ملفات وتقارير

لماذا فقدت مصر الأمل في استعادة السياحة بشرم الشيخ؟

ترفض بريطانيا وروسيا رفع الحظر على رحلات الطيران إلى شرم الشيخ- جيتي

أعلنت الحكومة المصرية، في بيان لها السبت الماضي، أنها انتهت من المرحلة الأولى لتأمين المطارات بتكلفة بلغت 30 مليون دولار، والبدء في المرحلة الثانية بتكلفة 43 مليون دولار.
 
جاء هذا البيان كمحاولة لإقناع العالم باستعادة الرحلات الجوية إلى  شرم الشيخ، بعد يومين من نشر صحيفة "تلغراف" البريطانية تقريرا قالت فيه إن مصر فقدت الأمل في استعادة الحركة السياحية بهذا المنتجع في المستقبل القريب بسبب تداعيات تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015. 
 
وأضافت الصحيفة، أن معاناة شرم الشيخ ستتواصل بسبب الحظر الذي تفرضه دول غربية على رأسها روسيا وبريطانيا على رحلاتها السياحية لمطار المدينة، مشيرة إلى أن مصر تحاول تسليط الضوء على وجهات السياحية بديلة مثل الغردقة ومرسى علم.
 
وترفض بريطانيا وروسيا رفع الحظر على رحلات الطيران إلى شرم الشيخ بعد أن تسبب قصور في إجراءات التأمين إلى تفجير الطائرة الروسية التي أقلعت من مطار المدينة، بحسب مراقبين.
 
"تسويق متطور"


لكن وزير السياحة المصري محمد يحيى راشد نفى في تصريحات صحفية أن تكون الأضواء قد أُطفئت في شرم الشيخ، موضحا أن الحكومة تتبع استراتيجية تسويق متطورة تشمل ترويج الوجهات السياحية المتنوعة التي تتمتع بها البلاد.
 
وتعاني السياحة المصرية من تدهور هائل في عائداتها على الرغم من مرور أكثر من عامين على حادث تفجير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، والذي زاد من متاعب السياحة المصرية التي تراجعت بشدة منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، حيث كانت قد سجلت عام 2010 البالغة 14.7 مليون سائح، فيما بلغ عدد السياح الوافدين لمصر في الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى أيلول/ سبتمبر من العام الجاري نحو 5.9 ملايين سائح  فقط، وفقا لبيانات وزارة السياحة المصرية.
 
ويقدر مسؤولون مصريون حجم الخسائر في قطاع السياحة منذ حادث الطائرة الروسية بنحو 15 مليارات دولار من العوائد المفقودة بعد أن اضطرت عشرات الفنادق إلى الإغلاق وتسريح آلاف العمال.
 
فشل أمني


المحلل السياسي عبد الخبير عطية قال إن الأوضاع الحالية في مصر، وخاصة من الناحية الأمنية تعطي انطباعا للغرب بأنه لا يوجد استقرار أو أمان في البلاد، ولذلك ما زال العالم تراوده الشكوك حول فكرة عودة السياحة لمصر مرة أخرى، وخاصة بالنسبة لدول مثل روسيا أو بريطانيا التي تمثل نسبة كبيرة من السياحة المصرية.
 
وأضاف عطية، في تصريحات لـ"عربي21"، أن السبب الرئيسي في فقدان الأمل في عودة السياحة قريبا إلى سابق عهدها هو استمرار العمليات الإرهابية في سيناء والصحراء الغربية بل وداخل القاهرة في بعض الأحيان، مشيرا إلى أنه كلما كانت هناك عمليات إرهابية واستهداف للجيش والشرطة كلما زاد القلق في الغرب وكلما ترسخت في أذهانهم أن الأوضاع في مصر ما زالت غير مستقرة.
 
وأكد المحلل السياسي أن عودة السياحة إلى معدلاتها السابقة قبل ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 ليس بتأمين المطارات فقط، بل بتتحسين الأوضاع العامة في البلاد مثل الاهتمام بالبنية الأساسية وتدريب الكوادر البشرية وتطوير المرافق والطرق للتقليل من حوادث السير المتكررة، لافتا إلى أن الواقع أثبت حتى الآن أن الدولة فشلت في تأمين البلاد بشكل جيد وضحايا هذا التقصير الأمني والعمليات الإرهابية لم يعد يقتصر فقط على أفراد الشرطة والجيش، بل يمتد أيضا ليصيب المدنيين من المصريين والأجانب.
 
أخطاء كارثية


عضو غرفة المرشدين السياحيين معتز السيد اتهم القائمين على إدارة الملف السياحي في مصر وخاصة المسئولين بوزارة السياحة بأنهم لا يهتمون بعودة السياح الأجانب إلى البلاد بقدر اهتمامهم بتشغيل مشاريعهم وفنادقهم الخاصة.
 
وأوضح السيد، في تصريحات لـ"عربي21"، أن هؤلاء المسؤولين أصبحوا يركزون في السنوات الأخيرة على إقامة المؤتمرات الدولية وتنظيمها ارضاءً للنظام، أكثر من توفير الرعاية والخدمات الكاملة للسياح، محذرا من خطورة هذه السياسة على المدى البعيد.
 
وأضاف أن عودة السياحة لمصر لا ترتبط فقط بأعمال وزارة السياحة بل تعتمد أيضا على الأوضاع السياسية والأمنية التي تمر بها الدولة، مشيرا إلى أنه بعيدا عن السياسة والحوادث الإرهابية فإن هناك إدارة خاطئة للملف السياحي.
 
وأوضح أن الشركات المصرية ارتكبت عدة أخطاء كارثية في مجال السياحة، من بينها تسريح عدد كبير من الكوادر البشرية المدربة بعد حالة الركود التي حدثت لهذا القطاع في أعقاب حادث تحطم الطائرة الروسية، بالإضافة إلى تمسك تلك الشركات بتقديم عروض ترويجية وأسعار مبالغ فيها مقارنة بباقي الدول السياحية في المنطقة ما جعل كثير من السياح يفضلون دولا مثل تركيا أو المغرب أو إسرائيل لأنها أرخص كثيرا من مصر.
 
وأكد معتز السيد على أن الطريقة الوحيدة لإنعاش السياحة المصرية هو إعادة الاستقرار السياسي للبلاد واتخاذ إجراءات أمنية مكثفة ضد الجماعات الاٍرهابية حتى يشعر السائح بالأمان والاستقرار.