من المتوقع أن يستمر إغلاق
كنيسة القيامة إلى أمد غير محدد بعد أن أعلنت الطوائف المسيحية في القدس إغلاق كنيسة القيامة في البلدة القديمة من المدينة، احتجاجا على قرار بلدية
الاحتلال فرض ضرائب على أملاك الكنائس فيها.
وكان بطاركة ورؤساء كنائس القدس، برروا خلال إعلانهم إغلاق كنيسة القيامة في مؤتمر صحفي الأحد، إقدامهم على هذه الخطوة، بأنها "إجراء احتجاجي، وخطوة غير مسبوقة".
ولا تزال الكنيسة التي تعتبر وجهة رئيسية للحجاج المسيحيين، مغلقة لليوم الثاني على التوالي، واعتبرت شخصيات تحدثت معهم "
عربي21"، أن إجراءات السلطات
الإسرائيلية تهدف إلى "إضعاف الوجود المسيحي في القدس".
ويهدف قرار إغلاق الكنيسة حتى إشعار آخر إلى ثني بلدية الاحتلال عن قرارها فرض
الضرائب المقدرة بمئات ملايين الدولارات، وتأتي الخطة الاحتجاجية في ظل استعدادات المسيحيين لعيد الفصح، الذي من المتوقع أن يصل فيه مئات آلاف المسيحيين من أنحاء العالم.
"خطوة لبيع الكنائس"
ووصف عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات الأب مانويل مسلم، الإجراءات الإسرائيلية "هجمة احتلالية تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء، الأمر الذي يزيد من خطورتها، فإسرائيل تروج للعالم دائما أن الصراع بين الإسرائيليين والمسلمين".
وشدد مسلم في حديثه لـ"
عربي21" على أن "المسيحيين الفلسطينيين هم جزء لا يتجزأ من الصراع مع الاحتلال، والممتد منذ عقود".
ويرى مسلم أن هذا القرار في "غاية الخطورة وله تأثيرات على المدى البعيد، فالهدف من فرض الضرائب أن إسرائيل تريد أن تجبرنا على بيع الكنائس أو جزء منها، كما تريد تهويد الأرض وتهويد القدس دينياً وجغرافياً".
ونوه أن "القدس ليست فلسطينية فقط، بل لها بعد قومي عربي، وإسرائيل تريد أن تضرب القومية العربية".
"تهويد وتجويع"
بدوره قال الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين الأب عيسى مصلح، إن "بلدية الاحتلال الإسرائيلي دعت إلى وضع حد على أملاك الكنائس بحكم جباية ضرائب، مع العلم أن الكنائس معفاة من الضرائب منذ العهد العثماني حتى العهد الانجليزي والأردني لغاية يومنا هذا".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "يريدون أيضا تغيير مدينة القدس وتغيير معالمها وتهويدها تاريخيا وجغرافيا ودينيا، بالإضافة إلى ذلك هي تشكل ضربة قاسية للشعب المسيحي الفلسطيني، لأن الاحتلال الإسرائيلي يريد أن يحول القضية الفلسطينية إلى قضية دينية إسلامية يهودية ونحن ومع إخواننا المسلمين نقول للاحتلال وللعالم أجمع سنبقى يدا بيد حتى تحقيق أمانينا وأهدافنا لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
اقرأ أيضا: إغلاق كنيسة القيامة لليوم الثاني احتجاجا على ضرائب الاحتلال
وتابع مصلح: "كل دول العالم بدأت تتحرك مؤيدة لقرار الكنائس، لقد نفد صبرنا ولن نركع إلا لله سبحانه وتعالى".
وأكد: "سنصعد من الإجراءات إذا لم يتراجع الاحتلال".
ونوه أنه "في كل عام يصل فلسطين 300 مليون حاج مسيحي، وإسرائيل ستتضرر من جميع النواحي، وهذا قرار سيسيء للاحتلال الإسرائيلي، ونحن لم ولن ندفع أي شيقل للضرائب، والقضية هي قضية صراع بقاء إما نحن الشعب الفلسطيني أم هم".
