ملفات وتقارير

مهدي عاكف بعيون معارضيه

مواقع التواصل ضجت بكلمات الرثاء والثناء والمديح لمهدي عاكف- جيتي
"نحسبه عاش عمره مجاهدا عاكفا وصابرا على نصرة دينه ووطنه ولم يعط الدنية في دينه ولم يخضع طول حياته لطاغية، فقد كان قائدا ومثلا في نصرة الحق وإعلاء دين الله ومناهضة الباطل".
 
كانت تلك الكلمات لزوجة الرئيس محمد مرسي السيدة نجلاء محمود في رثاء مرشد جماعة الإخوان السابق، مهدي عاكف عقب وفاته الجمعة.
 
وامتلأت مواقع التواصل بكلمات الرثاء والثناء والمديح من أنصار الإخوان، ولكن "عربي21" ترصد آراء بعض من خالفوا عاكف فكريا وانتقدوه وعارضوا سياسة الإخوان لما كان مرشدا للجماعة (2004-2010)، والذين اختلفت آراؤهم حوله بين منتقد له ومشفق عليه ومطالب بتكريمه.

مصير الجماعة

القيادي الناصري ورئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أكد أنه بوفاة عاكف بمستشفى القصر العيني ينسدل الستار في جماعة الإخوان على جيل الرواد والمؤسسين، ويعتبر عاكف آخر من عاش مع مؤسس الجماعة وجيل الرواد.
 
وفي وصفه لعاكف، قال الشهابي في تصريح لـ"عربي21": "تاريخه هو تاريخ الإخوان؛ فلقد عاش كل معارك الجماعة قبل ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، وبعدها، ودخل السجن أكثر من مرة، وكان عضوا بارزا بالتنظيم الخاص وتعامل مع كل المرشدين السابقين، وكان عضوا بمكتب الإرشاد حتى وصل لمنصب المرشد العام بعد مأمون الهضيبي".
 
 وأضاف الشهابي: "ولقد أدخل عاكف أول تغيير كبير على نظام الجماعة بتنازله عن منصب المرشد العام ليحقق مبدأ تداول السلطة لأول مرة بتاريخ الجماعة ويكسر بذلك مبدأ أن يظل المرشد بعد انتخابه حتى تأتيه المنية؛ وتحقق ذلك أن توفي وهو يحمل لقب المرشد السابق".
 
وأوضح أنه في "عهد عاكف، انتشرت الجماعة بالمناطق الشعبية والعشوائية المنسية والأماكن الحضارية؛ وأعتقد أنه لو استمر مرشدا لكان مصير الجماعة غير الذي تعيشه الآن، لأنه صاحب خبرة كبيرة تراكمت على مر العقود لتشكل ذخيرة له كانت ستمكنه من إدارة أمور الجماعة بغير الطريقة التي أدت لتقويضها وتقويض نفوذها بمصر".
 
قبل ميلاد السيسي

نائب رئيس حزب غد الثورة، منذر عليوة، دعا إلى ضرورة "التعامل مع مهدي عاكف، على أنه مصري ناضل ضد الاحتلال البريطاني لمصر، وشارك في تدريب وتسليح المجاهدين في حرب فلسطين عام 1948"، موضحا أن "نضال عاكف بدأ قبل ميلاد السيسي نفسه".
 
وفي حديثه لـ"عربي21"، استنكر عليوة ما حدث لعاكف الذي قضى ثلث عمره بالسجون رغم قيام ثورة حريات في مصر، مطالبا بوقفة حتى لا يتكرر الأمر مع باقي كبار السن بالسجون، داعيا محبي عاكف إلى وقف البكائيات على الرجل ومواجهة الواقع بالحقائق.
 
وأكد الإعلامي بقناة "الشرق" المعارضة من اسطنبول، أن "هذا الرجل أبدا لم يكن يستحق تلك الميتة في مجتمع ودولة كان لابد له أن يفتخر أبناؤه بعاكف ويكرم وتصنع له التماثيل أو أن يطلق اسمه على أحد الشوارع والميادين كغيره من الوطنيين والعسكريين لا أن يقتل بالسجن بهذه الطريقة التي لا تختلف عن التصفية الجسدية التي تمارس بحق المصريين".

