ملفات وتقارير

ما دوافع حلفاء أمريكا العرب لشراء الصواريخ الروسية إس-400؟

الصواريخ الروسية يعد مداها البالغ 400 كلم في جميع الاتجاهات غير متوفر في مثيلاتها من المنظومات الأمريكية- جيتي

أعلن العراق نهاية شباط/ فبراير الماضي نيته شراء منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية إس-400. وفي السياق ذاته، وصلت مصر مراحل متقدمة في المفاوضات لشراء هذا السلاح، والسعودية تقريبا وصلت للمرحلة النهائية من إتمام الصفقة، بحسب السفير السعودي في موسكو.


الدوافع

 

وتعد هذه الدول الراغبة بشراء المنظومة الروسية من أهم وأقوى حلفاء واشنطن في المنطقة، وفي العادة تقوم بشراء أسلحة أمريكية، فما الذي دفعها للاتجاه للسلاح الروسي في الوقت الذي يمكنها شراء مثيله الأمريكي؟

 

من جانبه، يعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، الدكتور صبحي ناظم، أنه حين يتم المقارنة بين إس400 وبين مثيلاتها الأمريكية، يصبح لدى حلفاء واشنطن العرب أسباب ودوافع منطقية تدفعهم لشراء المنظومة الروسية.

 

وأجمل ناظم هذه الأسباب في حديث لـ"عربي21" بالآتي:

 

أولا: بعد نشر الروس لهذه المنظومة في سوريا ذاع صيتها أكثر من مثيلاتها الأمريكية.


ثانيا: إن مداها، البالغ 400 كلم في جميع الاتجاهات، غير متوفر في مثيلاتها من المنظومات الأمريكية.

 

ثالثا: يعدّ السلاح الروسي أرخص من نظيره الأمريكي، وعليه فإن سعر هذه المنظومة سيكون أقل

من مثيلاتها الأمريكية والمعروضة في سوق السلاح.

 

رابعا: تُقدم روسيا تسهيلات مادية، مثل إمكانية تقسيط ثمن هذه الصواريخ أو الدفع بالآجل، على النقيض من أمريكا.

 

خامسا: تسعى الدول غير المصنعة للسلاح عادة لأن تعدد مصادر تسليحها؛ كي لا تبقى رهينة لجهة واحدة.

 

سادسا: السطوة الروسية برهنت ذاتها في حماية حلفائها في المنطقة أفضل من الولايات المتحدة، خصوصا بعد حفاظها على مستقبل حليف مهم لها، وهو النظام السوري.

 

سابعا: إقدام تركيا على شراء هذه المنظومة، وعدم استطاعة واشنطن منعها من ذلك، شجَع بعض

العرب على الإقدام نحو هذه الخطوة.

 

من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسة، أحمد سعيد نوفل، إلى أن العالم يشهد حاليا فوضى في العلاقات الدولية والإقليمية، وبالتالي فالظروف الحالية تحتم على العرب عدم الثقة بنظام عالمي أحادي القطبية متمثلا بأمريكا، بحسب قوله.

 

وتابع نوفل في حديث لـ"عربي21": "قيام بعض الدول بشراء السلاح من دول عدة كروسيا وكوريا، يحتم على العرب عدم شرائه من دولة واحدة فقط، حتى لا يتم استغلال هذا الأمر كنقطة ضعف مستقبلا، وبالتالي منع تقديم الأسلحة التي تريدها هذه الدول أو الصيانة والعتاد أيضا".

 

وأوضح أن على العرب الأخذ بعين الاعتبار أن علاقة واشنطن بتل أبيب سوف تؤثر على قرارها بيع السلاح لهم.

 

واستدرك نوفل بالقول: "لكن باعتقادي أن واشنطن لن تتخلى عن بيع السلاح لحلفائها العرب فقط لشرائهم منظومة الصواريخ الروسية".

 

تأثير هذه الصفقات على العلاقة بواشنطن

 

أثار نشر روسيا لمنظومة إس-400 في سوريا توجس إسرائيل، خاصة أن هذه الصواريخ الدفاعية ستؤثر على تحليق أو هبوط أي طائرة إسرائيلية، ومن المعروف أن تل أبيب هي الحليف الأقوى لواشنطن في المنطقة، فهل سيؤثر سعي حلفائها الآخرين لشراء هذه المنظومة على علاقتها بهم؟

 

يرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، صبحي ناظم، أن سعي حلفاء واشنطن العرب لامتلاك هذه المنظومة ربما يؤثر في علاقتها بهم.

