سياسة دولية

بالنيابة.. آرثر بلفور يعتذر لطفل فلسطيني

وعد بلفور تسبب في ظلم وسلب للحقوق ومعاناة لا تنتهي للفلسطينيين - مركز العودة
تقدم ممثل بريطاني بالاعتذار نيابة عن آرثر بلفور، لطفل فلسطيني ومن خلاله إلى باقي الشعب الفلسطيني عن كل الأذى الذي تسبب به هذا الوعد على مدار 100 عام.

وجاء اعتذار الممثل "تيم بارثولميو"، الممثل الذي أدى دور بلفور في الفيلم القصير بعنوان "طريق بلفور"، بمناسبة عرضه السبت أمام حشد كبير في قاعة الملكة إليزابيت وسط لندن ضمن فعاليات فلسطين إكسبو.

وتم عرض الفيلم للمرة الأولى وسط حشد كبير من الجمهور والمهتمين والمتضامنين مع فلسطين وبحضور الممثلين وفريق الإعداد والإشراف من طرف المركز وحملة الاعتذار وجهة الإنتاج، حيث لاقى تفاعلا كبيرا ونجاحا غير مسبوق في العرض الأول. 

وأطلق مركز العودة الفلسطيني الفيلم الذي جسد قصة وعد بلفور الذي منحه وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور" بالنيابة عن حكومته في ذلك الوقت لصالح إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين دون أي اعتبار لحق الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، وانعكاسات هذا الوعد وما تسبب به من ظلم وسلب للحقوق، ومعاناة متزايدة للفلسطينيين منذ ذلك الحين.

وتدور أحداث الفيلم حول قصة عائلة بريطانية تقوم الحكومة بطردها من منزلها بالقوة بهدف إيواء عائلة أخرى مشردة، حيث تجبر عائلة "جونز" على العيش في الحديقة الخلفية لمنزلها الذي تملكه ضمن كوخ ضيق ومحاصر وتحرم من الطعام والدواء، بينما تتمتع أسرة "سميث" الدخيلة بكامل المنزل ومحتوياته وتحت حراسة جنود مدججين بالسلاح، وتتزايد الاعتداءات على العائلة المالكة لسلبهم مزيدا من حقوقهم.

وجاء العرض في قاعة سانت جيمس ضمن قاعات مركز الملكة فيكتوريا الشهير وسط لندن، ضمن فعاليات حملة مطالبة بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور، وأقيم يومي السبت والأحد الماضيين بتنظيم من منظمة أصدقاء الأقصى البريطانية، وبدعم من مركز العودة الفلسطيني.
 
بارثولميو: يتوجب علينا إنقاذ الوضع

وعقد مركز العودة الفلسطيني ندوة أعقبت عرض الفيلم، تحدث فيها ممثلون عن المركز والحملة والشركة المنتجة للفيلم حول بدايات الفكرة وأهدافها والتحديات التي برزت خلال مراحل إعداد الفيلم المختلفة.

وعبر الممثل "تيم بارثولميو"، عن اعتزازه بالنجاح الذي لاقاه العرض الأول للفيلم وحجم التفاعل من طرف الجمهور. وحول دور بلفور ونتائج الوعد قال بارثولميو: "رغم أنني، كحال الكثير من البريطانيين، لم أعرف الكثير في السابق عن وعد بلفور، إلا أنني كنت مؤمنا أن هناك مسببات ودوافع خلف ما يجري في فلسطين من معاناة وظلم، أنا الآن أكثر إدراكا وفهما للحقيقة، ويتوجب علينا جميعا أن نفعل شيئا لإنقاذ الوضع". 

وقال مخرج الفيلم البريطاني من أصل فلسطيني "أنس الكرمي" إن سبب اختيار عائلات بريطانية لتجسيد الأدوار يهدف إلى تقريب الصورة أكثر من الشريحة المستهدفة وهي المجتمع البريطاني، وتقديم مشاهد من الواقع اليومي وانطلاقا من ذات البيئة حتى يسهل فهم المأساة. 

وكشف الكرمي أن "تصوير المشاهد الدرامية تم في منزل بريطاني تقليدي غرب مدينة لندن".

وقال الطفل هنري، والذي لعب دور "آدم جونز": "يجب أن يتمتع جميع الناس بالعدل والأمان ولا يمكن إخراج الناس من منازلهم دون وجه حق". 

من جهته، أكد "سامح حبيب" مسؤول قسم العلاقات العامة والاتصال في مركز العودة الفلسطيني أنه من الأساسي والملحّ أن نحصل على اعتذار من الحكومة البريطانية عن وعد بلفور، وينبني على هذا الاعتذار الكثير من الالتزامات السياسية والقانونية والأخلاقية وعلى رأسها حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي أخرجوا منها عنوة عام 1948م. 

واعتبر حبيب أن هذا الحق "جماعي وفردي وثابت ولا يمكن إسقاطه عبر التقادم الزمني بأي حال من الأحوال".

طريق بلفور

وجاء هذا الفيلم الذي يحمل عنوان "طريق بلفور" كجزء من فعاليات حملة مطالبة بريطانية بالاعتذار عن وعد بلفور، والتي تتبنى ضمن خطتها هدف توعية المجتمع البريطاني بالآثار الكارثية التي تسبب بها دور الحكومة البريطانية في منح وعد بلفور وقيام إسرائيل، وذلك لمزيد من الضغط على الحكومة بهدف تحصيل الاعتذار ومنع مراسم الاحتفال به في ذكراه المئوية وإعادة الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة على مدار مئة عام.

هذا وقد شارك في الإعداد والتنفيذ للفيلم نخبة من المختصين والخبراء، حيث قام بكتابة السيناريو "ريتشارد بير" الكاتب والمخرج البريطاني صاحب الفيديو المشهور "ثانية واحدة يوميا" والذي يحاكي حياة طفلة سورية في ظل الحرب ونال أكثر من 57 مليون مشاهدة عبر اليوتيوب. 

جدير بالذكر أن وعد بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها سنة 1917 رئيس وزراء بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

وحين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني لفلسطين.