كتاب عربي 21

تراجع مبيعات السيارات المصرية للعام الثالث

1300x600
تراجعت مبيعات السيارات في السوق المصرية، في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، بنسبة 38 في المئة، لتصل إلى 96 ألف سيارة، بالمقارنة بنفس الشهور من العام الماضي. وشمل التراجع سيارات الملاكي، بنسبة 37 في المئة، والحافلات بتراجع 44 في المئة، والشاحنات بتراجع 38 في المئة.

ويعد ارتفاع الأسعار السبب الرئيسي لتراجع المبيعات، حيث يمثل السعر العامل الرئيس في اتخاذ قرار الشراء.

وتوقع العاملون بمجال السيارات بلوغ مبيعات السيارات بالعام الحالي حوالي 120 ألف سيارة، مقابل 198 ألف سيارة بالعام الماضي، وبرهنوا على توقعاتهم بأن ذروة مبيعات السيارات تكون بالصيف والأعياد، مما يجعل المبيعات بالفترة المتبقية من العام عادية.

وكانت مبيعات السيارات قد بلغت 293 ألف سيارة عام 2014، نتيجة فتح الاستيراد من غير بلد المنشأ، وخفض الجمارك على السيارات فئة 1600 سي سي أو أقل، لتنخفض إلى 278 ألف سيارة في 2015، ثم استمر الاتجاه الهبوطي للمبيعات، لتصل إلى 198 ألف سيارة بالعام الماضي، في حين كانت المبيعات 261 ألف سيارة عام 2008، حين كان عدد السكان 76 مليون مقابل 95 مليون حاليا.

امتناع البنوك عن تمويل المستوردين

وتتعدد أسباب تراجع مبيعات السيارات، وإن كان أبرزها هو ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، مما أثر على قيمة السيارات المستوردة، وعلى قيمة مكونات السيارات التي يتم تجميعها محليا. وبدأ التأثير في شباط/ فبراير 2013، حين قرر البنك المركزي إعطاء أولوية لاستيراد السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة.

كما قرر في نفس الوقت وضع حد أقصى للإيداع الدولاري اليومي بعشرة آلاف دولار، وحد أقصى شهري بخمسين ألف دولار، وهو مبلغ يكاد يكفي شراء 10 سيارات، وما زال مفروضا حتى الآن، مما أدى لتراجع الكميات المستوردة، مع قيام المستوردين بشراء الدولار من السوق السوداء بسعر مرتفع.

وتلا ذلك، وضع الجمارك أسعارا استرشادية للسيارات المستوردة؛ لا تعترف بالفواتير التي يقدمها المستوردون، مما زاد من قيمة الجمارك المدفوعة. وفي 2016، كان هناك أكثر من عامل سلبي للمبيعات، كان أبرزها في شهر كانون الثاني/ يناير، بقرار البنك المركزي وضع حد أقصى لقيمة قسط قرض شراء السيارة بنسبة 35 في المئة من الدخل، مما حال دون استطاعة الكثيرين للاقتراض لشراء سيارة، حيث أن نسبة 60 في المئة من مبيعات السيارات تتم بالتقسيط مقابل 40 في المئة نقدا.

وتلا ذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 10 في المئة إلى 13 في المئة، ثم إلى 14 في المئة بعد ذلك، ثم كان تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016؛ الذي أدى لمطالبة شركات السيارات المستوردة، المقترضة للدولار بسعر صرف يقل عن تسع جنيهات لسداد قيمة القرض بنحو 18 جنيها للدولار.

وواكب تحرير سعر الصرف؛ رفع سعر الفائدة بالبنوك ثلاث مرات، لتصل نسبة الزيادة إلى 7 في المئة، وهو ما رفع تكلفة الاقتراض لشراء سيارة بالتقسيط لأكثر من 20 في المئة. وهكذا أصبح المقترض لشراء سيارة على خمس سنوات؛ مطالبا بدفع القيمة مضاعفة، وواكب ذلك أيضا ارتفاع رسوم التأمين على السيارات.

تأثر محدود للسيارات الفارهة

والنتيجة، أن أسعار السيارات قد تجاوزت الضعف. فسيارة ماليزية شعبية-  على سبيل - المثال كان سعرها حوالي 100 ألف جنيه، أصبح سعرها يزيد عن 260 ألف جنيه، كما أدى نقص الاستيراد لوجود قائمة انتظار لبعض الماركات، مما دفع الموزعين لإضافة هامش على السعر المعلن نظير سرعة توفير الموديل المطلوب.

والنتيجة، كساد للمبيعات، وتراجع اختيارى للمستوردين عن الاستيراد، خاصة للسيارات الاقتصادية الأكثر انتشارا، بينما كان تأثر مبيعات السيارات الفارهة أقل حدة.

وارتبطت مبيعات السيارات بموجة الغلاء التي عمت مصر قبل وبعد تعويم الجنيه، والتي زادت خلالها أسعار الطعام والشراب والخدمات والوقود والكهرباء، ما زاد من تكلفة التشغيل للسيارة، مما أدى بكثيرين ممن كانوا ينوون استبدال سياراتهم؛ لتأجيل قرار الشراء، وتوسعت كثير من شركات بيع السيارات في مجال استبدال السيارات المستعملة بأخرى جديدة، إلا أن الغالبية آثرت الاحتفاظ بسياراتها القديمة. كما اتجه كثيرون لشراء سيارات مستعملة، بسبب ارتفاع سعر الجديدة، مما رفع أسعار السيارات المستعملة بشكل كبير.

واتجه كثيرون لاستخدام وسائل النقل "الذكي التشاركي"، والتي زادت معدلاتها وتكونت بها عدة شركات جديدة؛ اتجه بعضها للنقل الجماعي.

ويأمل العاملون بمجال السيارات بتحسن المبيعات بالنصف الثاني من العام القادم، ورهنوا ذلك التحسن باستمرار استقرار سعر العملة وتراجعها، وتراجع أسعار الفائدة في البنوك لتنشيط عمليات الشراء بالتقسيط، وتمويل البنوك كامل الصفقات الاستيرادية للسيارات، وتراجع نسبة التضخم بالأسواق، وتطبيق استراتيجية صناعة السيارات التي تتحدث عنها الحكومة مند أربع سنوات ولم تر النور بعد.