 

وأكد أن أمريكا ستحاول بأساليب الترغيب والتهديد المبطّن ثني تلك الدول عن هذه الخطوات، "وقد بان ذلك بتحذيرها العراق -مثلا- من عواقب وخيمة، رغم أن "بغداد" نفت عزمها شراء هذه المنظومة، وكذلك أرغمت السعودية على التراجع عن شرائها للمنظومة ذاتها خلال العام المنصرم"، بحسب قوله.

 

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية أحمد سعيد نوفل: "لا أعتقد أن سعي حلفاء واشنطن العرب لحيازة إس-400 سوف يؤثر على علاقتهم بها من ناحية إستراتيجية، بمعنى علاقات التحالف بين الدول العربية وبين أمريكا، فهي علاقة إستراتيجية".

 

وأستدرك بالقول: "لكن في الوقت ذاته لن يؤثر تنويع شراء الأسلحة على هذه العلاقة التحالفية؛ لأن هذه الدول العربية لا تستطيع أن تبتعد عن أمريكا، وهي تنوع شراء الأسلحة، لكنها حريصة على استمرارية علاقاتها بواشنطن؛ لأنها اضعف بكثير من أن تبتعد عن الحليف الرئيسي، خاصة أنها في فترات مختلفة هي التي تدعم بقاء هذه الدول وتدافع عنها في حال تعرضها لأي خطر".

 

هل انتهى النفوذ الأمريكي في المنطقة؟

 

يثير سعي الدول العربية -خاصة من يجمع بينها وبين واشنطن تحالفات إستراتيجية- لتوطيد علاقاتها مع روسيا، لا سيما في الجانب العسكري من خلال شراء السلاح الروسي، تساؤلا حول ما إذا كان النفوذ الأمريكي في المنقطة قد تراجع؟

 

يجيب نوفل بالقول: "بلا شك أنا أؤمن بأن النفوذ الأمريكي في عهد ترامب تراجع، وقد يزداد أكثر مستقبلا، فهي كانت تدّعي بأنها تقوم مقام النظام العالمي أحادي القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا".

 

وتابع: "من ناحية ثانية، أمريكا في فترة ما كانت هي اللاعب الرئيسي في المنطقة، لكن في الوقت الحالي دخلت روسيا المنطقة بقوة، وهي الآن أقوى في سوريا".

 

بدوره، يرى صبحي ناظم أن سعي حلفاء واشنطن العرب لشراء السلاح من دول أخرى، يُعد إشارة واضحة على تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، وتخلخل ثقة زعماء حلفائها العرب بها.

 

ويعزو ناظم تراجع ثقة العرب بواشنطن للأسباب التالية:

 

أولا: الفشل الأمريكي في استتباب الأمن في العراق، ووعوده بإعماره وتقدمه، إضافة للدمار والخراب والفساد الذي أصاب العراق جراء الاحتلال الأمريكي وأمام أنظاره.


ثانيا: سحب القوات الأمريكية من العراق أواخر عام 2011، رغم كونه ما زال بمنتصف الطريق، وتركه وسط رياح هائجة، وغض واشنطن الطرف عن سيطرة إيران على مقاليد "العراق" منذ 2003 حتى يومنا هذا.

 

ثالثا: عدم تدخل "واشنطن" لإنقاذ العراق من براثن "داعش" إلا عن طريق القوة الغاشمة، التي أدت لتدمير العشرات من مدنه الكبرى والوسطى والقرى من خلال القصف الأمريكي بأفضل ما لديها من الطائرات الهجومية.

 

يُذكر أن منظومة "إس-400" توفر "حماية فاعلة" ضد الصواريخ، وتعدّ من أكثر أنظمة الدفاع الجوي كفاءة. ووفقا للمعلومات، فقد بدأ الاتحاد السوفيتي بتطويرها بعد انتهائه من تطوير نظيرتها "إس-300".

 

ودخلت أنظمة "إس-400" الخدمة الفعلية في الجيش الروسي اعتبارا من عام 2007، وقد جاء تصميمها لتوفير درجة عالية من الحماية الفاعلة سياسيا واقتصاديا وعسكريا.