اقتصاد عربي

هكذا يمكن لإسرائيل قانونا الحجز على ممتلكات مصرية في الخارج

مخاوف من سيناريوهات التصعيد الإسرائيلي ضد مصر بعد الحكم السويسري لصالح تل أبيب- أ ف ب
أثار الحكم الصادر أمس، من محكمة سويسرية، بتأكيد حكم دولي يقضي بإلزام مصر دفع ملياري دولار كتعويضات لشركة كهرباء إسرائيل، مخاوف في الأوساط الاقتصادية المصرية، من السيناريوهات التي قد تلجأ إليها خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري.

ورجح محللون اقتصاد أن تستخدم إسرائيل الحكم الدولي كورقة ضغط للتلاعب بالنظام المصري، وإملاء شروطها المجحفة سواء في إتمام صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، أو في اتخاذ إجراءات تصعيدية أخرى ضد مصر.

وقال مصدر مطلع، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، فضل عدم ذكر اسمه، إن من حق أي دولة أو مؤسسة أو شخص، حصل على حكم بالتعويض ضد حكومة دولة أخرى، أن يقوم بالحجز على أصول وممتلكات الدولة في الخارج.

وأضاف: "يحق لإسرائيل بعد تأكيد حكم التعويض ضد الحكومة المصرية أمس، الحجز على أصول مصرية مملوكة للدولة بالخارج، أو وضع يدها عليها بموجب القانون".

وتابع: "على سبيل المثال من حق إسرائيل قانونيا الآن أن تضع يدها على الجزر المصرية في اليونان، أو الحجز على أصول شركة أو بنك مملوك للدولة في الخارج، مثل البنك الأهلي، وشركة المقاولون العرب.. الخ".

وفي المقابل، قلل خبير في التحكيم الدولي من أهمية الحكم. وقال في تصريحات لـ"عربي21": "لو مصر بها خبراء في التحكيم الدولي لم يكن سيصدر حكم كهذا من الأساس".

اقرأ أيضا: محكمة دولية تؤكد حكما يلزم مصر بدفع ملياري دولار لإسرائيل

 وأكد مصدر مسؤول في وزارة البترول أن الحكم أصبح نهائيا وهو دولي وواجب التنفيذ، والحل الوحيد الآن هو المفاوضات بين مصر وإسرائيل لحل الأمر بشكل ودي، في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر.

وقالت وكالة بلومبرج الأمريكية، إن إسرائيل تسعى لتصدير الغاز حاليا، إلى القاهرة، لكن الحكومة المصرية، جمدت المحادثات، بعد الحكم السابق، وأكدت أن التعاقد الجديد سيشمل تسوية للقضايا العالقة.

ولم تكن هذه هي دعوى التحكيم الدولي الوحيدة ضد مصر، فقد بلغ عدد دعاوى التحكيم المرفوعة في مركز "أكسيد" للتحكيم، التابع لمجموعة البنك الدولي ضد الحكومة 7 دعاوى في قطاعات مختلفة منها الغاز الطبيعي والأسمدة وإدارة المخلفات والقطاع السياحي، وكان من بينها دعوى شركة الكهرباء الإسرائيلية التي حصلت أمس على حكم نهائي بإلزام مصر دفع ملياري دولار.

 وكشفت الوكالة الأمريكية، في وقت سابق، عن أن الشركتين اللتين تديران حقل الغاز الإسرائيلي "تمار" تجري التفاوض حول إسقاط قضية تحكيم دولي ضد مصر، مقابل تعزيز كميات الغاز التي سيتم بيعها لشركة "يونيون فينوسا" الإسبانية، التي تملك 80% من محطة الغاز المسال في مدينة دمياط، بينما تمتلك شركات حكومية مصرية بقية النسبة.

وكشفت مصادر إعلامية مصرية، في آذار/مارس الماضي، عن أن مجموعة الشركات المالكة لحقل الغاز الإسرائيلي "تمار"، وقعت صفقة مع شركة "دولفينز" للغاز الطبيعي المصرية، وصفت بأنها الأكبر، وتمتد لـ15 عاما، لتوريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر بقيمة قد تصل إلى 20 مليار دولار، أعلى 60% من سعره العالمي، في حين كانت إسرائيل تستورد الغاز المصري في عهد المخلوع حسني مبارك، بأقل من عشر سعره العالمي.

