سلط
تقرير في موقع "سوسيدياريو" الضوء على دور
قطر في تحديد مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، مشيرا إلى خطة قطرية لتحويل القطاع إلى مركز تجاري استراتيجي، يعتمد على موارد الغاز وبناء ميناء لتعزيز دوره الاقتصادي.
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إن
ترامب يريد الفلسطينيين في مصر والأردن، لكن المخطط قد يقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب".
وأضاف، أن "قطر لديها خطة أخرى؛ وفقا لما كشفته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن مستقبل قطاع غزة قد يكون مفتاحا لمخطط قطري إستراتيجي، حيث تسعى الدوحة إلى تحويل غزة إلى قاعدة متقدمة لها على ساحل البحر المتوسط. يهدف هذا المشروع إلى استغلال الموارد الطاقية في المنطقة الساحلية، وخاصة الغاز، بالإضافة إلى إنشاء ميناء حديث، يمكن أن يجعل غزة مركزا تجاريًا حيويًا للمنطقة بأكملها".
ويأتي هذا الطرح في وقت يواصل فيه دونالد ترامب الدفع نحو سيناريو مثير للجدل، يتمثل في نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
ومع انتهاء الحرب في غزة، يبقى التنافس على مستقبل القطاع مفتوحا، بين مخططات التهجير القسرية من جهة، والمشاريع الاقتصادية الاستراتيجية من جهة أخرى.
إظهار أخبار متعلقة
احتمال ليس بعيدا عن الواقع… وقطر قد تحصل على مكافأة سياسية
وأوضح الموقع أن "شريف السباعي، الكاتب المصري المتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، شرح أن الخطة القطرية ليست مجرد فكرة عابرة، بل قد تكون بمنزلة مكافأة للدوحة على دورها المحوري في الوساطة بين إسرائيل وحماس منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. أما دونالد ترامب، الذي لا يزال يدفع باتجاه تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، فقد يدرك في النهاية أن خطته غير قابلة للتطبيق، مما قد يدفعه إلى تبني الحل القطري كبديل أكثر واقعية".
وأشار التقرير إلى أن "هذا السيناريو قد يربك حسابات اليمين الديني الإسرائيلي، حيث نقلت تقارير عن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خلال اجتماع حزبي، تأكيده أن الحكومة الإسرائيلية تعتزم الاعتماد على قائد عسكري جديد، قادر على حسم المعركة في غزة خلال أربعة أشهر، ليتم بعدها تطبيق خطة ترامب المتعلقة بترحيل الفلسطينيين. وإذا تحقق ذلك، فسيكون الشرق الأوسط أمام تحولات جذرية، قد تعيد رسم خارطة النفوذ الإقليمي، خاصة مع تزايد أدوار الفاعلين الإقليميين مثل قطر في تحديد مستقبل غزة".
هل تحويل غزة إلى قاعدة قطرية فكرة واقعية أم مجرد خيال سياسي؟
وذكر الموقع أنه بعيدا عن كونه مجرد خيال سياسي، فإن تحويل غزة إلى قاعدة نفوذ قطرية يملك منطقه الخاص ويتماشى تماما مع الإستراتيجية القطرية التقليدية. فرغم صغر حجمها الجغرافي، تمتلك قطر قوة مالية هائلة، ما يمنحها القدرة على أداء أدوار إقليمية أكبر من حجمها، كما فعلت سابقا في العديد من الملفات السياسية.
هذا الطموح القطري ليس أمرا مستجدا، بل يتماشى مع سياستها طويلة الأمد، بدءا من إطلاق قناة الجزيرة، التي تحولت إلى ذراع إعلامي قوي، كان له تأثير واسع على الرأي العام في الشرق الأوسط، وما زال حتى اليوم أحد أبرز أدوات النفوذ القطري، رغم تراجع تأثيره النسبي. لذلك، فإن فكرة تحويل غزة إلى نقطة ارتكاز استراتيجية لقطر في البحر المتوسط، من خلال استغلال مواردها الطبيعية وإنشاء ميناء تجاري حيوي، تتماشى مع النهج القطري القائم على استخدام المال والقوة الناعمة لتحقيق نفوذ إقليمي واسع.
ما الحل الذي يسعى إليه تميم بن حمد آل ثاني؟
وفقا للموقع، فإنه من المؤكد أن غزة لن تصبح جزءا من الأراضي القطرية، لكن الطرف الذي سيتولى حكم القطاع مستقبلا، خاصة إذا اعتمد بشكل أساسي على التمويل القطري في إعادة الإعمار بدلا من التمويل السعودي، سيتيح للدوحة فرصة للاستفادة من موارد المنطقة وتعزيز نفوذها هناك، حيث تتمتع غزة بموقع إستراتيجي بالغ الأهمية على ساحل البحر المتوسط، فضلا عن احتياطيات الغاز المحتملة قبالة شواطئها، وهذا ما يجعلها مؤهلة لتكون "سنغافورة الشرق الأوسط"، وفقا للرؤية القطرية،
وأوضح، أنه في حال نجاح هذا التصور، فسيمنح قطر نفوذا اقتصاديا وجيوسياسيًا كبيرا في المنطقة، مستفيدة من الميناء التجاري المزمع إنشاؤه، الذي قد يصبح بوابة محورية للتجارة الإقليمية، إلى جانب الدور القطري المتزايد في إعادة إعمار غزة وربطها بالاقتصاد العالمي.
هل استضافة قطر لقيادة حماس تعني تحالفا استراتيجيًا أم دورا تكتيكيًا؟
ولفت الموقع إلى أنه برغم أن قيادة حماس كانت لفترة طويلة مقيمة في الدوحة، فإن بعض المحللين يرون أن هذا لا يعني بالضرورة وجود تحالف إستراتيجي بين قطر والحركة، بقدر ما يعكس دورا قطريّا في الوساطة، بتفويض غير مباشر من المجتمع الدولي.