ووصف عليوة وفاة عاكف بأنها "قتل خارج إطار القانون برضى وتدبير وعلم نظام السيسي"، محملا السيسي نفسه ومن وراءه المسؤولية عن أرواح هؤلاء، موضحا أن "قتل عاكف بالإهمال الطبي والمكايدة السياسية يدق ناقوس خطر على باقي المسجونيين"، مطالبا بتحرك حقوقي ومن المعارضة لتعريف المجتمع الدولي بجرائم النظام.
 
خالف الإخوان

أما الكاتب الصحفي خالد الأصور، فقال إن "الأستاذ عاكف عمره من عمر جماعة الإخوان فقد ولد مع نشأتها عام 1928".

وحول تقييم فترة رئاستة للجماعة أكد الأصور لـ"عربي21"، أنه "على عكس كافة مرشدي الجماعة لم تطل رئاسته لها سوى 6 سنوات، حيث أصر عاكف على الاكتفاء بفترة واحدة وهو سلوك مقدر ومحترم لاسيما أنه غير مألوف سواء في جماعة الإخوان أو في غيرها من الأحزاب السياسية أو على مستوى السلطة فهو الوحيد الذي يحمل صفة المرشد السابق".
 
وأوضح الأصور، أنه "وربما لكونه طاعنا في السن فقد كانت ملفات الجماعة بشكل عملي في يد صهره محمود عزت، (القائم بأعمال المرشد حاليا) ومعه خيرت الشاطر (نائب المرشد والمحبوس بسجون الانقلاب)".

وأضاف: "الرجل كأي شخصية عامة له وعليه؛ أما ما عليه فهو كشأن الغالبية الساحقة إن لم يكن جميعهم ليسوا مسيسين ولديهم ضعف شديد في آليات التعامل والتواصل السياسي والمواءمات وتقدير المناخ السياسي محليا وإقليميا ودوليا وقراءته قراءة صحيحة".
 
وذكّر الأصور ببعض مواقف عاكف غير الموفقة، وقال: "كما كان لسلفه مصطفى مشهور تصريحه الساذج غير المسؤول حول عدم دخول الأقباط الجيش والذي انتزعه منه الصحفي حمدي رزق؛ كذلك كان لعاكف تصريحات ساذجة مشابهة كتصريحه الشهير (طز في مصر.. وأبو مصر .. واللي في مصر).
 
وحول مواقفه التي خالف فيها الاتجاه العام للجماعة ذكر الأصور "موقفه المرن تجاه حزب الوسط المنشق عن الإخوان، وتأييده كتابة (الدستور أولا) بعد ثور يناير 2011، قبل أي انتخابات رئاسية أو برلمانية"، مشيرا إلى "ما نقل عن دعائه بألا يفوز إسلامي برئاسة مصر، وربما ذلك يتسق مع تأييده لعدم ترشح الإخوان للرئاسة كما صرح لصحيفة (المصري اليوم)، واعترافه في حزيران/يونيو 2012 لقناة (العربية) بأن الإخوان ارتكبوا أخطاء انعكست سلبا على شعبيتهم".
 
رفض أن يكتب استرحام

وقال الكاتب اليساري محمد منير، لـ"عربي21"، إن ما حدث لعاكف في سجون النظام يعد نموذجا لانهيار حقوق الإنسان في مصر، مؤكدا أنه رغم الخلاف السياسي بينه وبين تيار الإخوان إلا أن "الجرائم الإنسانية تتجاوز كل التبريرات والمبررات السياسية".
 
ووصف منير، الراحل عاكف، عبر صفحته على موقع "فيسبوك" بـ"المناضل الصلب الذي رفض أن يكتب استرحاما وهو يُعذب من المرض وراء القضبان، والذي قتله الإهمال والقمع"، معتبرا أن ما حدث لهذا الشيخ المسن جريمة ضد الإنسانية.
 
وعبر صفحته بـ"فيسبوك" أكد الناشط السياسي والخبير الهندسي ممدوح حمزة، أن حرمان عاكف كمسجون من العلاج يعد جريمة قتل عمد.
 
وقال: "رفضت حكم الإخوان وفكرهم، ورفضت مهدي عاكف عندما كان مرشدا للإخوان، ورفضت قوله (طز في مصر)، ورفضت سجنه بلا تهمة تقريبا بعدما تجاوز التسعين، ورفضت عدم حصوله على الرعاية الصحية اللازمة، وأرفض نظاما يحرم المسجون من العلاج حتى الموت".