صحافة دولية

ديلي بيست: هل عاد تنظيم الدولة إلى ليبيا؟

ديلي بيست: هناك عودة جديدة لتنظيم الدولة في ليبيا- جيتي

نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا أعده بورزو دراغاهي، يتساءل فيه: هل ينظر تنظيم الدولة إلى ليبيا على أنها قاعدة جديدة لطموحاته في شمال أفريقيا؟ 

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن هناك إشارات على هذا الأمر، وبأن هناك عودة جديدة للتنظيم، لافتا إلى أنه مع أن قوته في ليبيا ليست كما كانت في الماضي، إلا أن المقاتلين بدأوا في تجميع قواهم.

 

ويشير دارغاهي إلى الهجوم الذي نفذ على مقر لجنة الانتخابات في العاصمة طرابلس، قائلا: "كان صباح الأربعاء قاتما في العاصمة الليبية طرابلس، وشعر الموظفون العاملون في مقر اللجنة في حي الأندلس الراقي بالدهشة، وأصبحوا أكثر قلقا عندما زادت كثافة إطلاق النار، وأصبح قريبا، وعندما بدأت القنابل تنفجر مثل الرعد وتهز البنايات في المجمع، تطور الخوف إلى حالة فزع، وعلموا عندها أنهم يتعرضون لهجوم ينفذه تنظيم الدولة، أو جماعة شائنة أخرى". 

 

وينقل الموقع عن موظفة، قولها: "كنا في داخل مبنى إداري، وقمنا بالانتقال إلى أحد المكاتب وبقينا هناك"، وأضافت في حديث مع الصحافي عن طريق الهاتف، أن هجوم الثاني من أيار/ مايو جعلها مرعوبة، حيث كان هذا هيجانا، وقال المسؤولون الأمنيون في طرابلس إنه استمر 15 دقيقة، وشارك فيه مقاتلان فجرا نفسيهما قبل أن يقتلا أو يعتقلا، ومضيا مباشرة من المكان الذي وضع فيه الحاسوب الذي خزنت فيه بيانات وعناوين الناخبين الليبيين. 

 

ويلفت التقرير إلى أن الهدف من الهجوم كان هو تخريب الانتخابات التي ستجرى هذا العام، التي كانت جزءا من الجهود لبناء الدولة الممزقة منذ سبعة أعوام. 

وتقول الموظفة للموقع: "كانا يعرفان المكان الذي يريدان الذهاب إليه.. فجرا البناية التي تحتوي على قواعد البيانات"، حيث قتل 16 شخصا على الأقل، بالإضافة إلى جرح 20 في الهجوم على اللجنة العليا للانتخابات. 

 

ويذكر الكاتب أن هذا كان أول هجوم كبير يقوم به تنظيم الدولة في طرابلس منذ أيلول/ سبتمبر 2015، وأعلن تنظيم الدولة بعد أقل من أسبوع مسؤوليته عن تفجير انتحاري بسيارة في 8 أيار/ مايو، في مدينة سرت، قتل فيه رجل أمن وجرح ثلاثة، مشيرا إلى أنه في يوم الأربعاء الماضي قام التنظيم بهجومين في شرق البلاد في أجدابيا وعجيلة، قتل فيهما جنديين تابعين للجماعة التي تسيطر على ذلك الجزء من البلاد. 

 

وينقل الموقع عن الخبير في شؤون الإرهاب في مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية ويست بوينت العسكرية جوف بورتر، تعليقه قائلا: "نشاهد عودة التنظيم ضمن ظروف جديدة.. أعادوا بناء قدراتهم، وينوون استخدامها".

 

وينوه التقرير إلى أن تنظيم الدولة كان في حالة من التراجع في ليبيا، وبنى حضورا له في فترة الفوضى التي أعقبت عملية الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011، لافتا إلى أنه في غمرة الفوضى المستمرة تم سحل السفير الأمريكي وثلاثة أمريكيين في مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012، على يد فصائل محلية. 

 

ويذكر دراغاهي أن التنظيم استغل الاقتتال بين الجماعات المعارضة للقذافي، والتنافس بين حكومات ليبيا المتعددة، واستطاع السيطرة على مناطق نفطية مهمة، بما فيها ميناء سرت، مسقط رأس القذافي، مشيرا إلى أنه في كانون الأول/ ديسمبر 2016، تمت مهاجمة سرت بدعم من الطيران الأمريكي والكوماندوز والمليشيات المحلية؛ للقضاء على وجود الجهاديين في شمال أفريقيا. 

