تحاول
تونس، استغلال موقعها في القارة الأفريقية، للدخول في أسواق دول وسط وجنوب القارة، في محاولة للنهوض باقتصادها المتراجع منذ ثورة 2011.
وتسعى تونس إلى تنويع أسواقها الخارجية، وعدم الاقتصار على الشريك التقليدي الاتحاد الأوروبي، محاولة بذلك استغلال موقعها كبوابة للقارة السمراء.
وقدمت تونس مؤخرا، طلب الانضمام إلى مجموعة السوق المشتركة لشرق وجنوب
أفريقيا "
الكوميسا"، إضافة إلى فتح دبلوماسيات جديدة في دول أفريقية عدة.
يشار إلى أن عدد السفارات التونسية في قارة أفريقيا التي تضم 54 دولة بلغ 10 سفارات، بعد أن تم فتح سفارتين اثنتين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في كل من كينيا وبوركينافاسو.
وقال الاستشاري في الاستثمار محمد الصادق جبنون، إن "الاتحاد الأوروبي يبقى الشريك الأول لتونس بحكم العلاقات السياسية والاقتصادية والتاريخية، لكن لتونس بُعد أفريقي حقيقيا، باعتبارها من الدول الأولى الأعضاء في الاتحاد وعديد المنظمات الأفريقية الإقليمية".
وأوضح أن الانتشار التونسي في أفريقيا يبقى ضعيفا لعدة عوامل، على الرغم من وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار تعادل 450 مليون دولار لصالح تونس.
وتتمثل عوامل ضعف تونس، في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، إضافة إلى أن التغطية الجوية لأفريقيا تبقى ضعيفة، بحسب جبنون الذي يرى بأنه "لا بد من دعم تواجد الخطوط التونسية في الدول الأفريقية".
وأضاف: "العامل الثالث هو دفع البنوك التونسية لإحداث فروع لها في أفريقيا، خاصة أن المغرب يقوم بالاستحواذ على البنوك الأفريقية، وهو ما يسهّل الصادرات والمعاملات التجارية مع القارة".
واعتبر أن "السوق الأفريقية هي إحدى الحلول الممكنة للخروج من الأزمة الاقتصادية.. يوجد مليار مستهلك في القارة الأفريقية التي تتزاحم عليها الدول من كل العالم".
وتعقد تونس بالشراكة مع فرنسا ملتقى في تشرين الأول/ أكتوبر المقابل، بمشاركة أكثر من 1200 شخصية أفريقية، بهدف تعزيز الحضور التونسي في القارة.
وخلال ذات الشهر، تعقد السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا "الكوميسا" مؤتمرها، وتعلن خلاله دخول تونس للسوق.
وتعد الكوميسا، التي تسعى تونس للانضمام لها، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة، التي تغطي 19 بلداً من دول شرق إفريقيا، وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتجات الزراعية والصناعية والخدمات، بين الدول الأعضاء.
ويمكن لتونس تصدير منتجاتها في قطاعات، كالصناعات الغذائية وصناعة الأدوية ومواد البناء والإنشاء والصناعات الميكانيكية والكهربائية.
من جهته، اعتبر وزير التجارة السابق والخبير الاقتصادي محسن حسن أن "السوق الأفريقية تعتبر امتداداً للسوق التونسية".
وأوضح أن تونس يمكنها تنفيذ شراكات من خلال ثلاثة محاور، وهي دعم الاستثمارات التونسية في القارة، وأن تكون تونس قاعدة تصدير منتجات دول أخرى لإفريقيا مثل الصين، وتركيا، والاتحاد الأوروبي، وثالثا، تشجيع التصدير للبلدان الأفريقية.
وزاد: "الوضع يتطلب مضاعفة التمثيل الاقتصادي في القارة الأفريقية.. هناك جوانب أخرى نعاني تقصيراً فيها، مثل التبادل الثقافي واستقبال الطلبة الأفارقة، ونقص الزيارات السياسية بين تونس ودول القارة".
واعتبر مدير المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، حاتم بن سالم، أنّه لا مجال لدخول بلاده السوق الإفريقية من جديد دون تخطيط استشرافي "واضح الملامح".
وقال بن سالم، في تصريحات إعلامية، على هامش دورة تدريبية نظمها المعهد الأسبوع الماضي، إن بلاده "جادة في مساعيها لإعادة التوسع في أفريقيا، غير أنه من المستحيل مجابهة تحديات هذا التوجه دون إستراتيجية واضحة الملامح ومتعددة الجوانب".
وتعاني تونس في الوقت الحالي من تراجع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة عما كانت عليه قبل 2011، إضافة لاختلالات اقتصادية أخرى كضعف العملة المحلية وتراجع نسب النمو.
ونظمت تونس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، منتدى استثمار دولي لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وإعادة تنظيم الاقتصاد المحلي.
وتعمل تونس في الوقت الحالي، على إعداد إستراتيجية النفاذ للأسواق الإفريقية، بعد طلب دخولها للسوق المشتركة لغرب القارة "الكوميسا"، التي تضم 480 مليون نسمة، إضافة لخط بحري، إلى جانب 13 خطاً جوياً مباشراً لوجهات مع القارة السمراء.
ولا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع القارة السمراء نسبة 5 بالمائة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ 50 بالمائة مع دول أوروبا.