وعلى غرار دورها في استضافة محادثات طالبان؛ أدت قطر دور القناة الخلفية للتواصل بين الفاعلين الإقليميين والدوليين مع كيانات غير مرحب بالتعامل معها بشكل مباشر. هذه الأدوار تتم عادة بتنسيق مع الولايات المتحدة، التي تحتاج أحيانا إلى طرف وسيط يمكنه التواصل مع جهات مصنفة على قوائم الإرهاب، دون أن تتحمل واشنطن تبعات هذا التواصل علنا.
ومن ثم، يمكن النظر إلى هذا الدور القطري على أنه جزء من إستراتيجية أوسع، حيث تكون الدوحة جهة قادرة على أداء "العمل القذر" دبلوماسيًا، أي التواصل مع جهات يصعب على القوى الكبرى التعامل معها بشكل مباشر، مما يسمح للجميع بالاحتفاظ بموقف رسمي واضح، بينما تستمر قنوات الاتصال غير الرسمية.
وتمتلك الولايات المتحدة، علاوة على ذلك، قاعدة عسكرية كبيرة في قطر، ما يعكس العلاقة الوثيقة جدّا بين واشنطن والدوحة. فهل سيأخذ ترامب ذلك في الاعتبار؟
وأشار الموقع إلى أن أكبر حام لقطر هو الولايات المتحدة نفسها، وترامب يتفق دائما مع أي طرف يملك المال، ويمكنه إبرام صفقات تجارية مهمة، لكن في الوقت الحالي، يواصل الرئيس الأمريكي التأكيد أن الفلسطينيين يجب أن يغادروا إلى مصر والأردن. فكيف يمكنه تبرير تغيير موقفه لاحقا؟
هذا هو النهج المعتاد لترامب، حيث يبدأ دائما بطرح تصريحات صادمة بهدف إخافة الأطراف المعنية، فهذا جزء من أسلوبه في عقد الصفقات.
وتابع، أنه في النهاية سيعمل مستشاروه على إعادته إلى أرض الواقع؛ لأن مثل هذه القرارات لا يمكنه اتخاذها بمفرده؛ فمن المؤكد أنه لن يتمكن من فرض مثل هذا الخيار على مصر والأردن؛ لأن حكومتي البلدين سترفضانه بشدة، إلى جانب الرفض القاطع من قبل الرأي العام في كلا البلدين، مما قد يهدد استقرارهما الداخلي.
ولفت التقرير، إلى أن تطبيق مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى إغراق الشرق الأوسط في حالة من الفوضى، بل قد يمتد تأثيره إلى العالم الإسلامي بأسره. ناهيك عن أن تنفيذ مثل هذه الخطة سيكون بمنزلة جريمة حرب واضحة، حيث إنها تمثل عملية ترحيل قسري جماعي للفلسطينيين.
وبحسب التقرير، فإن ترامب يركز في الوقت الحالي على القاهرة وعمّان، لكنه قد يتبنى لاحقا الحل الذي يصب في مصلحة قطر؟
وأردف، نعم. سيتم البحث عن حلول بديلة، خاصة أن رسالة الرفض من مصر والأردن وصلت بوضوح شديد إلى واشنطن.
هل يمكن أن تؤدي الحلول القطرية إلى زعزعة استقرار الحكومة الإسرائيلية؟ يبدو أن سموتريتش مقتنع بأن الاتجاه يسير نحو احتلال غزة.
وأكد الموقع أن الأحزاب ذات التوجهات الميسيانية - الأبوكاليبتية لن تكون راضية عن ذلك، وستتضرر سياسيًا، وقد تلجأ إلى الانسحاب من الائتلاف الحاكم، مما قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة دون أدنى شك. لكن في الوقت نفسه، يجب الإقرار بأن خططهم غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع؛ لأنها ستشعل المنطقة بأكملها، وليس فقط حربا محدودة في غزة تستمر لـ 15 شهرا، فتنفيذ سيناريو الترحيل الجماعي للفلسطينيين سيؤدي إلى انهيار الدول القليلة المتبقية التي لا تزال مستقرة في المنطقة. ولا أعتقد أن مثل هذا السيناريو سيصب في مصلحة إسرائيل بأي شكل من الأشكال.
إظهار أخبار متعلقة
هل قطر ماضية نحو دور إقليمي أكثر تأثيرا؟
وشدد تقرير الموقع على الإدراك التام لدولة قطر للضغوط المتزايدة عليها بسبب "الفيل الجيوسياسي الكبير" الذي بدأ يفرض نفسه بقوة في المنطقة: المملكة العربية السعودية؛ فعلى مدى السنوات الماضية، تمكنت الدوحة من أداء أدوار محورية، رغم الضغوط والمنافسة المستمرة من الرياض.
وبين أن الفرق هو أن السعودية في الماضي لم تكن تمتلك الطموحات التي تملكها اليوم. أما الآن، فإن رؤية محمد بن سلمان تقود المملكة نحو تحول شامل، ما يجعلها تهديدا مباشرا للنفوذ القطري في المنطقة.
وختم التقرير، قائلا: "لهذا السبب، تسعى قطر إلى استغلال كل أوراقها المتاحة بأسرع وقت ممكن، قبل أن تكمل السعودية عملية التحول التي قد تجعلها النسخة الكبرى من الإمارات وقطر مجتمعة. إذا نجحت الرياض في ذلك، قد تتحول إلى اللاعب المهيمن الذي يحتكر النفوذ الإقليمي، مما يقلص هامش المناورة القطرية إلى حد كبير".