صحيفة: الأسباب الخفية لاعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل

نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن الأسباب الخفية التي دفعت ترامب لإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، على الرغم من إجماع كل دول العالم، تقريبا، على إدانة هذا القرار.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي أعده الكاتب بيتر أكوبوف وترجمته "عربي21"، إن التحليلات التي قدمها الخبراء العالميين فيما يتعلق باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، تعد مثيرة للسخرية. ففي الواقع، تستند هذه التحليلات إلى بيانين اثنين، يتمثلان في وصف ترامب "بالمختل عقليا"، أو أنه دمية في يد إسرائيل أو لوبي يهودي في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الأثناء، تغاضى الخبراء عن جميع المبررات المنطقية التي تفسر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأضافت أن اليهود من النخبة الأمريكية، بشكل عام، يعارضون بشدة قرار ترامب. ففي الواقع، لطالما عملت جميع وسائل الإعلام التابعة لليهود الأمريكيين، ولا تزال تعمل ضد ترامب. وقد أشعل هذا القرار نار الغضب في صفوف نحو 2 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضا: قمة إسطنبول تدعو للاعتراف بدولة فلسطين والقدس عاصمة لها

وأوضحت أن قرار ترامب نابع من رغبته في تحقيق أهدافه ومخططاته التي ما فتئ يؤكد عليها طوال حملته الانتخابية. ففي الحقيقة، يتمثل هدف ترامب، الذي بات رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من أنه يناهز السبعين من عمره، الأساسي في "استعادة عظمة الولايات المتحدة"، أي تعزيز قوتها على اعتبارها دولة عظيمة نافذة في جميع أنحاء العالم.

وأفادت الصحيفة أن ترامب، ومنذ حملته الانتخابية، وعد بالتخلص من النخبة الفاسدة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تغيير السياسة الخارجية للبلاد بما يتلاءم مع مصالحها.  

وأشارت إلى أن اتهام ترامب بأنه عميل لروسيا، جاء بغية التشكيك فيه، وسعيا لمنعه من تحسين علاقاته مع الجانب الروسي، نظرا لأن بوتين كان آنذاك في حاجة إلى ترامب للعمل على إعادة هيكلة الوضع الدولي برمته. في الأثناء، كان كلاهما يعملان على تعزيز قوة دولتهما وتشكيل نظام عالمي جديد. وقد تمكن ترامب من تحقيق ذلك بشكل منفرد، من خلال اللجوء إلى لعبة كبيرة تقوم على الخداع والضغط على الخصم.

وذكرت أن ترامب يحاول وبشكل مستمر، منذ توليه السلطة، اعتماد سياسة التصعيد ودفع الأمور إلى أقصى حد. ويتجلى ذلك من خلال الملفين الكوري الشمالي والفلسطيني الإسرائيلي، حيث يوظف ترامب موضوع القنبلة الكورية الشمالية بشكل عملي لوضع بكين في موقف المذنب وإجبارها على تقديم بعض التنازلات. لكن مخططات ترامب فيما يتعلق بالملف الكوري الشمالي باءت بالفشل، حيث وصل إلى طريق مسدود، مما دفعه إلى تغيير وجهته نحو منطقة الشرق الأوسط، والمسلمين على نحو أدق.

والجدير بالذكر أن منطقة الشرق الأوسط تتخبط في حروب وصراعات منذ فترة طويلة، في ظل انهيار العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي. وتعزى مشاعر الكراهية التي يكنها المسلمون للولايات المتحدة إلى تحالف واشنطن ودعمها لإسرائيل، وغزو العراق وأفغانستان وليبيا والصومال، عن طريق طائرات من دون طيار خدمة للقيم الأمريكية. في الأثناء، ساهمت تصريحات ترامب المناهضة للهجرة، والداعية إلى منع مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول الولايات المتحدة بتعلة أنهم يمثلون تهديدا لأمنها، من تفاقم أزمة العلاقات بين العالم الإسلامي وواشنطن.

وأوضحت أن القدس تعد قضية محورية ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين، ومنطقة الشرق الأوسط، بل للعالم الإسلامي أجمع، نظرا للرموز والدلالات الدينية التي تحتضنها هذه المدينة. وفي الأثناء، وبغية إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب عالمية حقيقية، يجب في البداية إيجاد حل لوضعية القدس.

ونوهت الصحيفة إلى أن قرار ترامب الأخير بشأن القدس قد فجر الوضع، مما ساهم في تحويل أنظار العالم عن بوتين الذي تمكن من تعزيز نفوذه في الشرق الأوسط مؤخرا بشكل غير مسبوق. بناء على ذلك، لا يندرج قرار ترامب فقط ضمن المنافسة مع نظيره الروسي، بل يعكس رغبته في استعادة مكانة الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

وبينت الصحيفة أن بوتين يعد اليوم الرجل الأكثر نفوذا في العالم، وذلك بفضل الانتصارات التي حققها في سوريا، فضلا عن تطور علاقة دولته مع تركيا وإيران، والتقارب الروسي المصري، ناهيك عن التعاون في سوق النفط مع السعوديين، والعلاقات الشخصية الممتازة التي تجمعه مع  الملك الأردني عبد الله، فضلا عن العلاقة الوثيقة مع نتنياهو.

ومن المثير للاهتمام أن روسيا تحاول، في الوقت الراهن، خفض حدة المواجهة الإيرانية السعودية. وفي حال نجحت في التنسيق لعملية حوار فلسطيني إسرائيلي، سيزيد ذلك من تعزيز مكانتها في العالم الإسلامي.

اقرأ أيضا: لوفيغارو: ترامب قرب تركيا من القدس وعزز مخاوف إسرائيل

وأوردت الصحيفة أن ترامب في حاجة ماسة إلى استعادة مكانة الولايات المتحدة في العالم. من هذا المنطلق، قد تكون مسألة القدس الخيار الأنسب من أجل تحقيق ذلك. فقد أدى قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى جعله محط أنظار العالم وحديث وسائل الإعلام. في المقابل، لا يشعر البيت الأبيض حقيقة بالقلق إزاء التصريحات المعادية لترامب، حيث تؤمن واشنطن بأن الدول العربية ستعود مجددا إلى طلب المساعدة منها، والتوسط في تنظيم مفاوضات مع إسرائيل. وذلك ما يطمح إليه ترامب.

وفي الختام، شددت الصحيفة على أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لم يكن من قبيل الصدفة، حيث اتخذ الرئيس الأمريكي هذه الخطوة لتسليط الضوء من جديد على إدارته، والتذكير بالدور الحاسم الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبارها مشرفا رئيسيا على التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.