في زيارة نادرة للعاهل الأردني للقاء رئيس السلطة
الفلسطينية في رام الله، والتي تأتي في أجواء من التوتر "الإعلامي" مع الاحتلال
الإسرائيلي، حرص
الملك عبد الله الثاني على نقل العديد من الرسائل للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
جهود مكثفة
وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لرئيس السلطة محمود عباس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "ملتزم بالعمل على تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، ونادى ملك الأردن إلى "تعزيز المبادرات للمفاوضات الجديدة، وذلك على ما يبدو بهدف توصيل رسالة إلى إسرائيل"، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وفي زيارة هي الأولى للعاهل الأردني منذ عام 2012، والتي تأتي عقب توتر يسود العلاقات بين الأردن و"إسرائيل" حول أزمة المسجد الأقصى الأخيرة، وجريمة قتل مواطنين أردنيين الشهر الماضي، على يد حارس إسرائيلي في السفارة الإسرائيلية بعمان، شدد عبد الله الثاني خلال اللقاء الذي جرى أمس في رام الله واستمر نحو ساعتين، على "أهمية تكثيف الجهود لإيجاد آفاق سياسية حقيقية للتقدم نحو حل الصراع".
ورأى الموقع الإسرائيلي، أن عدم لقاء ملك الأردن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الزيارة، "هو جزء من الإجراءات الدبلوماسية التي تهدف للتعبير عن استياء عمان من تل أبيب".
وعقب عودة وفد السفارة الإسرائيلية في عمان إلى "تل أبيب"، لقي الحارس قاتل الأردنيين ترحيبا لافتا من نتنياهو، وهو ما دفع الملك عبد الله للتعبير عن غضبه والتأكيد على أن هذا الموقف "سيكون له عواقب دبلوماسية"، واصفا تصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "تصرف غير مقبول ومستفز".
وعقب تولى ترامب مهام منصبه، أظهرت قيادة السلطة تفاؤلا تجاه مبادرته لإحياء مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المجمدة منذ 2014، لكن في الفترة الأخيرة، انتقد مسؤولون فلسطينيون تعامل واشنطن مع الاعتداءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، مع استمرار الاستيطان وعدم دعم ترامب لحل الدولتين.
مستقبل القضية
وأكد صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين، الذي انتقد الإدارة الأمريكية لسماحها لإسرائيل بالاستمرار في البناء في المستوطنات بدون التعليق على المسألة، أن "الفلسطينيين ملتزمون بالمبادرة الأمريكية".
في حين أكد عبد الله يوم الأحد، خلال لقاء مع رئيس البرلمان الأردني ورؤساء اللجان البرلمانية، على أهمية الدور الأمريكي في عملية السلام، وقال: "مستقبل القضية الفلسطينية على المحك والوصول إلى حل يزداد صعوبة"، مؤكدا أنه "لن يكون هناك أي اختراق في عملية السلام، إذا لم يكن هناك التزام أمريكي بدعم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية".
وزعم الموقع الإسرائيلي، أن الأردن "لعب دورا مركزيا في تهدئة التوترات، بعد إجراءات إسرائيل الأخيرة في مدينة القدس".
وتسبب وضع الاحتلال لبوابات إلكترونية على أبواب الأقصى ونصب كاميرات مراقبة ذكية، إلى توتر الأوضاع في القدس، وامتناع المقدسيين ومعهم العاملون في دائرة الأوقاف الإسلامية بالأقصى التي تتبع الحكومة الأردنية، من الدخول للأقصى والرباط حوله، حتى أجبرت "إسرائيل" على إزالة ما قامت به.
وفي هذا الشأن، اتفق العاهل الأردني ورئيس السلطة خلال لقائهما أمس، على " تشكيل خلية أزمة مشتركة تتواصل فيما بينها لتقييم المرحلة الماضية والدروس والعبر وتقييم أي تحديات قد نواجهها في المسجد الأقصى"، وفق ما أكده وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي، في حديثه لصحفيين عقب اللقاء، حيث قال: "جرى تقييم التجربة والتحضير لمرحلة قادمة نحن نتوقعها من قبل إسرائيل، ومن قبل شخص رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو".
عودة الحارس
وتعليقا على الزيارة، قال الخبير السياسي عبد الستار قاسم: "لا قيمة لأي أعمال يقوم بها هؤلاء
الحكام، لأن العاهل الأردني ورئيس السلطة، لا يملكان من أنفسهم أمرا".
وأوضح لـ"
عربي21"، أن التوتر الذي يجري الحديث عنه في مختلف وسائل الإعلام بين الجانبين الفلسطيني والأردني من جهة والاحتلال الإسرائيلي في الجهة الأخرى، هو "توتر إعلامي ظاهري".
ونوه قاسم، إلى أن "الحكام العرب ومن بينهم الملك عبدالله وعباس، خاضعون للإدارة الأمريكية التي لا تسمح بحدوث توتر بينهم وبين إسرائيل"، مؤكدا أن الزيارة "ما هي إلا نشاط علاقات عامة، لا تحمل أي فعل أو إرادة سياسية على الإطلاق، ولن يكون بمقدور الملك الأردني الذي سمح بعودة الحارس الإسرائيلي القاتل، أن يصنع شيئا".
وحول "خلية الأزمة" التي تم تشكيلها، أكد الخبير السياسي، أن هؤلاء الحكام "ليس بمقدورهم إقامة مثل تلك الخلايا، لأنهم يفتقدون القدرة على الحل أو حتى صناعة الأزمات"، مضيفا: "هم وكلاء وأدوات للذين يصنعون ويحلون الأزمات، والحديث عن خلية أزمة أمر مضحك للغاية"، وفق قوله.