وجه النائب العام الإيطالي التهمة لأجهزة الأمن
المصرية باستهداف جوليو
ريجيني بسبب أبحاثه التي قام بها خلال أشهر إقامته في
القاهرة، مؤكدا أنه كان خاضعا للمراقبة المصرية عن كثب حتى يوم اختفائه.
وكان ريجيني قد تعرض للاختطاف يوم 25 كانون
الثاني/ يناير عام 2016، قبل أن تظهر جثته بعد ستة أيام ملقاة على على طريق خارج
القاهرة وعليها آثار تعذيب وحشي، حيث تعرض لضرب وحشي حتى الموت.
وفي أول اتهام واضح أكد "پينياتوني"،
في رسالة أرسلها إلى صحيفتي "كورييري ديلا سيرا" و "لا
ريبوبليكا" الإيطاليتين، بمناسبة مرور عامين على حادث اختطاف وقتل ريجيني، أن
هذه الأبحاث دفعت السلطات المصرية إلى التركيز أكثر على ريجيني بأساليب صارمة وعلى
نحو متزايد، بعد أن كانت تراقبه بالفعل في الأشهر السابقة على كانون الثاني/ يناير
2016.
وتابع: "الادعاء بأن ضباط المخابرات
المصرية كانوا يعرفون مكان وجوده، يجب أن يكون نقطة الانطلاق لأي تحقيق في سبب
وفاته، وأن المسؤولين المصريين وافقوا على ذلك الأمر، مشددا على أنه من الواضح أن
السلطات الإيطالية لن تتوقف عند هذا الحد، على الرغم من الصعوبة البالغة لهذه
التحقيقات وعدم سير العمل في القضية بالسرعة المرجوة".
وأشار المدعي العام الى أن هذا الاستنتاج أصبح
نقطة انطلاق ثابتة في التحقيقات بشأن عملية القتل، مشيرا إلى استبعاد مجموعة من
الأسباب غير المحتملة لقتل ريجيني من بينها تورط عصابة من المجرمين العاديين.
المصريون يضللون المحققين
وقالت صحيفة "نوتيزي جيوبوليتيك" الإيطالية
السبت الماضي، إن عامين مرا دون أن يطرأ أي جديد على قضية الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني،، الذي تعرض للتعذيب حتى الموت في القاهرة، وما يزال قاتله مجهولا حتى الآن.
وأشارت إلى أن السلطات الإيطالية التي تواصل
التحقيق في القضية وحل ألغازها، تواجه الكثير من محاولات التضليل ونشر الأخبار
الكاذبة من جانب النظام المصري، مؤكدة أن السلطات المصرية لم تقم بأي مبادرة تذكر
للتعاون مع نظيرتها الإيطالية لمعرفة قاتل ريجيني.
وفي الأسبوع الماضي، نشرت وسائل إعلام إيطالية
وثيقة مهمة وقعت بين يدي السلطات الإيطالية تؤكد أن المخابرات العامة المصرية تلقت
برقية تؤكد اعتقال ريجيني بواسطة المخابرات الحربية المصرية بسبب تعامله مع أطراف
خارجية لزعزعة الاستقرار في مصر، موضحة أن ريجيني كان يتمتع بصحة نفسية وجسدية
جيدة قبل أن يقع في قبضة رجال المخابرات الحربية التابعة لقائد الانقلاب عبد
الفتاح السيسي.
في المقابل وصف النائب العام المصري، في بيان له
الأربعاء الماضي، هذا الخطاب بأنه مزيف تماما، محذرا من أن هذه الأنباء قد تضر
بالتعاون بين سلطات التحقيق في البلدين".
تسوية أضاعت حق ريجيني
ويقول محللون إيطاليون
إن حكومة بلادهم اتفقت مع النظام المصري، فيما يبدو، على غلق القضية وفق
تسوية سياسية أضاعت حق ريجيني.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "نوتيزي
جيوبوليتيك" الإيطالية، إنه على الرغم من أن كل الأدلة والبراهين تدين السيسي
وتثبت تورطه أجهزته الأمنية في قتل ريجيني، إلا أن
إيطاليا تخشى من توتر العلاقات
مع مصر، والآثار العكسية المتوقعة لذلك على التعاون الثنائي فيما يتعلق بالأزمة
الليبية.
أما الكاتب الإيطالي "جويدو رامبولدي"
فقال إن حكومة بلاده تعمدت تجاهل الوصول إلى حقيقة مقتل "جوليو ريجيني"، مقابل استمرار العلاقات التجارية والاقتصادية مع مصر، وهذا ما يؤكده تحول مسار
التحقيقات من تسليط الضوء على مسؤولية النظام الأمني المصري عن وفاة الباحث
الإيطالي إلى اتهام المشرف على رسالته للدكتوراه مها عبد الرحمن.
وأضاف "رامبولدي" في مقال بصحيفة
"أوبن ديمكراسي" أن ريجيني تم اعتقاله بواسطة جهاز أمني مصري، وقتل في
مكان بعد اختطافه بسبعة أيام، وأنه من المحتمل أن يكون قد قتل بإذن شخصي من
السيسي.
وأكد أنه على الرغم من منطقية هذا الطرح، إلا أن
نبرة الإعلام الإيطالي تغيرت وبدأت تروج لرواية السيسي بأن ريجيني قتل على أيدي
جهة ما، تريد إفساد العلاقات القوية بين مصر وإيطاليا، مضيفا أن روما وجدت أنه من
الصعب التوفيق بين هدفين متناقضين؛ إجبار القاهرة على كشف قتلة ريجيني وفي الوقت ذاته الحفاظ على العلاقات التجارية القوية بين الجانبين.
واختتم مقاله بالقول إن الأمر تحول إلى
"مسرحية هزلية" حيث تتبادل القاهرة وروما معلومات بسيطة، وتحولت القضية
إلى المسار الأكاديمي، وبذلك ضحت الحكومة بريجيني في إطار تسوية مع نظام والسيسي
العسكري في مصر.
مظاهرات في روما
وفي سياق ذي صلة، شهدت العاصمة الإيطالية روما مظاهرات
لمئات الإيطاليين الذين تجمعوا لإحياء الذكرى الثانية لمقتل ريجيني، وطالبوا حكومة
بلادهم بكشف الحقيقة والتوصل للجناة.
واستقبلت جامعة كامبريدج البريطانية يوم الأحد
وفدا إيطاليا يضم نائبة رئيس البرلمان "إيزابيلا دي مونتي" وأسرة
"جوليو ريجيني"، وخلال اللقاء نفت إدارة الجامعة علمها بتفاصيل الأبحاث
التي كان يجريها ريجيني داخل مصر، تحت إشراف الدكتورة مها عبد الرحمن، ورفضت
الاتهامات بعدم التعاون في التحقيقات.
وقبل أسبوعين استجوبت النيابة العامة الإيطالية
مها عبد الرحمن وصادرت جهاز الكمبيوتر الخاص بها وهاتفها المحمول.
وقالت الجامعة في بيان، إن المشرفة كانت تعامل
كشاهد وتعاونت بشكل كامل، وأن التكهنات حول تورطها في القضية غير دقيقة ومدمرة.