صحافة دولية

فايننشال تايمز: لهذا تتزايد الضغوط على اللاجئين السوريين

فايننشال تايمز: اللاجئون السوريون تحت الضغط بسبب نفاد صبر مستضيفيهم- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لكل من لورا بيتيل في أنقرة وآسر خطاب وإريكا سولمون في بيروت، نقلوا فيه شكوى وتذمر الناس في البلدان المضيفة من اللاجئين السوريين، بعد أن طال بهم المقام. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ثاقب أويار أعطى صوته للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات التركية الأخيرة، لكنه اليوم غاضب على الرئيس، حيث أن أويار، الذي يعمل حجارا، يعيش في منطقة ألتينداغ الفقيرة في أنقرة، ويشكو من العدد الكبير من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في المنطقة، ويقول "إنها تشبه حلب هناك"، مشيرا إلى منطقة بعد إشارات المرور، ويكمل قائلا: "إنهم يأخذون الوظائف، ويرفعون إيجارات البيوت.. إن لم يعيدوهم لن أصوت لـ (أردوغان) مرة ثانية".  

ويعلق الكتّاب قائلين إن "أويار ليس وحيدا، فالعداوة تجاه ملايين السوريين، الذين فروا من الحرب الأهلية التي امتدت سبع سنوات، تزيد في تركيا ولبنان والأردن، وهي البلدان التي تستضيف أكبر أعداد من اللاجئين".

وتذكر الصحيفة أن المنظمات الإنسانية حذرت من أنه بالرغم من استمرار سفك الدماء في سوريا، إلا أن هناك ضغطا سياسيا متناميا في البلدان المضيفة ليعود اللاجئون إلى بلدهم، مشيرة إلى قول دانيال غوريفان من مجلس اللاجئين النرويجي: "هناك ردة فعل قوية تتنامى بانتظام.. وتزايد النقاش حول عودة اللاجئين لا يتناسب مع ما يحصل على الأرض في سوريا".

ويلفت التقرير إلى أن تركيا حصلت على إشادة عالمية لفتحها أبوابها أمام 3.5 مليون لاجئ سوري فروا من الحرب، لكن التوتر الاجتماعي يتنامى، حيث وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة بيلغي في اسطنبول أن 75% من المواطنين الأتراك يعتقدون أن المجتمعين التركي والسوري لا يمكنهما العيش في سلام، فيما قال ثلثا المشاركين -بمن فيهم 45% ممن صوتوا لأردوغان- إن سياسة الحكومة تجاه السوريين كانت خاطئة.

ويبين الكتّاب أن عدم الرضا العام على الخطاب السياسي له تأثير، فقبل عامين كان أردوغان يعد اللاجئين السوريين علنا بالجنسية التركية، لكنه اليوم يقول إن أحد الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية التركية في عفرين هو تمكين اللاجئين من العودة إلى بلادهم، مع أن معظم اللاجئين أتوا من مناطق أخرى في سوريا. 

وتورد الصحيفة نقلا عن أردوغان، قوله الشهر الماضي: "نريد أن يعود إخواننا وأخواتنا اللاجئون إلى أرضهم وبيوتهم.. حيث لا نستطيع إبقاء 3.5 مليون نسمة هنا إلى الأبد".

ويجد التقرير أنه مع أن هناك فوائد اقتصادية للاجئين، مثل إنفاق الأموال، وإقامة أعمال جديدة، إلا أن حكومات الدول المستضيفة تنفق المليارات لدعمهم، ففي لبنان، الذي أصبح فيه واحد من كل أربعة سوريا، يقول أحد المسؤولين إن أزمة اللاجئين كلفت لبنان أكثر من 20 مليار دولار، في الوقت الذي يقول فيه الأردن إنه أنفق 10 مليارات دولار، أما تركيا فتقول إنها أنفقت 30 مليار دولار على اللاجئين لديها.

