كاتبة ألمانية: هل أعلنت أمريكا انسحابها من النظام العالمي؟

نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية مقال رأي للكاتبة الألمانية، هايكه بوختر، تحدثت فيه عن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقالت الكاتبة في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب أعلن في خطابه عن انسحاب بلاده من النظام العالمي. وفي الوقت ذاته، أكد الرئيس الأمريكي أن عهد التعاون المشترك انتهى لينطلق عهد البحث عن المصالح الخاصة.

وأوضحت الصحيفة أن خطاب ترامب الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كان أكثر اعتدالا من خطاب السنة الماضية، حيث هدد في ذلك الوقت، بتدمير كوريا الشمالية. أما في صباح يوم الثلاثاء، فقد انتقد ترامب الأجندة الدموية لإيران، كما كان منتظرا.

وبالإضافة إلى ذلك، انتقد ترامب سياسة الترفيع في أسعار النفط التي تنتهجها منظمة الأوبك وفنزويلا. كما جدد تحذيراته لألمانيا من مغبة التعامل مع روسيا فيما يتعلق بمشروع "خط أنابيب الغاز".

"رسالة وداع"

 
وأكدت الكاتبة أن "سياسة ترامب الهجومية لم تكن مفاجئة خاصة وأن العالم تعود على تصرفاته المستهجنة". وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن تجاهل خطاب الرئيس الأمريكي لا سيما وأنه كان بمثابة رسالة وداع، حيث أعلن عن انسحاب بلاده من النظام العالمي الليبرالي الذي نشأ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والذي يهدف إلى الحفاظ على الديمقراطية والسلام في العالم.

وأشارت الكاتبة إلى أن النظام العالمي الليبرالي كان بمثابة أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية.

وفي الوقت ذاته، يُعتبر هذا النظام بمثابة وسيلة لحماية الأنظمة الديمقراطية في العالم. وعلى الرغم من أن هذا النظام لم يكن مثاليا، إلا أنه ساهم في نشر ثقافة التعايش السلمي في العالم الغربي لوقت طويل.

"سياسة انعزالية"

وأوضحت الكاتبة أن الرئيس الأمريكي أعلن في خطابه عن أن بلاده قررت الانسحاب من النظام العالمي. وفي هذا الصدد، أفاد ترامب: "نرفض العولمة، ونؤمن بالعقيدة الوطنية في المقابل". ومن الواضح أن السياسة الخارجية لترامب تعتمد على مبدأ "أميركا أولا"، التي تنطبق على علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع مختلف دول حلف الشمال الأطلسي وعلى مجال التجارة.

وأضافت الكاتبة أن ترامب شدد خلال خطابه أمام الجمعية العامة الأمم المتحدة على أن قراره بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لم يكن يهدف إلى كسب ود الأنصار، وإنما كان خطوة أولى في إطار السياسة الانعزالية. 

وفي الواقع، تتبع الولايات المتحدة الأمريكية سياسة انعزالية منذ عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي انتخبه الشعب الأمريكي في سنة 2008 نظرا لأنه لطالما انتقد اتفاقية التجارة، وقطع وعودا بإنهاء الحروب التي راح ضحيتها الآلاف من الجنود، وكلفت الخزانة الأمريكية مليارات الدولارات.

"تهديد السلم العالمي"

وأفادت الكاتبة أن ترامب يرى العالم في شكل مجموعة من الدول القومية المستقلة. وخلال خطابه، شدد في العديد من المرات على أهمية السيادة الوطنية مثنيا على جهود كل من بولندا والهند من أجل التمتع بسيادتهما. ووفقا لرؤية ترامب، ستتمكن كل دولة من حل مشاكلها بنفسها في حال عولت على نفسها. وبهذه الطريقة، لن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤون الدول الأخرى.

وفي الختام، ذكرت الكاتبة أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من النظام العالمي قد يهدد السلم العالمي وقد يؤدي إلى ارتفاع حدة الصراعات الإقليمية. وعموما، قد تدخل رؤية ترامب الجديدة العالم في مناخ من الفوضى.