن "القطريين استفادوا من هذا الأمر، بعد دفعهم المال، لبناء علاقات جيدة مع الأحزاب الشيعية الحاكمة وميليشيات الحشد".
وأثناء تشكيل الحكومة العراقية خلال هذا العام، زاد القطريون من استثماراتهم المالية، وتمكنوا من مساعدة حلفائهم السنة على كسب النفوذ والوصول لمناصب رفيعة في الحكومة.
وأضاف سلوم أنه "في المقابل، لم يتمكن السياسيون السنة المقربون من السعودية من تحقيق طموحاتهم، على الرغم من الدعم الإقليمي الذي يتمتعون به. والسبب هو أن قطر، على عكس السعودية، لا تمثل تهديدا إستراتيجيا لإيران وحلفائها في العراق".
اقرأ أيضا: ابن سلمان مع جورج نادر.. صورة جديدة تثير الجدل
وإلى جانب تقديم الدعم للأطراف والشخصيات السياسية، استثمرت الدول الخليجية أموالها في مشاريع اقتصادية كبرى، هي الآن بصدد التنفيذ في العراق بعد أن وجهت الحكومة جهودها نحو أعمال إعادة الإعمار.
وبشأن الدور الأمريكي المستقبلي في العراق، نقل الموقع عن أنس التكريتي قوله إنه "إذا كانت السعودية تمتلك موطئ قدم في العراق، فهذا يعني أن الولايات المتحدة لديها موطئ قدم في هذا البلد. وعوضا عن إرسال جنودها على الميدان، من الأفضل لواشنطن إقامة علاقات وثيقة مع بعض الأطراف، بما أن هذه الطريقة لا تكلفها خسائر بشرية".
وحول دور جورج نادر في وسط هذه الحسابات، قال سلوم إن "سجل رجل الأعمال الأمريكي اللبناني لا يعد عائقا أمامه، كما أن الدعاية السلبية التي لاحقته في وسائل الإعلام لن تعطل تحركاته في العراق، فهو شخص يتغذى من الجدل الذي يحيط به، وهو الآن في موقع يؤهله ليكون وسيطا في عقد صفقات مع الأحزاب الشيعية العراقية، ومليشيات الحشد، وباقي حلفاء إيران".
إندبندنت: هكذا تبدو الرقة بعد تنظيم الدولة
أتلانتك: هذه قصة مواطن أمريكي حاول الانضمام لتنظيم الدولة
NYT: لماذا تعثرت الحرب ضد بقايا تنظيم الدولة في سوريا؟