سياسة عربية

لماذا تستمر الحرب اليمنية في شبه الجزيرة العربية؟

مليشيات الحوثيين اليمن ـ أ ف ب
نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على وضع اليمن، الذي يعتبر من أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى تفاقم الانقسامات الداخلية التي زادت من تدهور اقتصاده.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اليمن يشهد فرقة بين شماله (التركي) وجنوبه (الإنجليزي) منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية سنة 1919، أصبح الجزء الشمالي من اليمن مملكة مستقلة، بينما ظل الجنوب مستعمرة إنجليزية.
 
وأكدت الصحيفة أنه بتاريخ أيلول/ سبتمبر سنة 1962، وقع انقلاب عسكري في شمال اليمن أدى للإطاحة بالنظام الملكي وإعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية. لقد كان لتغيير نظام الحكم في اليمن أثر إيجابي، خاصة مع تطبيق العديد من الإصلاحات. ولكن، ساهم أنصار الملك المخلوع، بدعم من السعودية والأردن وبريطانيا، في تأجيج نار الحرب الأهلية في البلاد.
 
وخلال تلك الفترة، لم يتردد جمال عبد الناصر عن المشاركة في هذه الحرب إلى جانب اليمن. والمثير للاهتمام أن موسكو قدمت دعما لا بأس به إلى الجيش الجمهوري اليمني إلى جانب مصر.
 
وأفادت الصحيفة بأنه سنة 1967، وقعت أحداث أثرت على مسار الحرب الأهلية في اليمن. فجراء الهزيمة التي لحقت مصر في حرب الأيام الستة ضد إسرائيل، ضعفت قدرتها على دعم الجمهوريين في اليمن. وفي شهر تموز/ يوليو من سنة 1967، اضطر البريطانيون إلى مغادرة جنوب اليمن. وعلى إثر ذلك، أعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عن توجهاتها الاشتراكية. أما في شهر آب/ أغسطس، فقد اتفقت كل من القاهرة والرياض على الانسحاب من الحرب الأهلية اليمنية.
 
وذكرت الصحيفة أنه سنة 1994 شهد اليمن حربا أهلية جديدة، كانت أسبابها المباشرة غامضة نوعا ما. وقد بدأ الطرفان المتنازعان؛ وهما الحكومة اليمنية (في الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (في الجنوب)، في التأهب للحرب، التي اندلعت في شهر أيار/ مايو. وبناء على ذلك، شهد اليمن معارك شرسة للغاية، حيث كان عامل التفوق العددي للشمال حاسما في هذه الحرب. وفي الثامن من تموز/ يوليو، سقطت عدن وانتهت الحرب بحلول منتصف تموز/ يوليو، بينما توجه ما بقي من قوات الجنوب إلى سلطنة عمان.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنه في كانون الأول/ ديسمبر من سنة 1995، واجه اليمن صراعا قصيرا مع إريتريا، التي انفصلت قبل ذلك بسنتين عن أثيوبيا، وقررت الاستيلاء على جزر حنيش في البحر الأحمر. وفي هذا الشأن، انتهت الحرب بإعلان لجنة التحكيم الدائمة عن أن جزر حنيش تعود ملكيتها إلى اليمن.
 
وأوضحت الصحيفة أن اليمن تحول تدريجيا إلى حليف مهم للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. وخلال تلك الفترة، تمكن تنظيم القاعدة من اتخاذ جنوب اليمن معقلا له. ويذكر أن التشرذم الداخلي المستمر في البلاد والفقر المدقع، الذي يعانيه عدد من سكان اليمن ساهم في تغلغل الإرهاب. وفي تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2000، تم تفجير المدمرة الأمريكية "كول" التي ترسو على ميناء اليمن، ما أدى إلى مقتل 17 بحارا.
وأكدت الصحيفة أن الوضع في البلاد تدهور بسرعة سنة 2004، إذ زعم الحوثيون حصولهم على الحكم الذاتي شمال البلاد. وفي أيلول/ سبتمبر سنة 2009، اندلعت حرب مفتوحة بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين. وحاربت السعودية إلى جانب الحكومة اليمنية، إلى أن وقّع الطرفان هدنة في شباط/ فبراير سنة 2010، إلا أن ذلك لم يدم طويلا.
 
أما في كانون الثاني/ يناير، أعلن عبد الله صالح رسميا، الحرب على تنظيم القاعدة. 

في الواقع، يكره الجنوبيون والحوثيون والقاعدة بعضهم بعضا إلا أنهم يجتمعون في عدائهم لحكومة علي عبد الله صالح.
 
وأوردت الصحيفة أنه سنة 2011، وجد اليمن نفسه في خضم أحداث الربيع العربي، فبدأت الاحتجاجات الأولى المناهضة للحكومة في كانون الثاني/ يناير، وبعد ذلك انطلق شوط جديد من الحرب الأهلية، ولكن هذه المرة بين القبائل ومختلف الجهات على أساس علاقاتهم بالرئيس عبد الله صالح. وبناء على ذلك، قاتلت كتائب القوات المسلحة اليمنية بعضها البعض. كما كان ذلك لصالح تنظيم القاعدة الذي سرعان ما فرض سيطرته على عدة مناطق في الدولة.
 
وبحلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، حاول عدد من الوسطاء الدوليين الضغط على عبد الله صالح وإقناعه بالاستقالة وتسليم السلطة إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي أنتخب سنة 2012، وحصل على 98 بالمائة من الأصوات.  
 
وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه نظرا لأن الديمقراطية لا تناسب الجميع، فإن استئناف الحرب كان حتميا. وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله صالح عثر على لغة مشتركة مع بعض الخصوم السابقين. ومن هذا المنطلق، لسائل أن يسأل: هل تحول اليمن إلى سوريا جديدة، خاصة مع مستقبله الضبابي وفي ظل تضارب وجهات النظر بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة في البلاد؟ ولعل هذا ما يدفع إلى القول بأن نهاية هذه الحرب غير مؤكدة.