مع انتهاء المونديال رسميا بالنسبة للمصريين والتوانسة والمغاربة
والسعوديين، راح الإعلام العربي في كل بلد، يبحث عن أيّ قضية هامشية من أجل
استكمال النقاش حول الحدث الرياضي، أو لتسخين "الجوّ أكثر" وعدم التفريط
في نسبة المشاهدة العالية!
وطبعا
فإن الإعلام المصري هو الرائد في هذا المجال، حيث حاول منذ البداية خلق أكثر من
قضية على هامش المونديال لشغل الرأي العام، فكانت قضية امتناع الحارس المصري
الشناوي عن تسلم جائزة من شركة خمور "سببا عظيما" ليقيم أحد الإعلاميين
المصريين، واسمه خالد منتصر، الدنيا ولا يقعدها، عبر برنامجه في قناة الغد العربي "شاطحا
وناطحا ونائحا" قبل أن يتهم الحارس المصري الشاب بالانتماء لتيار الإخوان
المسلمين!
حتى
في تونس، خلق بعض المعلقين نقاشا من فراغ، بل وحاولوا إلصاق هزائم المنتخب بحادثة
عابرة، حين أثاروا خبر فرض المدرب التونسي نبيل المعلول على لاعبيه وطاقمه الفني
قراءة سورة الفاتحة قبل أي مواجهة كروية، حيث قال البعض إن سبب الهزيمة يعود إلى
هذا "النفاق الديني المزمن" في حين سخر آخرون من انزعاج البعض لقراءة
فاتحة الكتاب في بلد مسلم ومنتخب كروي مسلم أيضا!!
وبمرور
الوقت، عثر المصريون على قضية أخرى أكثر إثارة و"جاذبية" وتتعلق بمشاركة
عدد من الفنانين والممثلين والمغنيين في حفلات على هامش مشاركة المنتخب المصري
بمونديال روسيا، في تكرار لمهزلة "أم درمان" أمام الجزائر، حيث زعم
البعض أن هؤلاء الفنانين المرتاحين ماديا سافروا على نفقة الدولة في وقت يعاني فيه
"الغلابة" من المصريين تعب الحياة الصعبة، ويضطرون لدفع أسعار خيالية
مقابل اقتناء حاجياتهم المعيشية اليومية، مما أثار نقمة المجتمع و"النظام معا"
رغم أن هذا النظام هو الذي "سفرهم" وعبر شركة اتصالات عمومية ومملوكة
للدولة !
وشاهدنا
في هذا الصدد، حلقة نارية أدارها الإعلامي وائل الأبراشي على شاشة "دريم"،
وتناول فيها مسألة سفر الفنانين ولماذا لم تمنح الفرصة للشباب المحتاج أو
للمتفوقين في دراستهم "أو حتى لأبناء الشهداء من الشرطة والجيش" وفي هذا
لعب على وتر حساس وتوظيف غير نظيف لمسألة وطنية في سياق لعبة ترفيهية وتجارية بحتة!
المهم
أن العرب "بارعون جدّا" في خلق نقاشات فارغة وإثارة قضايا التي لا تسمن
ولا تغني من جوع، (وإن كانت حقيقية أحيانا، فهي حق يراد به باطل!!) ولو كان هنالك
مونديال للكلام وحده لتفوّق العرب بشكل كبير، بل ولتركوا خصومهم بعيدين تماما في
السباق، حيث لا بضاعة نقدمها للعالم حتى الآن سوى الكلام ويا ليته كان كلاما
نافعا، بل مجرد "ترهات"… كلام في كلام ومن دون فائدة.. والسلام!
الشروق الجزائرية