فجر مقتل شاب
تونسي، خلال مواجهات مع رجال
الأمن بأحد الأحياء الشعبية، موجة غضب شعبي وحقوقي، لم تخل من انتقادات لسلوك
الأمنيين، وتعيد للأذهان شبح الدولة البوليسية، التي ظن الكثيرون أنها رحلت بغير
رجعة بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بن علي.
وبحسب
بيان لهيئة الجمارك، فقد داهمت عناصر
أمنية مستودعا للملابس الجاهزة، لأحد كبار المهربين، جهة "سيدي حسين"
الشعبية المتاخمة للعاصمة، لتتعرض لاعتداء من قبل مجموعة من المحتجين، الذين
حاولوا افتكاك البضائع المحجوزة، ما أجبر العناصر الأمنية على إطلاق أعيرة نارية
تحذيرية.
وفي هذا الصدد، أكد الناطق الرسمي
باسم الجمارك -الديوانة- هيثم زناد، في
تصريح لـ"
عربي21"، أنه تم فتح بحث إداري وقضائي لمعرفة ملابسات وفاة
الشاب، لافتا إلى أنه تم استجواب جميع الأعوان الحاملين للسلاح خلال عملية
المداهمة، وتم التأكد من عدم توجيه أي أعيرة نارية مباشرة ضد المحتجين.
زناد شدد أن الشباب المحتج، أصر على مهاجمة
أعوان الدورية بالحجارة، وتطور الشجار لمحاولة افتكاك مفاتيح إحدى السيارات
الإدارية والسلع المحجوزة، ما أجبر العناصر
الأمنية على إطلاق أعيرة نارية في الهواء، لتفريق المحتجين.
الزناد اعتبر أن
التقرير البالستي الذي ستقوم به مصالح
الشرطة الفنية، سيحدد طبيعة الطلق الناري إن كان مباشرا أو غير مباشر
لتحديد المسؤوليات.
مقتل الشاب أيمن
العثماني، برصاص قوات الأمن، فجّر موجة غضب شعبي عارم، تحولت إلى احتجاجات ليلية
بجهة سيدي حسين السيجومي، فيما ندد حقوقيون ونواب في البرلمان التونسي بالحادثة، مطالبين
بالكشف عن ملابساتها، ومعاقبة الجناة.
وهاجمت النائبة عن
حزب "التيار الديمقراطي" المعارض، سامية عبو، الحكومة الحالية، منتقدة
استعمال قوات الأمن الرصاص بحي شعبي ذي
كثافة سكانية مرتفعة.
وتابعت في كلمة لها داخل البرلمان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2018: "هذه الحكومة برقبتها ثلاث جرائم قتل بحق ثلاثة شبان تونسيين عزل ومن
الطبقة المسحوقة، وهم أيمن العثماني، وقبله أنور السكرافي، وعمر العبيدي".
بدورها، أدانت منظمة شباب حزب "التيار
الشعبي"، في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، "الاستعمال
المفرط للقوة والتهور الذي أودى بحياة الشاب"،
وطالبت بتحقيق عاجل وشفاف؛ لتحديد المسؤوليات ومحاسبة الجناة.
وأكدت المنظمة أن "محاربة الاقتصاد الموازي تتطلب ضرب عصابات التهريب وكبار المستفيدين من الانفلات في الحدود البرية والبحرية والجوية، وتطهير الأسلاك
الأمنية نفسها من الاختراق".
كما دعت في البيان ذاته كافة القوى التقدمية والديمقراطية في البلاد بالوقوف
وقفة حازمة من أجل إنصاف الشاب أيمن العثماني وعائلته، والتصدي لأي محاولة التفاف
وطمس للقضية.
واعتبر المحامي والناشط الحقوقي سيف الدين
مخلوف، في تصريح لـ"
عربي21"، أن المقاربة الأمنية في تونس أصبحت تتعمد
استسهال إطلاق الرصاص الحي بوجه المواطنين العزل، وتضيق شيئا فشيئا على الحريات
الفردية للأشخاص.
وفي السياق ذاته، وصف "الائتلاف
التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام" حادثة مقتل الشاب أيمن برصاص قوات الجمارك
بأنه "انتهاك صارخ للحقّ في الحياة، وجريمة إعدام خارج نطاق القانون".
وحمل الائتلاف، في بيان له، الحكومة
وأعوانها المسؤولية في انتهاك الحرمة الجسدية للشباب من الأحياء الشعبية على وجه
الخصوص، داعيا إلى فتح تحقيق مستقل ومحايد، وتقديم الجناة للمحاكمة.