سياسة عربية

كيف تفاعل ساسة تونس مع المصادقة على قانون المصالحة؟

أ ف ب
تضاربت آراء السياسيين ومواقفهم إزاء تمرير البرلمان التونسي قانون المصالحة الإدارية المثير للجدل، الذي اقترحه الرئيس الباجي قايد السبسي، بعد جلسة صاخبة شهدت ملاسنات ساخنة بين النوّاب.

ويتيح القانون ببنوده الثمانية، الذي تمّت المصادقة عليه، الأربعاء، لحوالي 1500 موظف في الدولة وأشباههم، التمتع بالعفو في قضايا حصلت بين يوليو 1955 ويناير 2011، وتتعلّق بـ"الفساد المالي؛ جرّاء تنفيذ تعليمات سلطة العهد البائد".

واعتبر الوزير السابق في حكومة الترويكا، محمد عبو (التيّار الديمقراطي)، أنّ جزءا من مجلس النواب "مورطون في تلقي الرشاوى؛ لتمرير قوانين، وخدمة مصالح الفاسدين، بينما لم ينظر قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي بعد في القضية المتعلقة بهم"، وفق تعبيره.

وتابع بمنشور في فيسبوك: "مجلس أغلبيته من أحزاب مارست الابتزاز، وتلقت التمويل من الخارج، واشترت أصوات الناخبين بمساعدات قدمت للمهمشين لاختيار من يتسبب في تهميشهم".

سيسقط بالمحكمة

وعلّق الناشط السياسي ياسين العيّاري في "فيسبوك": "سيسقط بالمحكمة الإدارية لعدم احترام الإجراءات.. سيسقط بالمجلس الأعلى للقضاء لعدم دستوريته.. أما هؤلاء.. فقد سقطوا للأبد".


بينما كتب أستاذ القانون الدستوري والمحلّل السياسي، جوهر بن مبارك: "القانون ما زالت حلقاته طويلة، ولن يمرّ في النهاية، رغم التصويت عليه اليوم.. فالطعن فيه جاهز؛ لعدم الدستورية".

واعتبر بمنشور في "فيسبوك" أنّ النهضويين الذين صوّتوا لفائدة تمرير قانون المصالحة "سيكونون أول ضحاياه".

وكتب الإعلامي المقيم في قطر، محمد عمّار، في "فيسبوك": "عندما يتم التسامح مع نوّاب مجلس تلاحقهم تهم فساد موثّقة، وهم معروفون لدى الجميع، عادي أن تسمع أصواتهم تتعالى اليوم لتمرير قانون المصالح.. نوائب الهانة".

تبييض الفساد

ونشر الكاتب والمحلل السياسي شكري بن عيسى مقالا بموقع "باب نات" اتهم فيه "النهضة" و"النداء" و"مشروع تونس" بقيادة "انقلاب هو الأخطر في تاريخ البلاد".

وأشار إلى أنّ "الانقلاب" تجسّد في "المرور بقوة، ومحاولة المصادقة على مشروع قانون المصالحة، دون تلقي الرأي الاستشاري الوجوبي للمجلس الأعلى للقضاء".

واعتبر الناشط السياسي، شكري الجلاصي، أنّ حركة النهضة "أصبحت جزءا من منظومة الفساد، وفي خانة أعداء الشعب والثورة، بتصويتها اليوم على قانون تبييض الفساد".


بينما نشرت منظمة "أنا يقظ"، المهتمة بقضايا الفساد في تونس، نتائج التصويت، معلّقة عليها: "مجلس النواب اختار تقنين الفساد.. #مانيش_مسامح.. #ما_يتعداش (لن يمرّ)".

سياسة النهضة

وفي سياق متصل، "دافع" الإعلامي والباحث سامي براهم عن "النهضة"، لافتا بمنشور في "فيسبوك" إلى أنّه يختلف معها في قائمة طويلة من المسائل النظريّة والعمليّة.

واستدرك بقوله: "المعطيات الدولية والإقليميّة التي تستهدف الربيع العربي برمّته.. أنّ سياسة النهضة قائمة على التخفيف بأقصى قدر ممكن من تبعات هذا الوضع، ومحاولة كبح جماحه، وفرملة نسقه المتسارع".



وتابع: "هو سلوك سياسي يسمح به وضعها (النهضة)، في ظلّ موقعها، بين معارضة تشيطنها، وشريك حكم يبتزّها، ووضع إقليمي ودولي متربّص بها".

عنف في البرلمان

واعتبر الخبير الاقتصادي، معز الجودي، أنّ قانون المصالحة الاقتصادية في جزئه الإداري لا بد من تمريره لمصلحة تونس، معتبرا، بمنشور في "فيسبوك"، أنّ رئيس الجمهورية "حرّ في مبادراته التشريعية، والعدالة الانتقالية ليست حكرا على أيّ طرف". 

وانتقدت مديرة المكتبة الوطنية الأكاديمية، رجاء بن سلامة، ما حدث خلال جلسة مناقشة قانون المصالحة، معبّرة بمنشور في "فيسبوك" عن أسفها لرؤية "هذا النّوع من العنف في البرلمان".


وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، النائب عماد الخميري: "يمكن أن نعترض على قوانين، ولكن الاعتراض يكون بوسائل ديمقراطية، لا بتعطل مؤسسات الشعب التي اختارها في انتخابات حرة".

رسالة إلى العالم

وتابع بمداخلته تحت قبة البرلمان: "الثورة التونسية رحيمة منذ لحظتها.. النهضة تدعو إلى مصالحة وطنية شاملة، منذ كنّا في السجون والمعتقلات تحت نيران العهد البائد طالبنا بمصالحة شاملة..".

وخلص إلى القول: "نحن مع الثورة، لكننا متسامحون؛ لذلك صوتنا لصالح تمرير قانون المصالحة".

بينما قالت حركة نداء تونس إن المصادقة على قانون المصالحة هو "رسالة إلى العالم عن إبداع واستثنائية النموذج التونسي في الذهاب بالانتقال الديمقراطي نحو مربع المصالحة والوئام الوطني، بعيدا عن منطق العنف والاقتتال والفوضى" .

من جانبه، قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سمير، إن "المصالحة يجب أن تتم من خلال آليات متعارف عليها دوليا".

وأضاف في تصريح لقناة "نسمة" الخاصة، الأربعاء، أن رؤية الاتحاد لمسار العدالة الانتقالية بينت أن الظرفية غير سانحة لإحداث نقلة للتوصل إلى توافق.