ملفات وتقارير

السياسة.. أشد المحرمات في الجامعات المصرية

طلاب الجامعات يوقعون تعهدات كتابية بعدم الحديث في السياسة- جيتي

طالب وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، بمراقبة الطلاب خلال العام الدراسي الجديد الذي بدأ أمس الأحد لضمان عدم ممارسة أي أنشطة سياسية داخل الجامعات وعدم السماح بأي تجمعات داخل الحرم الجامعي.

وشدد عبد الغفار، في منشور تم توزيعه على رؤساء 26 جامعة حكومية و27 جامعة خاصة تضم مئات الكليات التي يدرس فيها نحو مليوني 2.5 مليون طالب، على التصدي لأي مخالفة على الفور وإحالته المسؤولين عنها إلى التحقيق لمحاسبته عنها واتخاذ الإجراءات القانونية ضده، وحذر من عقد ندوات علمية إلا بعد أخذ موافقة رئيس الجامعة وتحديد أهداف الندوة وأسماء المتحدثين فيها.

وكان الوزير قد عقد اجتماعا مع رؤساء الجامعات الأسبوع الماضي شدد خلاله على أهمية تنفيذ "الخطة الأمنية المتكاملة" لضمان تأمين الحرم الجامعي وتأمين البوابات من خلال أساليب أمنية حديثة، مؤكدا على تركيب المزيد من كاميرات المراقبة لضبط أية مخالفات وتوثيقها والتعامل الفوري معها، وزيادة أعداد موظفي الأمن الإداري حتى يتمكنوا من تفتيش الطلاب والطالبات قبل دخول الجامعة ومراقبة تحركاتهم داخلها!

تعهد كتابي

وبحسب تقارير صحفية، فقد صدرت تعليمات أمنية بشروط الموافقة على إقامة الطلاب في المدن الجامعية، تضمنت عدم قبول أي طالب ينتمي للتيارات الإسلامية بكافة تنوعاتها أو أن يكون أحد اقاربه له توجهات دينية!

كما تضمنت الضوابط الجديدة توقيع الطالب وولي أمره على تعهد كتابي بعدم الانضمام إلى أي مظاهرة أو أي عمل احتجاجي أو أي نشاط سياسي، سواء داخل المدينة الجامعية أو الحرم الجامعي.

وشددت التعليمات على عدم قبول أي طالب في المدينة الجامعية ممن شارك في أي أحداث سياسية خلال السنوات الماضية، فضلا عن طرد الطالب المخالف للتعليمات الجديدة من المدينة الجامعية فوراً بدلاً من الانتظار إلى العام المقبل كما كان متبعا في الفترات السابقة.

تفتيش وتدقيق

وجددت الجامعات الحكومية تعاقدها للعام الخامس على التوالي مع شركة "فالكون" لتأمين البوابات وتفتيش الطلاب والكشف عن هويتهم الشخصية وتفتيش السيارات باستخدام أجهزة حديثة، فيما تولى أفراد الأمن الإداري تأمين الحرم الجامعي من الداخل.

وقالت صحيفة "فيتو" إن الجامعات انتهت من تركيب كاميرات على الأسوار وداخل الحرم الجامعي لرصد أي أمر خارج على القانون.

وفي المقابل، حرصت إدارات الجامعات الحكومية على تزيينها بالأعلام الملونة والبلالين واستخدمت مكبرات الصوت لإذاعة الأغاني احتفالًا ببدء العام الدراسي الجديد واستقبال الطلاب الجدد.

ففي جامعة القاهرة شارك رئيسها محمد الخشت في بعض الأنشطة الرياضية كما تناول الترمس والتمر هندي مع الطلاب وسط مشاركة الفرق الموسيقية!.

وفي "عين شمس" شهد الحرم الجامعي مهرجانا غنائيا واستعراضات راقصة بالطبول نظمها اتحاد الطلاب المؤيد للنظام.

 

اقرأ أيضا: فورين بوليسي: جامعات مصر أصبحت تسبّح بحمد السيسي

وفي جامعة الأزهر شارك وعاظ الأزهر في استقبال الطلاب الجدد وتحصينهم ضد الأفكار المتطرفة والمفاهيم المغلوطة التي تروج لها الجماعات الإرهابية لاستقطاب الشباب، حسب تصريحات رئيسها محمد المحرصاوي.

الأمن يدير الجامعات

وتعليقا على هذه التعليمات الصادرة لرؤساء الجامعات قال الدكتور أحمد عادل (أسم مستعار) وهو مدرس بجامعة القاهرة تم فصله من وظيفته قبل عام تقريبا بسبب اتهامه في قضية سياسية، إن النظام يحرص منذ انقلاب يوليو 2013 على اختيار رؤساء الجامعات الذين يختارهم الأمن الوطني حتى يضمن ولاءهم وتنفيذ التعليمات التي يتم تكليفهم بها.


وأضاف عادل، في تصريحات لـ "عربي21" أن الجامعات يتم إدارتها بشكل كامل الآن عن طريق الأمن، حتى أن ضابطا صغيرا برتبة رائد هو الذي كان يدير جامعة القاهرة العريقة التي يدرس بها عشرات الآلاف من الطلاب ويعمل بها مئات الأساتذة المرموقين، حيث يصدر تعليماته بالهاتف لرئيس الجامعة الذي ينفذها فورا ودون تفكير.

وأضاف أنه خلال الأعوام الخمسة الماضية شهدت الانتخابات الطلابية في الجامعات سيطرة أمنية مطلقة واستبعاد جميع الطلاب المرشحين ما عدا القوائم التي وضعها الأمن وفي النهاية فازت تلك القوائم بالتزكية، كما تم حصر أنشطة الأسر الطلابية على الفعاليات الفنية والترفيهية فقط.

"الاحتلال كان أكثر ديمقراطية"


من جانبه قال الباحث السياسي أيمن الطاهري إن محاربة أي مظهر من مظاهر العمل السياسي أو مظاهر التدين أصبح هو السمة الأساسية للحياة الجامعية في السنوات الأخيرة.

وأضاف الطاهري، في تصريحات لـ "عربي21" أن النظام يمشي في خطين متوازيين، الأول هو حظر العمل السياسي تماما في الجامعات، وفي ذات الوقت الترحيب بأي أنشطة فنية أو ترفيهية تافهة تبعد الطلاب عن التعبير عن آرائهم أو التفكير في أوضاع البلاد.

 

اقرأ أيضا: جامعات مصر الأولى عالميا في السرقات العلمية والعالم يقاطعها

وأشار إلى أن الجامعات المصرية كانت طوال المائة عام الماضية مركزا للثقافة والحرية والوطنية في البلاد وكان الطلاب هم قادة العمل الوطني في البلاد، وحتى في أحلك عصور الديكتاتورية مثل فترة الاحتلال الإنجليزي أو إبان حكم جمال عبد الناصر، كانت المظاهرات الحاشدة تخرج من الجامعات للتعبير عن المواقف السياسية المختلفة، لكنها الآن تمر بأسوء عصورها على الإطلاق بسبب القمع والتعامل الأمني مع الطلاب والمدرسين على حد سواء.