كتاب عربي 21

لبنان في عنق الزجاجة: خمسة عشرة يوما حاسمة؟

1300x600
يواجه لبنان في هذه الأيام مرحلة دقيقة وحساسة ستمتد حتى الخامس عشر من شهر أيار (مايو) المقبل، وهو موعد جلسة مجلس النواب اللبناني والتي ستقرر إما إقرار قانون جديد للانتخابات أو التمديد للمجلس الحالي، أو العودة لقانون الستين المعدل (وهو قانون الانتخابات المقر في العام 1960 والذي تم تعديله في الدوحة عام 2008)، وإذا لم يحصل أي من هذه الاحتمالات فإننا ذاهبون إلى الفراغ أو إلى صراع سياسي وشعبي مفتوح قد يعيد البلاد إلى أجواء الحرب الأهلية والتي امتدت من العام 1975 إلى العام 1989 وانتهت باتفاق الطائف في السعودية.

وقد أوضح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤخرا أمام وفد نقابة المحامين اللبنانيين أنه "إذا تخلى اللبنانيون عن حقهم في انتخاب ممثليهم في مجلس النواب نصبح في نظام ديكتاتوري". وأكد أنه "لن نقبل بأن يمدد هذا المجلس لنفسه ولن يحصل فراغ". وسأل: "إذا كان الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية فمتى يمارس هذا الحق؟". 

وشدد الرئيس عون على أنه "عليّ واجب تجاه شباب لبنان لأن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه الآن". واعتبر أنه "لا يمكن لأي فريق أن يتحجج بخصوصية طائفته لأن كل الطوائف في لبنان لها خصوصيتها".

هذه التصريحات لرئيس الجمهورية اللبناني، تؤكد أنه لن يسمح للتمديد للمجلس النيابي وأنه يضغط لإقرار قانون جديد للانتخابات، وأنه لن يأخذ بالضرورة بعين الاعتبار مطالب بعض الأطراف السياسية الذين يعلنون أنهم يدافعون عن مصالح طوائفهم، وقد يشير بذلك إلى الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أو أطراف سياسية أخرى.

وفي مقابل مواقف الرئيس العماد ميشال عون، فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤكد، مدعوما من حزب الله وتيار المستقبل والحزب التقدي الاشتراكي وأطراف أخرى، أنه لن يسمح لحصول فراغ في البلاد وأنه في حال لم يتم إقرار قانون جديد للانتخابات، فإن التمديد للمجلس النيابي الحالي يصبح هو الخيار الأولى.

وكانت بعض الأحزاب ذات الغالبية المسيحية (كالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب) وأطراف أخرى كالحزب الشيوعي اللبناني وأحزاب ومؤسسات من المجتمع المدني، قد هددت يوم 13 نيسان (أبريل) بأنه لو تم اقرار التمديد للمجلس النيابي، فإنها ستذهب إلى مواجهة مفتوحة مع القوى المؤيدة للتمديد، وقد عاشت البلاد في ليلة 13 نيسان (ابريل) أجواء العودة للحرب الأهلية والتي اندلعت في التاريخ نفسه قبل 42 سنة، وكانت أسباب الحرب: الصراع من أجل الإصلاح السياسي والخلاف حول الموقف من القضية الفلسطينية.

واليوم يعيش لبنان في عنق الزجاجة، وإذا لم يتم حسم الأمور وإقرار قانون جديد للانتخابات خلال الخمسة عشر يوما المقبلة وقبل جلسة المجلس النيابي في 15 أيار (مايو)، فإن كل الاحتمالات متوقعة من تصعيد سياسي وشعبي وأمني، ما قد يدفع البلاد نحو أجواء التوتر في ظل تأكيد بعض الأطراف السياسية وفي مقدمهم التيار الوطني الحر أنهم يحضرون لتحركات شعبية وميدانية ضد التمديد للمجلس النيابي.

ومع أن هناك مقولة تترد في بعض الأوساط السياسية اللبنانية بأنه من غير المسموح دوليا وإقليميا وداخليا بأن تتدهور الاوضاع في لبنان وأن لا مصلحة لأحد بعودة أجواء الحرب الأهلية مرة أخرى، في ظل ما يجري من أوضاع صعبة في دول المنطقة ولا سيما في سوريا وفي ظل وجود حوالي مليون ونصف لاجئ سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فإن ذلك لا يعني أن الأوضاع قد تظل تحت السيطرة، فأجواء التعبئة السياسية والإعلامية والشعبية مستمرة، وكل طرف سياسي أو حزبي يصوّر ما يجري بأنه يمس مستقبله ووجوده ووجود الطائفة التي يمثلها.

فهل سيستطيع اللبنانيون إنقاذ وطنهم من عنق الزجاجة ويقرون قانونا جديدا وعصريا ومتطورا للانتخابات؟ أم أننا ذاهبون إلى صراع سياسي وشعبي مفتوح؟

الخمسة عشرة يوما المقبلة هي التي ستحدد مستقبل لبنان والأفق القادم.