اقرأ أيضا: باعه مبارك بثمن بخس.. بكم اشترى السيسي الغاز من إسرائيل؟

وكانت صحيفة المصري اليوم المصرية، قد نشرت تقريرا قالت فيه إن شركتي "بريتيش غاز" البريطانية و"يونيون فينوسا" الإسبانية تتفاوضان بالفعل مع سلطات تل أبيب لاستيراد الغاز الطبيعي من حقل "تمار" الإسرائيلي "وتسييله في محطتي الإسالة التابعة للشركتين في إدكو ودمياط للوفاء بالتزاماتهما التصديرية"، بمقابل تعهد الشركة الإسبانية بوقف دعوى قضائية تنوي رفعها بالمحاكم الدولية لتحميل مصر الخسائر الناجمة عن توقف مصنعها في دمياط.

وأعلنت "شركة كهرباء إسرائيل" في بيان لها أمس – بحسب رويترز- أن محكمة سويسرية رفضت طعنا تقدمت به الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) والهيئة المصرية العامة للبترول، كانت محكمة أخرى ألزمتهما بدفع ملياري دولار تعويضا للشركة الإسرائيلية. 

وحصلت الشركة الإسرائيلية، في كانون الأول/ديسمبر 2015، على حكم هيئة تحكيم دولي يلزم مصر، بدفع 1.76 مليار دولار لشركة الكهرباء، تعويضا لها عن وقف إمدادات الغاز. 

اقرأ أيضا: شكوى دولية ضد مصر تطالب بـ 8 مليارات دولار تعويضات

وتعرض خط الغاز الواصل بين مصر وإسرائيل، منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، لتفجيرات عديدة، بواسطة مجهولين.

وأكد السفير إبراهيم يسري، أن أصل القضية هي أن مصر ليس لديها خبراء في التحكيم الدولي، وتاريخها في التحكيم الدولي سيء، لافتا إلى أنها ترسل محامين جنائيين للترافع في الدعاوى الدولية، مثلما حدث في إحدى الدعاوى الدولية المرفوعة ضد الهيئة العربية للتصنيع التابعة للقوات المسلحة المصرية.

وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "لو وزارة البترول المصرية - اللي طعنت على الحكم- عندها حد بيفهم في التحكيم الدولي مكنش الكلام الفارغ ده حصل"، موضحا أن مصر غير ملزمة بدفع أي مليم، وأن الحكم باطل وغير قانوني ولا توجد إجراءات دولية تلزم مصر بالتنفيذ.

وتابع: "اشتغلت 60 سنة في التحكيم الدولي، ولم ترسل مصر مدافعين مؤهلين للتحكيم الدولي إلا في حالة واحدة فقط، وهي قضية طابا، وتشرفت بالعمل في هذه القضية".

وحول الإجراءات القانونية المتوقع أن تتخذها إسرائيل لتنفيذ الحكم، قال يسري: "تبله وتشرب ميته"، ونحن نسميه في القانون الدولي "منعدما"، لافتا إلى أن تنفيذ الأحكام الدولية تتطلب إجراءات دولية معقدة.

واستطرد: "إسرائيل لا تستطيع أن تجبرنا على شيء، ولكن نحن من نطاطي رؤوسنا لإسرائيل في إطار مخطط خفي لسياسة مصر الخارجية يجعل من إسرائيل صديقا وليست عدوا، ويشوه العقيدة القتالية للجيش المصري".
 
اقرأ أيضا: السماح لشركات خاصة باستيراد غاز إسرائيلي لمصر

ومن ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أن تأييد حكم التعويض ضد مصر، لن يكون له أي تأثير على الاقتصاد المصري على الإطلاق، لافتا إلى أن الأحكام الدولية عامة تأتي في العادة لإصلاح خلل تسببت فيه أنظمة فاسدة.

وفيما يتعلق بإمكانية أن تلجأ إسرائيل إلى الحجز على أصول شركات وبنوك مصرية في الخارج بموجب القانون الدولي، قال الخبير الاقتصادي في تصريحات لـ"عربي21": "إن قانون البنك المركزي ينص على أن أموال البنك المركزي هي أموال خاصة لا يجوز الحجز عليها".

وتابع: "لكن هذا القانون ينطبق على المصري فقط، في حالة حصوله على حكم تعويض ضد الحكومة، أما في حالة حصول الأجنبي على حكم تعويض ضد الحكومة فلا ينطبق عليه قانون البنك المركزي، ولا يكون القانون المحلي ملزما له".