نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الوضع العام في سوريا، الذي أصبح أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، ما يستدعي التساؤل عن مستقل سوريا في ظل مشاركة العديد من القوى العسكرية العظمى في هذه الحرب.
وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21" إن العالم بأسره ينتظر معرفة مصير سوريا بعد تدخل القوى العالمية في الحرب الأهلية، الذي كان له تأثير كبير على البلاد. ومن السذاجة الاعتقاد بأن السلام قادم لا محالة إلى سوريا وأنه سيتم القضاء كليا على تنظيم الدولة في المنطقة. وفي هذا الإطار، اجتمع قادة روسيا، وتركيا وإيران في سوتشي لمناقشة مستقبل سوريا، فيما أجرت المعارضة السورية محادثات أخرى، معتبرة أن رحيل الأسد ضروري للمرور إلى المرحلة الانتقالية.
وأضافت أن سوريا تحولت إلى نموذج للتجارب السياسية لعدد من القوى الدولية، وهذه سابقة فريدة من نوعها في التاريخ الحديث. ولعل خير دليل على ذلك تواجد اثنين من القوى العسكرية العظمى في الآن نفسه على الأراضي السورية، وهي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكل منهما مهاجمه الجيوسياسي. وفي الآونة الأخيرة، قررت قوة عسكرية كبرى ثالثة الانضمام إلى اللعبة الجيوسياسية في سوريا، ما يشير إلى أن وجود قوتين فقط في سوريا لم يعد كافيا.
اقرأ أيضا: من هو عميل الموساد الذي التقى الأسد في دمشق؟ (صورة)
وأوضحت أنه تم الإعلان رسميا عن انطلاق العملية العسكرية الصينية في سوريا. ويتمثل سبب هذا التدخل الرئيسي في محاربة المواطنين الصينيين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة. وفي إطار توضيح أهدافها الحقيقية، تسعى الصين إلى منع أي تهديد من قبل أعضاء الحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، الذي يشمل الأويغور. وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الحركات الانفصالية الشعبية تمثل تهديدا حقيقيا لأمن الصين، كما أنها مسؤولة عن تنفيذ عشرات الهجمات في الصين.
وإلى جانب محاربة كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والجيش السوري إلى جانب الأكراد لتنظيم الدولة في المنطقة، قررت الصين فجأة العمل عسكريا في سوريا للهدف نفسه. وفي هذا الصدد، أوضح الخبير العسكري الأسترالي، ريتشارد فرانك، حقيقة هذا التدخل العسكري وأسبابه المباشرة ودور الغرب في دفع الصين لذلك.
وتساءلت الصحيفة عن الدوافع وراء إرسال الصين لقواتها إلى سوريا؟ على ضوء هذا السؤال، أوضح الخبير أن محاربة الإرهابيين الصينيين الذين كانوا فيما مضى أقل خطورة مما هم عليه الآن، يعتبر من بين الأسباب التي تفسر تدخل الصين في سوريا. فقد تمكنت هذه العناصر الإرهابية الصينية من الحصول على تجربة عسكرية واسعة من خلال تواجدهم في الشرق الأوسط كعناصر لتنظيم الدولة. وبناء على هذا المعطى، من الممكن أن يستمر نشاط الإرهابيين ذوي الأصول الصينية في الصين.
ووفقا لهذا الخبير العسكري، تحاول الصين حماية أراضيها بأساليبها الخاصة، كما يبدو أن الصين اختارت حل المشكلة عن طريق التدابير العسكرية. من جهتها، تحاول كل من روسيا، وأستراليا، والمملكة المتحدة وغيرها من الدول، منع عودة الإرهابيين من سوريا والعراق إلى بلدانهم الأصلية. لذلك، يبدو جليا أن الصين قد قررت السير على خطى هذه البلدان.
وأشارت الصحيفة إلى أنه كان أمام الصين العديد من الفرص للتدخل في الحرب السورية، إلا أنها فضلت عدم التدخل. وفي هذا الصدد، أكد الخبير أن لهذا التأجيل عدة مبررات سياسية. ففي حال اختارت الصين التدخل عسكريا في سوريا، في وقت سابق، كانت ستحتاج موارد أكثر بكثير مما ستحتاج إليه الآن، خاصة وأن الحرب كانت حامية الوطيس وكان من الممكن أن تكلف الصين خسائر مادية جسيمة.
وبيّن الخبير أن اتخاذ الصين لهذا القرار جاء بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بكين. في الواقع، تفهم الولايات المتحدة أنه سيكون لتدخل القوات الصينية في سوريا تأثير كبير على روسيا، نظرا لأهمية العلاقات التي تجمعها بالصين. لذلك، تعتبر مساعدة الصين للمعارضة السورية فرصة للضغط على الأسد. إضافة إلى ذلك، قد يتسبب ذلك في توتير العلاقات بين بكين وموسكو. فمما لا شك فيه، ستصبح الصين منافسة لروسيا في سوريا، وستحاول البحث عن طريق لتعزيز دورها في المنطقة والتفوق على خصومها.
اقرأ أيضا: قصف إسرائيلي جديد على سوريا والنظام يزعم تدمير صاروخين
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الصين ستعتمد على بعض القوات المحلية في سوريا، إلا أنه من غير المعروف من هي هذه القوات بالتحديد. وبطبيعة الحال سيمثل ذلك نقطة تحول بالنسبة للأسد وحليفته الأهم روسيا. ورغم العلاقات التي تجمع بين روسيا والصين، إلا أنه على بكين الالتزام بالاقتراح الأمريكي الذي يقتضي الضغط على روسيا في سوريا، نظرا لرغبة بكين في تطوير التعاون الاقتصادي مع واشنطن، وعدم استعدادها للتخلي عن هذه المشاريع التي تخدم مصالحها الاقتصادية بالأساس.
صحيفة: هكذا أجبرت موسكو المعارضة على الاعتراف بالأسد
بلومبيرغ: هل سيبقى ترامب بسوريا؟
التايمز: بوتين ينسب الانتصار على تنظيم الدولة لنفسه