ويرى مصلح أن "الاحتلال بهذا القرار يريد تجويع أطفالنا ونسائنا لأن الكنائس هي جمعيات خيرية والجمعيات الخيرية لا تدفع ضرائب، ونحن لنا دور أيتام وجمعيات خيرية تقوم بخدمة أبنائها، وبالتالي إذا رضخنا لمثل هذه القرارات سننتهي كمسيحيين فلسطينيين".
وأكد أن هنالك اتصالا مباشرا مع الشخصيات الدولية ودول صديقة، "ونحن نقول للعالم أجمع لن نتراجع، سنصعد، ونحن أصحاب حق ويجب على دول العالم الوقوف إلى جانب بيوت العبادة سواء المسيحية أو المسلمة".
أبعاد قرار ترامب
واعتبر رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الأرثوذكسي عدي بجالي، "أن أصل الموضوع هو الحجوز البنكية التي قامت بها بلدية القدس على حسابات الكنائس بحجة ضريبة المسقفات التي فرضت على الكنائس أغلبها بشكل غير قانوني وفرضت أيضا بأثر رجعي وهو غير قانوني حسب القوانين".
وكانت بلدية القدس التابعة لسلطات الاحتلال، قرّرت في الثالث من شباط/ فبراير الجاري فرض ضرائب ورسوم إضافية على 887 عقارا للكنيسة المسيحية في القدس، وعلى عقاراتٍ تابعة للأمم المتحدة، ووكالة "الأونروا".
وحسب ما ذكرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر بتاريخ 3/2 من هذا العام، فإن بلدية الاحتلال قررت جباية ما يعادل 191 مليون دولار، من الكنائس والأديرة، وأيضا من مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، ضريبة مسقفات.
وقبل عدة سنوات، أطلقت شركة المياه التابعة للاحتلال في القدس، حملة مشابهة، وطالبت الكنائس بملايين الدولارات، عن سنين خلت.
كما فرضت بلدية الاحتلال حجوزات على الحسابات البنكية للكنائس الأديرة، تمهيدا لجباية عشرات الملايين. فقد حجزت على الكنيسة الكاثوليكية، بما يعادل 3,5 ملايين دولار، وعلى الكنيسة الإنجيلية بما يعادل 2,12 مليون دولار، وعلى الكنيسة الأرمينية بما يعادل 590 ألف دولار، وعلى الكنيسة الأرثوذكسية بما يعادل 168 ألف دولار.
وأشار بجالي في حديثه لـ"
عربي21" إلى "أن أهداف الاحتلال من ذلك واضحة وهي تهويد الحجر والبشر والتراب وكل شيء لصالحه، ومصادرة الأملاك الإسلامية والأقصى، واعتداءات على الكنائس، فالاحتلال لا يساير أي طرف، ويسعى إلى الاعتراف الدولي بأن تكون إسرائيل دولة اليهود، إضافة إلى قرار ترامب بجعل القدس عاصمة للدولة اليهودية".
ويضيف: "لكن السؤال هل نحن كشعب فلسطين واعون لذلك؟ وهل الكنائس تعتبر نفسها كنائس وطنية وكنائس مسيحية تحافظ على أملاكها ونفسها؟ من الطبيعي أن يتمادى الاحتلال الإسرائيلي وأن يخدم نفسه، وممارسات الاحتلال واضحة. والدول العربية لا حول لها ولا قوة، والعالم لا يلتف لهذا الموضوع خاصة أن الموضوع لم يطرح بشكل جدي".
واعتبر أن إسرائيل تتعدى على الفاتيكان في موضع الضرائب، وفي منع المصلين من الحضور والصلاة في الكنائس والأقصى، وقرار ترامب بأن القدس عاصمة الأبدية للدولة اليهود هذا اعتداء على الفاتيكان أيضا، ومنع الميزانيات عن المدارس المرتبطة بالكنائس من قبل الحكومة الإسرائيلية هذا اعتداء على الفاتيكان.