ويستدرك الكتّاب بأنه بالرغم من التغير في النبرة العلنية، فإن المسؤولين الأتراك يستمرون في العمل خلف الكواليس على تحسين حصول اللاجئين على التعليم والصحة، لكن في لبنان يقول السوريون إن السلطات تصعب عليهم البقاء بشكل متزايد.

وتنقل الصحيفة عن حسن، الذي يعمل مراسلا في بيروت، قوله إنه حاول تجديد إقامته في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، لكن الموظف رفض طلبه، قائلا إنه لا حجة له للبقاء، فبلدته التي أتى منها حررت من تنظيم الدولة، وحان الوقت لعودته، مشيرة إلى أنه يعيش الآن في بيروت بشكل غير قانوني.

وينوه التقرير إلى أن المضايقات التي تهدف إلى تخويف اللاجئين زادت في أنحاء البلاد كلها، وفي إحدى الحالات قال اللاجئون السوريون في بيروت لـ"فايننشال تايمز" إن قوات الأمن داهمت شققهم، وفتشت بيوتهم وأجهزة الحاسوب، وصرخ عناصرها عليهم، لافتا إلى أن أحدهم قال إن ضباط الأمن قاموا بتجميع الشباب السوريين وإهانتهم، حيث أمروهم بالغناء و"الرقص مثل الدجاج"، وعندما احتج الناس صاح الجنود بأن عليهم العودة إلى سوريا لأنها أصبحت آمنة.


ويفيد الكتّاب بأن الأردن أبقى حوالي 50 ألف لاجئ عالقين في مخيم، بالقرب من الحدود السورية الجنوبية ؛لأسباب أمنية، فيما أغلقت تركيا حدودها أمام معظم السوريين منذ عام 2015، بالإضافة إلى أن هناك قلقا في أوساط مجموعات حقوق الإنسان في البلدين، حيث أشاروا إلى ظاهرة الإبعاد القسري المتنامية.

وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي يكسب فيه رئيس النظام السوري بشار الأسد الحرب، وتتم استعادة الأرض من تنظيم الدولة، فإنه كان هناك اعتقاد بأن الصراع بدأ في الدخول إلى مرحلة الانتهاء، مستدركة بأن حرب سوريا المعقدة بعيدة عن نهايتها، حيث تشهد بعض المناطق أكثر الأيام دموية. 

ويورد التقرير نقلا عن خبراء، قولهم بأن الضغط السابق لأوانه على اللاجئين للعودة تفاقم بسبب فشل الدول الأخرى في استقبال اللاجئين، فدول الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرون تستضيف مليون سوري -ثلثاهم في ألمانيا والسويد- مقارنة مع 5.2 مليون سوري في تركيا والأردن ولبنان، لافتا إلى أن عدد من تم تسكينهم خارج المنطقة تراجع بسبب ردة الفعل الغربية وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخفيض الحصة الأمريكية.

 

وينقل الكتّاب عن مديرة منصة الحلول المتينة، وهي مبادرة أبحاث طويلة الأمد حول مستقبل اللاجئين السوريين، ساسكيا باس، قولها: "لم يكن الدعم للاجئين في المنطقة كافيا لمساعدة الدول المستضيفة.. لا يمكنك أن تتوقع أن تقوم البلدان بالعناية بهذا العدد الكبير من الناس لفترة طويلة عندما تكون شعوبهم محتاجة".

وتكشف الصحيفة عن أن التوتر يصل في تركيا إلى أقصاه في مناطق الطبقة العاملة، حيث يتنافس السوريون مع السكان المحليين على السكن الرخيص والوظائف ذات الدخل المتدني. 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن امرأة تركية من منطقة ألتينداغ في أنقرة مؤيدة للحزب الحاكم، ترى أن سياسة الحكومة تجاه سوريا كانت أكبر خطأ لها خلال 15 عاما في السلطة، وتقول: "نحن أفقر منهم .. أخطأت الحكومة في جلب هؤلاء الناس كلهم إلى هنا.. يجب أن يعودوا".