 

وبحسب الموقع، فإن التنظيم لم يستطع في 2017 تنفيذ أكثر من 4 عمليات، إلا أنه استطاع منذ بداية العام الحالي تنفيذ 10 عمليات، مستدركا بأنه رغم أنه لم يعد يسيطر على مناطق، إلا أنه لا يزال قوة يحسب لها الحساب. 

وينقل التقرير عن أنس القماطي من مركز الصادق في ليبيا، قوله: "إنهم رشيقون، وأكثر وضوحا ومرونة في الطريقة التي يعملون فيها.. من الصعب على قوات الأمن أن تراقبهم، وحجمهم صغير لكنهم آقوياء، وعلينا المقارنة بين تخفيض حجمهم كونهم منظمة، وتوسيعها من خلال الأثر". 

 

ويورد الكاتب نقلا عن أحمد بن سالم، المتحدث باسم قيادة الرد السريع التي تسيطر على معظم العاصمة، قوله إن قوات الأمن تقوم بمتابعة مقاتلي تنظيم الدولة في سرت وشرق ليبيا وهم يحاولون إنشاء خلايا في داخل طرابلس، ويضيف: "علينا التركيز على من يدخل طرابلس، ويجب أن نجمع معلومات أمنية". 

 

ويشير الموقع إلى أن عدد مقاتلي التنظيم يقدر بما بين 600 – 800 مقاتل، ويحاول التنظيم تجنيد مقاتلين من منطقة الساحل والصحراء والمقاتلين الفارين من العراق وسوريا، بحسب ما يقول المسؤول الأمني النمساوي السابق ولفانغ بوستازي، الذي يقدم النصح للشركات التي تعمل في ليبيا. 

ويلفت التقرير إلى أن تنظيم الدولة يعد في الوقت الحالي نموذجا عن تنظيم يجذب الجهاديين من أماكن مختلفة، حيث وصف شهود عيان المقاتلين اللذين هاجما اللجنة العليا للانتخابات، وتم تعريفهما بأبي أيوب وأبي توفيق، بأنهما من ذوي البشرة السوداء. 

ويقول بوستازي للموقع: "هناك هدف استراتيجي لاستخدام جنوب ليبيا ملجأ.. ما يفعلونه الآن في ليبيا هو على قاعدة صغيرة، وليسوا مهتمين باستعادة مناطق، ويريدون البقاء في الجنوب، والقيام بعمليات لتحسين تمويلهم، وفي النهاية سيعيدون تنظيم أنفسهم للقيام بهجمات داخل ليبيا".

 

ويرى دراغاهي أن "النظام السياسي والأمني المتصدع يمنح تنظيم الدولة الكثير من المساحة للمناورة، فخليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات يسيطر على معظم الشرق، بما فيه بنغازي، فيما تسيطر مجموعات محلية أخرى، من بينها الإخوان المسلمون، على الغرب والعاصمة، أما ميناء مصراتة أكبر موانئ البلاد فهو مستقل من الناحية العملية، وتحاول هذه الجماعات التنافس على الجنوب مصدر المياه والنفط للبلاد". 

 

ويبين الموقع أن الحكومة الضعيفة المعترف بها دوليا، ومقرها طرابلس، تحاول البحث عن تنازلات بين الأطراف جميعها، فيما يضخ مليون برميل من النفط يوميا، حيث تستخدم موارده في دفع الفواتير. 

 

وبحسب التقرير، فإن "الحياة في ليبيا لا تزال تعيش في فوضى، وستضيف عودة الجهاديين فوضى أخرى، ويعاني السكان من نقص الطعام والوقود وانقطاع الطاقة الكهربائية، وانهارت قيمة الدينار الليبي إلى 7 دنانير مقابل الدولار، بعدما كانت قيمته 1.2 أمام الدولار قبل 2011". 

 

وينقل الكاتب عن المصرفي الليبي عادل دجاني، المقيم بين لندن وتونس، قوله: "إنها مسألة نجاة يوما بعد يوم..لا أحد يفكر على المدى المتوسط أو البعيد فالأمر يتعلق بالحصول على المال من البنك، ووصول الرواتب، والمدارس آمنة، ومال متوفر مع حلول شهر رمضان". 

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن أمراء الحرب يقومون بقتال تنظيم الدولة كون ذلك وسيلة للحفاظ على قوتهم، لافتا إلى أن بعضهم لديهم حافز للحفاظ على تهديد التنظيم على قيد الحياة.