نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن الحركات الاحتجاجية
التونسية، فبعد مرور سبع سنوات على
ثورة الياسمين، ظلت الآفاق مسدودة في وجه الشعب التونسي، مما أثار مشاعر الاحتقان والاستياء.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه خلال الأيام الأخيرة، شهد الشارع التونسي سلسلة من الحركات الاحتجاجية التي أعادت إلى الأذهان سيناريو الموجة الاحتجاجية لسنة 2011.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشعب التونسي خرج إلى الشوراع قبيل بتاريخ 14 كانون الثاني/ يناير، الذي سيحيي فيه التونسيون الذكرى السابعة لثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، الذي استمر حكمه طيلة 23 سنة.
وأكدت الصحيفة أن ثورة الياسمين مثلت نقطة انطلاق الربيع العربي، لتشمل رياح التغيير العديد من الدول في المغرب العربي ومنطقة الشرق الأوسط. وبعد سبع سنوات من الثورة، لم يتغير وضع التونسيين بشكل ملحوظ، حيث ظل مستقبل الشباب التونسي غامضا، مقابل اتساع رقعة التطرف.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد ثورة 2011، أحرزت تونس تقدما في مسار الانتقال الديمقراطي لتصبح بذلك نموذجا ناجحا مقارنة ببقية دول الربيع العربي. وعلى الرغم من أن الحكومات التونسية المتعاقبة أجرت جملة من الإصلاحات السياسية، إلا أنها عجزت عن تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث ظلت نسبة البطالة مرتفعة، فضلا عن ارتفاع المديونية بنسبة 70 بالمائة.
وأضافت الصحيفة أن الإجراء المتعلق بالرفع في ضريبة القيمة المضافة أشعل فتيل
الاحتجاجات في تونس، رغم تحذيرات الكثير من الخبراء الاقتصاديين للحكومات التونسية المتعاقبة من ردة فعل الشعب التونسي من عدم تحقق أهداف الثورة. في هذا السياق، أجرى الباحث لدى مركز الدراسات حول الشرق الأوسط في جامعة ماربورغ، يوليوس ديستلهوف، دراسة معمقة حول الشباب التونسي، أفضت إلى أن نصف الشعب التونسي ينتمي إلى فئة الشباب الذين لا يتجاوز معدل أعمارهم 30 سنة.
وفي الوقت الراهن، تبلغ نسبة البطالة في صفوف الشباب التونسي 35 بالمائة، علما بارتفاع هذه النسب في بعض المناطق الداخلية. علاوة على ذلك، تعاني البلاد التونسية من التفاوت الجهوي بين المناطق السياحية والمناطق الداخلية، حيث تركز الدولة استثماراتها في المناطق السياحية دون سواها. وحيال هذا الشأن، أورد ديستلهوف أن "الشباب القاطن في المناطق المهمشة يفتقر لوسائل الترفيه، على غرار دور السينما والمسارح، الأمر الذي أثار احتقان أهالي هذه المناطق".
وأوردت الصحيفة أن غياب الآفاق في وجه الشباب التونسي ساهم في انتشار التطرف خاصة في الجنوب التونسي والمناطق الحدودية الليبية والجزائرية. ووفق مصادر متفرقة، التحق حوالي سبعة آلاف شاب تونسي بكل من سوريا والعراق للقتال في صفوف التنظيمات المتطرفة، على رأسها تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة.
وحسب مجموعة "صوفان غروب" الأمريكية، تعد تونس رابع دولة مصدرة للمتطرفين في العالم. فخلال السنوات الماضية، شهدت تونس جملة من الاضطرابات السياسية غذت ظاهرة التطرف في كافة أنحاء البلاد. في هذا الصدد، صرح ديستلهوف بأن "الحكومات التونسية غفلت عن مراقبة المساجد نتيجة انشغالها بتكريس نظام سياسي ديمقراطي ووضع دستور جديد، حيث لم تسن السلطات قوانين تنظم الشأن الديني، مثل قانون يحدد الجهة المسؤولة عن تعيين أئمة المساجد".
وذكرت الصحيفة أن السلطات التونسية تجاهلت، خلال السنوات الأخيرة، مسألة مكافحة الإرهاب خشية من التداعيات التي يمكن أن تنجر عن تنفيذ سياسة مكافحة الإرهاب الصارمة. ومنذ سنة 2015، عجزت الحكومة التونسية عن سن قانون مكافحة إرهاب. وقد أوردت مديرة وحدة المغرب العربي لدى مؤسسة الدراسات الأمنية والسياسية في برلين، إيزابيلا فيرنفيلس، أنه "منذ سنة 2015، تعمل السلطات التونسية على مكافحة الإرهاب، مستنجدة بخبرة بعض المسؤولين الأمنيين السابقين في نظام بن علي".
وتابعت الصحيفة أن قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015 منح القوات الأمنية والعسكرية صلاحيات واسعة. وبموجب هذا القانون، يمكن أن تدوم فترة الاعتقال 15 يوما دون الاتصال بالمحامي. لكن، لا يزال هذا القانون موضع جدل بالنسبة لعدد كبير من الحقوقيين، إلى حد الآن.
وبينت الصحيفة أن وزارة الداخلية ما فتئت تنشر تقارير عن تنفيذ عمليات إرهابية استهدفت القوات الأمنية. ففي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، لقي عون أمن حتفه على خلفية هجوم إرهابي باستخدام سكين، فيما أصيب آخر بجروح خطيرة.