تحت عنوان "الإبداع من أجل السلام" اختتمت منظمة بذور السلام (منظمة يهودية أمريكية) مخيما صيفيا في مدينة "سانتا فيه" في الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة نحو 20 شابا وفتاة فلسطينية ينحدرون من الضفة الغربية وقطاع غزة، ومثلهم من الجانب الإسرائيلي في خطوة أثارت غضب الشارع الفلسطيني الذي اعتبر ذلك جهود إسرائيلية لتطبيع ثقافي محتمل من بوابة العمل الإنساني.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشادت بالجهود الكبيرة لوزارة الخارجية الإسرائيلية بنجاحها في تنظيم هذا المخيم الذي يهدف بحسب القائمين عليه إلى "جسر الفجوة العاطفية التي أوجدها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وتعتبر مخيمات بذور السلام كرنفالا سنويا تشرف عليه منظمة " بذور السلام" من العام 1999، ويقوم على فكرة عقد مخيم صيفي في الولايات المتحدة الأمريكية يتسمر لنحو ثلاثة أسابيع يتخلله عقد مجموعة من الأنشطة الرياضية والثقافية لفتيات وشباب عرب ويهود يتراوح أعمارهم من (15- 17 عاما) يقومون خلالها بنشاطات متنوعة منها التسوق والذهاب إلى السينما، وتقاسم المهام المنزلية، والنوم في غرف مشتركة ومشاركة ورشات فنية علاجية.
وكانت أول مشاركة فلسطينية في هذه المخيمات في العام 1996، واستمرت المشاركة فيه بشكل دوري دون توقف حتى هذا العام، فيما وقد وصل عدد المشاركين الفلسطينيين في هذا المخيم منذ المشاركة الأولى وحتى هذا العام لنحو 200 شاب وفتاة تركز أغلبهم من مناطق الضفة الغربية.
التحذير من التطبيع
من جانبه أشار المتحدث باسم الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (بي دي أس)، أدهم أبو سلمية، أن "حركة البي دي أس موقفها واضح من البداية برفض أي محاولة لتطبيع ثقافي أو سياسي أو اقتصادي مع الجانب الإسرائيلي وأن عقد مثل هذه المخيمات هي محاولة صهيونية يائسة لتجميل صورتها أمام الرأي العام العربي والإسلامي بأنها دولة تحترم التعايش السلمي مع الشعوب وهي بالحقيقة دولة تنتهك الأرض وتسلب حقوق الفلسطينيين التي يقرها القانون الدولي الإنساني".
وأضاف أبو سلمية في حديث لـ"
عربي21" أن "جهود حثيثة تبذلها حركة "البي دي أس" لوقف عقد هذه المخيمات من أبرزها تنظيم احتجاجات شعبية في المدن الأمريكية ورفع دعاوي قضائية على المنظمات التي تمول منظمة "بذور السلام".
وذكرت صحيفة معاريف العبرية أن المخيم الذي عقد هذا العام هو الأكبر منذ تأسيس منظمة بذور السلام حيث وصل عدد المشاركين فيه إلى نحو 350 شابا وفتاة تركز معظمهم من الدول المجاورة لإسرائيل كالأردن وسوريا ولبنان ومصر إضافة للعراق وتونس والمغرب ودول إقليمية أخرى كالباكستان أفغانستان.
ويتم اختيار المنتسبين لهذا المخيم من خلال مراسلات رسمية تتم بين منظمة بذور السلام ووزارة الخارجية في الدول المعنية، وبعد ذلك يتم ترشيح مجموعة من الأسماء ضمن شروط ومواصفات تحددها المنظمة أبرزها إجادة اللغة الإنجليزية وتمتع الطالب بالذكاء وأن يكون متقبلا لمبدأ التعايش مع الغير ولا يحمل أفكارا متطرفة، ليخرج في نهاية المخيم رسولا للسلام بحسب تصريحات القائمين على هذا المخيم.
تقوم الفكرة الرئيسية لهذا المخيم على شعار أساسي "إذا تمكن كل مشارك بعد عودته من المخيم بتغيير الطريقة التي ترى فيه عائلته الأمور، عندها سيتمكن من تغيير المجتمع.. خطوات صغيرة، ولكنها يمكن أن تقود إلى خطوة عملاقة".
مخيمات للتطبيع
بدوره قال الناشط الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، فادي السلامي، وهو ممن شاركوا بمخيمات بذور السلام في دورة 1999، أن هذه "المخيمات أضحت مسرحا للتطبيع في السنوات الأخيرة خصوصا بعد دخول منظمات صهيونية تمول وتدعم هذه المخيمات، وتحاول من خلالها ترسيخ مفاهيم التعايش السلمي مع اليهود، دون النظر لما فعله
الاحتلال الإسرائيلي مع الفلسطينيين واحتلالهم للأرض وطرد مواطنيها الأصليين منها".
وأوضح السلامين في حديث لـ"
عربي21" أن "قيادات
السلطة الفلسطينية تدعم مثل هذه اللقاءات مع الشباب الإسرائيلي في الخارج بعيدا عن وسائل الإعلام حتى لا يتسبب ذلك في غضب شعبي لمثل هذه اللقاءات".
ونوه السلامين أن "أحفاد الرئيس
عباس وقيادات مرموقة في السلطة الفلسطينية شاركوا في هذه اللقاءات مع الشباب الإسرائيلي، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه".
اقرأ أيضا: بنات عريقات وأحفاد عباس مع إسرائيليين في مخيمات تطبيع
أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية، محمود مرداوي، فقال أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتباهي بنجاح هذه المخيمات وتعتبر ذلك بمثابة نجاحا سياسيا ودبلوماسيا لكسر حالة الحصار التي تمارسه المنظمات المناهضة للصهيونية كحركة "البي دي أس".
وأضاف مرداوي لـ"
عربي21" أن هنالك توجه إسرائيلي لتشجيع هذه اللقاءات والمخيمات الشبابية، منوها إلى أنه يجري العمل لعقد مخيمات مشابهة داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية، خصوصا أن الشعوب في المنطقة باتت تتقبل عقد هذه اللقاءات، وهذا أمر يستدعي الوقوف لوقف هذه المخيمات فورا.